أبدى ناشطون سياسيون في الجزائر تمسكاً بالاطلاع على نتائج التحقيق، الذي أمرت به قيادة الجيش بخصوص أسباب تحطم الطائرة «إليوشين 76» الحربية، صباح الأربعاء الماضي، الذي خلف 257 قتيلاً.
ووصل أمس إلى الجزائر فريق من الفنيين في الصناعة الحربية الروسية لإجراء خبرة على الطائرة، التي اشترتها الجزائر من الاتحاد السوفياتي سابقاً نهاية سبعينات القرن الماضي.
وليس من عادة الجيش الجزائري أن يعلن للرأي العام عن ملابسات الأحداث والقضايا التي تخصه. فقد قتل في الـ20 سنة الماضية العشرات من الأشخاص في كوارث جوية وفي حوادث متفرقة تخص الجيش، دون أن تعرف ملابساتها وأسبابها. وتتعامل القيادة العسكرية مع هذه القضايا على أنها من «أسرار الدفاع».
يشار إلى أن 77 عسكرياً قتلوا في تحطم طائرة بشرق البلاد، في 11 من فبراير (شباط) 2014، وإلى اليوم لا يعرف شيء عن نتائج التحقيق، أو إن كانت عائلات الضحايا قد حصلت على تعويض.
ووصل أمس إلى الجزائر وفد من الصناعة الحربية الروسية، يتكون من 5 فنيين، وتنقل في المساء إلى مكان تحطم الطائرة لإخضاع عينات من الشظايا لخبرة، وذلك بغية تحديد مدى صلاحية الطائرة، التي قدر مختصون نهاية مدة خدمتها في 2023.
وتعالت أصوات تطالب باستقالة قائد القوات الجوية، الذي يوجد في هذا المنصب منذ 2006، إذ شهد سلاح الجو في عهده عدة كوارث تسببت في مقتل العشرات من العساكر. كما تعالت أصوات تدعو رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع، الفريق أحمد قايد صالح، إلى عقد مؤتمر صحافي لتوضيح ماذا جرى بالضبط يوم الأربعاء صباحاً.
وإضافة إلى هذه المطالب، طرحت أمس أسئلة كثيرة في وسائل الإعلام حول «رداءة العتاد العسكري»، وعن سبب تعطل المحركات الأربعة لطائرة «إليوشين» بعد 20 دقيقة من إقلاعها، وأيضاً عن وجود مدنيين بالطائرة التي يفترض أنها تنقل عسكريين فقط.
كما طرحت تساؤلات عن «الحرج» الذي سببه جمال ولد عباس، أمين عام «جبهة التحرير الوطني»، للحكومة عندما أعلن بعد ساعة من الحادثة عن وجود 26 عضواً من «بوليساريو» ضمن قتلى الطائرة، بينما كان يفترض - بحسب منتقديه - أن يترك ذلك للمتحدثين باسم الجيش.
وإضافة إلى هذه التساؤلات، طرحت أيضاً - وبشكل أكثر حدة - تساؤلات حول سبب عدم تنقل رئيس الوزراء أحمد أويحيى إلى مكان الحادثة، وفسر مراقبون ذلك بوجود «رغبة لدى قيادة الجيش في إبعاد المسؤولين المدنيين عن كل ما يتعلق بالحادثة، وحرصهم على إبقائها شأناً عسكرياً».
يشار إلى أن وزير النقل لم يزر أيضاً بوفاريك، حيث تحطمت الطائرة، على الرغم من أنها ارتطمت في مكان مدني قريب من تجمع سكني، كما لم يشاهد وزير الصحة هو الآخر في موقع الحادث.
وبثت فضائيات خاصة صور لمالك مزرعة أصيب بشظايا الطائرة التي تحطمت بالقرب من حقله. واشتكى المزارع من آلام في عموده الفقري، وانتقد السلطات التي تركته - كما قال - يعالج بأدوية تقليدية داخل منزله، بدل التكفل بحالته بالمستشفى، مع الجرحى العشرة الذين نجوا من الكارثة.
وكتبت الطبيبة المشهورة أميرة بوراوي، المعروفة بمعارضتها الشديدة للسلطات، في حسابها على «فيسبوك»: «التعازي ليست لك يا قائد الجيش. أنت من ينبغي أن يحاسب على ما جرى. ولكن من قائد الجيش؟ هل هو عبد العزيز بوتفليقة (القائد الأعلى للقوات المسلحة بحسب الدستور) أم قايد صالح (رئيس أركان الجيش)؟ من فيهما يستطيع الحديث، فيفسر لنا لماذا مات كل هؤلاء (العساكر) وهم في عمر الزهور؟ نريد أجوبة عن أسئلة كثيرة. من فضلكم، تحدثوا إلى الشعب.. مطلبنا اللحظة أن يتحدث أحدكما».
وتساءل ناشط سياسي بنبرة تذمر، فقال: «هل يُعقل ألا يتحدث رئيس الوزراء، ولا نائب وزير الدفاع، مع الشعب في مؤتمر صحافي مباشرة بعد هذه المحنة؟ هل من تفسير؟»، فيما قال ناشط آخر: «في الكوارث الإنسانية، يستعمل الإعلام عندنا عبارة شهداء لدغدغة مشاعر الناس، ولإسكاتهم عن المطالبة بحقوق ذويهم، ومعرفة في أية ظروف قضوا، ومن المسؤول عما لحق بهم».
جزائريون يطالبون الجيش بتوضيح «الأسباب الحقيقية» لتحطم الطائرة العسكرية
جزائريون يطالبون الجيش بتوضيح «الأسباب الحقيقية» لتحطم الطائرة العسكرية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة