دمج الأحزاب المصرية... تحت المجهر

دعوات متكرّرة تثير أسئلة عن الجدوى

دمج الأحزاب المصرية... تحت المجهر
TT

دمج الأحزاب المصرية... تحت المجهر

دمج الأحزاب المصرية... تحت المجهر

قضية قديمة متجددة عادت لتأخذ مساحة أكثر اتساعاً على ساحة المناقشات في مصر أخيراً، وتمثلت في الدعوات لدمج قرابة 100 حزب سياسي في كيانات أقل عدداً وأكبر تأثيراً، وزاد من انتشار ذلك الاتجاه في الأوساط المختلفة، أنه جاء مواكباً لمشروع قانون تقدم به نائب في البرلمان لـ«إلزام الأحزاب غير المؤثرة بالاندماج مع غيرها». لقد اكتسبت الدعوات إلى الدمج زخماً إضافياً خلال الشهور القليلة الماضية، مدفوعة بتصريح أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسي، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لدى مشاركته في فعاليات «منتدى شباب العالم»، أعرب فيه عن تطلعه لتبنى وسائل الإعلام الدعوة لدمج «100 حزب في 10 أو 15 حزباً ليقووا، وتقوى الأحزاب السياسية».
وعاد الرئيس المصري ليكرّر دعوته، الشهر الماضي، وإن في سياق مختلف، إذ أبدى ضيقاً من امتناع الأحزاب عن تقديم مرشحين في الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد خلال مارس (آذار) الماضي، وكانت شبه محسومة، وفاز بها بسهولة.
قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في معرض رده على المنتقدين لضعف التنافسية في الانتخابات الرئاسية الأخيرة إن «تلك المسألة لا ذنب لي فيها، وكنت أتمنى وجود أكثر من منافس، لكننا غير جاهزين، ونحن نقول إن هناك 100 حزب، إذن فليقدموا مرشحين».
وعلى الرغم من أن حديث السيسي - في المرة الثانية - يُمكن فهمه في سياقه الزمني والسياسي، المرتبط بالرغبة في وجود أكثر من مرشح يخوضون الانتخابات الرئاسية أمامه، فإن ائتلاف «دعم مصر» (صاحب الغالبية البرلمانية) في مجلس النواب، بدأ في أعقاب الانتخابات الرئاسية الإعلان عن اتجاه لدراسة مسألة «التحول إلى حزب سياسي».
«نحتاج من 7 إلى 10 أحزاب فقط في مصر»، وفق ما يعتقد النائب البرلماني، أحمد رفعت، الذي أكد نيته التقدم بمشروع قانون «يلزم بدمج الأحزاب غير المؤثرة، ومن لا يلزم بالدمج، فإن العقوبة المتمثلة في قرار حل الحزب ستكون في انتظاره»، وفي رأي النائب نفسه فإن «مصر تعاني من كثرة الأحزاب التي تعطل تطور الحياة السياسية في البلاد».
إلا أن «العيب المعطل»، من وجهة نظر النائب البرلماني، لا يمثل المعنى ذاته لدى رئيس حزب التجمع «اليساري» وعضو مجلس النواب سيد عبد العال، الذي لا يرى أن هناك حاجة لدمج الأحزاب، بل إنه قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ليست في عدد الأحزاب قطعاً، فهناك المئات منها تعمل في دول تحظى بالتعددية السلمية، المشكلة بحالتنا تظهر في العوائق أمام نشاطها، مثل حظر النشاط السياسي في الجامعات والأندية الشبابية».
- تقييم إيجابي
وبين اعتبار الدمج ضرورة لتجاوز «أزمة زيادة عدد الأحزاب»، والنظر إلى «عدم جدوى» الخطوة، يصف الدكتور عمرو هاشم ربيع، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وخبير النظم السياسية والبرلمانية، في لقاء مع «الشرق الأوسط» المشهد الحزبي الراهن في مصر، بالقول إن نظرة إلى الفترة المواكبة لزيادة الأحزاب الكبيرة في أعقاب «ثورة 25 يناير» يمكن تقييمها بشكل إيجابي، خصوصاً أن تلك الحقبة أعقبت 30 سنة من حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي كانت تحصل فيه كثير من الأحزاب على ترخيص عملها بموجب أحكام قضائية، الأمر الذي يمثل عائقاً.
ومع إشادة هاشم ربيع بسهولة تأسيس الأحزاب في أعقاب «ثورة يناير»، فإنه، ينبه إلى أن المعنى من وراء ذلك لم يعد مناسباً بعد نحو 7 سنوات، إذ «كان يُفترض أن تنضج الحياة الحزبية، وتتضح معالم التوافق والاختلاف بين الأحزاب، وبالتالي تتبلور كتل معبرة عن التيارات السياسية الرئيسية التي تدور في مجملها بين اليمين واليسار والوسط والتيار الإسلامي». وهنا تجدر الإشارة إلى أن القانون في مصر يُلزم وكلاء مؤسسي الحزب بجمع «توقيعات 5000 عضو من عشرة محافظات على الأقل، وبما لا يقل عن 300 عضو من كل محافظة»، حتى يتمكنوا من مزاولة نشاطهم بشكل قانوني تقره لجنة شؤون الأحزاب ذات الطابع القضائي.
- تجربة واقعية
ولا تعرف الحياة الحزبية الممتدة على مدار 40 سنة تقريباً، وقائع مؤسسة يمكن التوقف أمامها في مجال الدمج بين الأحزاب. خلال السنوات القليلة الماضية، تظهر تجربة دمج حزبي «الجبهة الديمقراطية»، و«المصريين الأحرار»، التي أقرتها قيادات الحزبين عام 2013، واستقْبلت آنذاك بترحيب واسع في الأوساط السياسية، لكن النهايات لم تبد متوافقة مع البدايات.
أحد صُنّاع وشهود عيان تجربة الدمج الوحيدة تقريباً بين الأحزاب في مصر، وهو أسامة الغزالي حرب، المفكّر السياسي ووكيل مؤسسي حزب «الجبهة الديمقراطية»، يُحمّل ما وصفه بـ«تدخلات بعض أجهزة الدولة في الحياة السياسية والحزبية» المسؤولية عن إخفاق تجربة الدمج بين «الجبهة الديمقراطية»، و«المصريين الأحرار»، ويضع شرط «وقف التدخلات كنقطة أساسية لإنجاح التجربة الحزبية».
وتختلف الأفكار والأسماء التي تنضوي تحتها الأحزاب المصرية، غير أن ممثلي بعضها ممن تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» توافقوا مع تباين مشاربهم على أنه «لا يمكن أن يحدث الدمج وفق قرار ملزم، ويجب أن يكون نابعاً من أعضاء الأحزاب»، ومن هؤلاء رئيس حزب «المؤتمر» عمر المختار صميدة، الذي يقول إن «الحياة الحزبية والسياسية مسألة تراكمية تحتاج إلى الوقت»، ويواصل: «الأحزاب لا تُصنع، فهي في حالتها الطبيعية تقوم على أفكار، ولا يمكن أن تتدخل الدولة لتصنعها». ويتفق المتحدث الرسمي لحزب «مستقبل وطن» أحمد الشاعر، مع الرأي السابق، ويقول إن «دعوة الدمج إيجابية، لكن يصعب تحقيقها»، ويعد الغزالي حرب الحديث عن الدمج بالإلزام بأنه «لا علاقة له بالسياسة، والأفضل أن تدمج الأحزاب نفسها بنفسها».
- الفصل المطلوب كأساس
ويضع هاشم ربيع، مسار «الفصل بين المكانة المعنوية السياسية والسلطة التنفيذية التشريعية» أساساً يجب تبينه من قبل السلطة في مصر، إذ يشير إلى تجنب «طريقة إقرار مشروع قانون يعتمد إلزام الأحزاب بالدمج، فيما يمكن أن يشبه «الوصاية والتدخل على قرارات هي بالدرجة الأولى سياسية ويجب أن تكون حرة». ويلفت إلى أن عصب «تحفيز السياسة في مصر، تمثله الأحزاب، وبالتالي يجب أن يكون المستهدف تنشيطها».
وللعلم، في برلمان مصر، الذي يضم أكثر من 590 نائباً، لا تبدو الكتل البرلمانية المُمثلة للأحزاب معبّرة عن الصورة الذهنية الراسخة لدى جمهور السياسية في البلاد. إذ يتمثل حزب «التجمع» أقدم الأحزاب في البلاد بنائبين برلمانيين فقط، وتضم الهيئة البرلمانية لحزب «مصر الديمقراطي الاجتماعي» 4 مقاعد رغم أن اثنين من قياداته توليا مناصب رفيعة في الدولة (زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء الأسبق، وحازم الببلاوي رئيس الوزراء الأسبق) في أعقاب «ثورة 30 يناير». ومن ناحية أخرى، بينما يملك حزب «الوفد» الليبرالي، صاحب التاريخ الحزبي الطويل، 36 مقعداً في البرلمان، يبدو لافتاً أن حزب «المصريين الأحرار» صاحب الأكثرية الحزبية البرلمانية يمثله 65 نائباً، وكذلك حزب «مستقبل وطن» لديه 53 مقعداً، مع أن الحزبين الأخيرين أُسِّسا في عامي 2011، و2015 على الترتيب. ومع الأخذ في الاعتبار أن أعضاء الكتل البرلمانية الحزبية تم انتخابهم ضمن قائمة مرشحين لم تعبر بوضوح عن برامج أحزابهم، فإن الأكثر لفتاً للانتباه أن المستقلين يمثلون أكثر من نصف أعضاء البرلمان.
- إجراءات عملية
إن الكلام عن دمج الأحزاب، رغم استقباله «إيجابياً» من قبل ممثليها في بادئ الأمر، فهو عند طرحه واقعياً يصطدم بعدة أمور، أولها أن القانون يحظر على أعضاء مجلس النواب تغيير صفاتهم الحزبية بعد انتخابهم، الأمر الذي يصعب معه اندماج أحزاب ممثلة في البرلمان، وإلا فإنها تكون قد غامرت بكتلتها البرلمانية وهي «درة التاج» بالنسبة لأي حزب. وبناءً عليه، لن يتبقى إلا الأحزاب غير الممثلة في مجلس النواب، على الأقل حتى نهاية الدورة البرلمانية المقرر في عام 2021.
«كثير من الأحزاب لن تتخلى عن اسمها بسبب مكاسبها البرلمانية، أو الوضع الاجتماعي الذي اكتسبه قادتها» بحسب ما يتوقع رئيس حزب «المؤتمر» عمر صميدة. ويشارك في الرأي السابق أحمد الشاعر، المتحدث باسم حزب «مستقبل وطن»، الذي يعتبر أن «دعوة الدمج لا تتصل بالأحزاب والكيانات القوية الكبرى، الممثلة بالفعل في البرلمان، ولها بصمة على أرض الواقع، ونحن من بينهم». ووفق الشاعر فإن «الكرة في ملعب الأحزاب الضعيفة التي يجب عليها السعي لتقوية موقفها، أما الكتل والكيانات القوية فهي غير معنية بالأمر». وبشأن المعايير التي يعتقد أنها أساس لتقييم فاعلية الحزب، يقول الشاعر إنها تتضمن «الكتلة البرلمانية، وأعداد الأعضاء، وتوزيع المقرات في محافظات مختلفة».
ومع الإقرار بوجود أحزاب «كارتونية غير فعالة» بحسب وصف الغزالي حرب، يبدي رئيس «التجمع» موافقة على إحكام الرقابة على «لائحة عمل الأحزاب، ومعاقبة كل الكيانات التي لا تلتزم بتطبيق لائحتها الداخلية وما تتضمنه من تداول المناصب، وإجراء انتخابات دورية، وعقد مؤتمرات عامة بحضور كل الأعضاء، ويكون معيار المحاسبة هو اللائحة التي تقدم بها المؤسسون عند طلبهم الموافقة على تأسيس الحزب». ويُقرّ صميدة بأنه «لا يمكن منع الأحزاب الضعيفة من الوجود، وزيادة عددها لا يجب أن يكون هاجساً». ومع ذلك يؤيد «مزيداً من إجراءات الرقابة على نشاط الأحزاب وتجميد غير الملتزمين بتفعيل أنشطتها».
- ما العوائق؟
«الدمج بالإلزام» إذن لا يبدو مقنعاً لممثلي الأحزاب المختلفة الذين تحدثت معهم «الشرق الأوسط»، فما العوائق التي تحول دون فاعلية الأحزاب إذا لم تكن المشكلة في تشابه برامجها وتعدد كياناتها؟
يعد الدكتور هاشم ربيع أن «النظام الانتخابي بالقائمة المُطلقة، بمثابة الكارثة التي تحيط بالعمل الحزبي»، ويشرح أنها «تعتمد على إنجاح القائمة الكاملة للمرشحين الذي ينالون نسبة الأغلبية من أصوات الناخبين»، بينما تتضمن نسبة «القائمة النسبية» التي يتبنى ربيع الدعوة لها مسألة أن يتم إنجاح مرشحين عن القوائم المختلفة الممثلة لتيارات وتوجهات تتساوى مع معدلات ما حصلوا عليه من نسبة أصوات الناخبين، وبالتالي يكون نواب البرلمان معبرين عن الأوزان النسبية المختلفة لتياراتهم، دون إهدار أو إقصاء لبقية الأحزاب.
وغير بعيد عن العائق السابق، ينتقد رئيس حزب «التجمع» مشكلة «الحظر المفروض على الأحزاب بضرورة عدم ممارسة أنشطة تمكنها من تمويل عملها، فضلاً عن العقبات المتعلقة بحظر النشاط السياسي في المصانع والجهات والمؤسسات المختلفة، الأمر الذي يتقلص معه جمهور الأحزاب في مصر». ورغم تأكيده على أن ثمة عوائق أخرى تعرقل عمل الأحزاب في مصر وتقلل من جدواها ومنها فرض حالة الطوارئ واستمرار العمل بقانون «التظاهر»، فإنه يعتبر أنه الأهم هو «تهيئة البنية القانونية والتشريعية، من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية، لتمكين الأحزاب من العمل عن طريق تعديل قوانين الانتخابات وآلياتها بما يساعد على تمثيلها بشكل واقعي ودون تدخلات».
ولفت هاشم ربيع إلى «منهج غير صحي سياسياً يعتمد تحفيز وإبراز الكيانات الاجتماعية وليس السياسية»، ضارباً المثال بحالة «الاحتفاء التي يقدم عليها بعض المسؤولين عند الحديث عن وجود نسبة كبيرة من السيدات أو الشباب أو أصحاب الاحتياجات الخاصة ضمن أعضاء مجلس النواب، وكذلك تنظيم مؤتمرات لفئات الشباب والمرأة والأسرة المصرية»، في حين أن «الأجدى» - وفق رأي هاشم ربيع - أن يكون المستهدف من الفعاليات الحكومية والرئاسية «تحفيز الكيانات الحزبية في إطار سياسي، باعتبارها معبرة عن توجهات فكرية عامة وواسعة، وليس فئات اجتماعية بعينها».
- من الأحكام إلى الإخطار... هكذا تطوّرت أحزاب مصر؟
> جاء ظهور الأحزاب في مصر نتيجة لتأسيس أول مجلس نيابي في البلاد (مجلس شورى النواب) في عام 1866 وفي عهد الخديوي إسماعيل، إذ كانت هناك تجربة مبكرة أقدم عليها أنصار الزعيم المصري أحمد عرابي، الذين أقدموا في عام 1879 على إنشاء كيان أطلقوا عليه اسم «الحزب الوطني»، غير أن هذا التجربة لم يُكتَب لها النجاح بفعل تعرض مصر للاحتلال الإنجليزي عام 1882.
وتحت وطأة الاحتلال، وبداية من عام 1907، تدافعت القوى السياسية المختلفة في اتجاه النضال الوطني عن طريق الكيانات الحزبية، فظهرت أحزاب، منها الأمة، والجمهوري المصري، والإصلاح الدستوري، والأحرار، ثم عاد الحزب الوطني للظهور مرة أخرى على يد السياسي المصري مصطفى كامل.
لقد شكلت «ثورة 1919» الدفعة القوية لحزب الوفد ليأخذ موقعة ككيان جماهيري واسع الانتشار، لكن السنوات التالية لها شهد انشقاقات علية تكوّنت على أثرها أحزاب مثل «الحزب السعدي» و«الكتلة الوفدية» و«الأحرار الدستوريين».
أصحاب الاتجاهات الاشتراكية كانوا كذلك أصحاب حضور في المشهد الحزبي المصري، وكان منها أحزاب «مصر الفتاة» و«الشيوعي المصري»، وكان ذلك في الفترة من منتصف الثلاثينات وحتى أواخر الأربعينات.
ومع قيام «ثورة 23 يوليو 1952» التي أنهت النظام الملكي في مصر، قرّرت قيادتها حل الأحزاب القائمة وحظر تكوين كيانات جديدة، ثم ظهرت تنظيمات سياسية رسمية في مراحل مختلفة منها «الاتحاد القومي» و«الاتحاد الاشتراكي العربي» و«هيئة التحرير».
ظلت الأحزاب محظورة لنحو 25 سنة، إلى أن عادت مرة أخرى لتظهر بقرار رسمي أصدره الرئيس الراحل أنور السادات بعودتها، على مرحلتين أولهما تجربة المنابر داخل «الاتحاد الاشتراكي العربي» التي تعبّر عن اليمين واليسار والوسط، وكان ذلك عام 1976. وسريعاً ما تقرر تأسيس أحزاب منها «مصر العربي الاشتراكي»، الذي أصبح «الوطني الديمقراطي» وترأسه السادات، وكذلك حزب «التجمع الوطني التقدمي» و«الأحرار الاشتراكيين» و«العمل» و«الوفد الجديد»، لكن الأخير لم يعمل طويلاً وتقرر تجميده لفترة، ثم عاد للعمل في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك.
تنوّعت طرق الحصول على تصريح عمل الأحزاب بين طريقين في عهد مبارك، أولهما قرارات رسمية من لجان شؤون الأحزاب والتي وافقت على تأسيس أحزاب منها «الوفاق القومي» عام 2000، و«الغد» 2004، و«الجبهة الديمقراطية» 2007. أما الطريق الثاني فكان محوره ساحات القضاء، حيث تمكن 11 حزباً من نيل أحكام قضائية بالعمل، رغم رفض لجنة الأحزاب، ومنها «الأمة» 1983، و«مصر الفتاة» عام 1990، و«العربي الناصري» 1992، و«التكافل» 1995، و«شباب مصر» 2005.
لقد كانت «ثورة 25 يناير 2011» بمثابة المتغير الجوهري، الذي دفع «المجلس الأعلى للقوات المسلحة» إلى إصدار مرسوم بقانون فتح الباب أمام تسهيل تأسيس الأحزاب لتصبح بالإخطار بدلاً من انتظار الحصول على تصريح. وكان من بين أبرز الشروط التي لا تزال قائمة «أن يوقع على إخطار قيام وتأسيس الحزب 5000 عضو مؤسس من عشرة محافظات على الأقل، بما لا يقل عن 300 عضو من كل محافظة»، وإلغاء الدعم المادي الذي كانت تقدمه الدولة لتدعيم الأحزاب.



تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
TT

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)

ذكرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم (الجمعة)، أن سفينة على بعد 15 ميلاً بحرياً غربي اليمن أبلغت عن تبادل لإطلاق النار بعد رصدها نحو 15 قارباً صغيراً على مقربة منها.

وأضافت السفينة أنها لا تزال في حالة تأهب قصوى وأن القوارب غادرت الموقع.

وأفاد ربان السفينة بأن الطاقم بخير، وأنها تواصل رحلتها إلى ميناء التوقف التالي.

وتشن جماعة الحوثي في اليمن هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر تقول إنها مرتبطة بإسرائيل، وذلك منذ اندلاع الحرب في غزة بعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل. وقالت الجماعة إن هجماتها للتضامن مع الفلسطينيين.


بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بعض المقترحات في خطة أميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، غير مقبولة للكرملين، مشيراً في تصريحات نُشرت اليوم (الخميس) إلى أن الطريق لا يزال طويلاً أمام أي اتفاق، لكنه شدد على ضرورة «التعاون» مع واشنطن لإنجاح مساعيها بدلاً من «عرقلتها».

وقال بوتين في التصريحات: «هذه مهمّة معقّدة وصعبة أخذها الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب على عاتقه».

وأضاف أن «تحقيق توافق بين أطراف متنافسة ليس بالمهمة بالسهلة، لكن الرئيس ترمب يحاول حقاً، باعتقادي، القيام بذلك»، متابعاً: «أعتقد أن علينا التعاون مع هذه المساعي بدلاً من عرقلتها».

وأطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب أقوى دفعة دبلوماسية لوقف القتال منذ شنت روسيا الغزو الشامل على جارتها قبل نحو أربع سنوات. ولكن الجهود اصطدمت مجدداً بمطالب يصعب تنفيذها، خاصة بشأن ما إذا كان يجب على أوكرانيا التخلي عن الأراضي لروسيا، وكيف يمكن أن تبقى أوكرانيا في مأمن من أي عدوان مستقبلي من جانب موسكو.

وتأتي تصريحات الرئيس الروسي في الوقت الذي يلتقي فيه المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، جاريد كوشنر، بكبير المفاوضين الأوكرانيين رستم أوميروف، اليوم، في ميامي لإجراء مزيد من المحادثات، بحسب مسؤول أميركي بارز اشترط عدم الكشف عن هويته؛ لأنه غير مخوّل له التعليق علانية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشخصيات روسية سياسية واقتصادية يحضرون محادثات مع المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في قصر مجلس الشيوخ بالكرملين في موسكو بروسيا يوم 2 ديسمبر 2025 (أ.ب)

محادثات «ضرورية»

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن محادثاته التي استمرت خمس ساعات، الثلاثاء، في الكرملين مع ويتكوف وكوشنر كانت «ضرورية» و«مفيدة»، ولكنها كانت أيضاً «عملاً صعباً» في ظل بعض المقترحات التي لم يقبلها الكرملين، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وتحدث بوتين لقناة «إنديا توداي تي في» قبل زيارته لنيودلهي، اليوم. وبينما لم تُبث المقابلة بأكملها بعد، اقتبست وكالتا الأنباء الروسيتان الرسميتان «تاس» و«ريا نوفوستي» بعض تصريحات بوتين.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول في المقابلة، إن محادثات الثلاثاء في الكرملين تحتّم على الجانبين «الاطلاع على كل نقطة» من مقترح السلام الأميركي «وهذا هو السبب في استغراق الأمر مدة طويلة للغاية».

وأضاف بوتين: «كان هذا حواراً ضرورياً وملموساً»، وكانت هناك بنود، موسكو مستعدة لمناقشتها، في حين «لا يمكننا الموافقة» على بنود أخرى.

ورفض بوتين الإسهاب بشأن ما الذي يمكن أن تقبله أو ترفضه روسيا، ولم يقدّم أي من المسؤولين الآخرين المشاركين تفاصيل عن المحادثات.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول: «أعتقد أنه من المبكر للغاية؛ لأنها يمكن أن تعرقل ببساطة نظام العمل» لجهود السلام.


القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
TT

القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)

يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، زيارة رسمية إلى الهند تستغرق يومين. وتعد واحدة من الزيارات الخارجية النادرة له منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022. ومثلما حظيت زيارته إلى الصين قبل ثلاثة أشهر، وقبلها إلى كوريا الشمالية العام الماضي، بأهمية كبرى في إطار رسم ملامح استراتيجية الكرملين في السياسة الخارجية، تُشكل الزيارة الحالية لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين، خصوصاً على خلفية الضغوط الأميركية المتزايدة على الهند لتقليص تعاونها مع موسكو.

وفي أول زيارة له إلى العاصمة الهندية منذ أربع سنوات، يرافق بوتين وزير الدفاع أندريه بيلووسوف، ووفد واسع النطاق من قطاعي الأعمال، والصناعة. ومن أبرز الوجوه المرافقة لبوتين رئيسا شركتي الطاقة «روسنفت» و«غازبروم» اللتين تخضعان لعقوبات غربية، إلى جانب مسؤولي المجمع الصناعي العسكري، ومؤسسة «روس أبورون أكسبورت» المسؤولة عن الصادرات العسكرية. بالإضافة إلى رؤساء القطاع المصرفي الروسي الذي يخضع بدوره لعقوبات غربية. وتعكس تشكيلة الوفد المرافق أولويات أجندة الطرفين، وطبيعة النقاشات التي تم التحضير لها في موسكو، ونيودلهي.

برنامج حافل

على مدار يومي القمة، سيبحث الطرفان التعاون في مجالات الدفاع، والطاقة النووية، والهيدروكربونات، والفضاء، والتكنولوجيا، والتجارة.

تُشكل زيارة بوتين لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين (أ.ف.ب)

واستبق الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف الزيارة بإشارة إلى أن بوتين سوف يناقش مع رئيس الوزراء ناريندرا مودي «القضايا الدولية، والإقليمية»، مشدداً على اهتمام الكرملين بتطوير التعاون الثنائي، وفتح مجالات جديدة للتعاون، وأشار إلى موقف واشنطن السلبي تجاه الزيارة، وتلويحها بمضاعفة التعريفات الجمركية في حال استمرت نيودلهي في تعزيز تعاونها مع موسكو، وخصوصاً في مجال الطاقة، موضحاً أنه «لا ينبغي أن تخضع العلاقات التجارية بين موسكو ونيودلهي لتأثير دول ثالثة»، وأعرب عن قناعته بأن «مسألة التعريفات الجمركية الأميركية تظل قضية ثنائية بين الولايات المتحدة والهند». ووصف بيسكوف الإجراءات المفروضة على قطاع النفط الروسي بأنها غير قانونية، مؤكداً أن روسيا تبذل كافة الجهود الممكنة لضمان استمرار تجارة الطاقة، وتدفقها دون انقطاع رغم التحديات. وأشار إلى أن الزيارة ستشهد توقيع حزمة مهمة من الوثائق الثنائية، دون الإفصاح عن تفاصيل محددة.

تعزيز التعاون في مجال الطاقة

قبل زيارة بوتين، أجرى مسؤولون من الجانبين محادثات في مجالات واسعة من الدفاع، إلى الشحن، والزراعة، وفي أغسطس (آب) الماضي، اتفق الطرفان على بدء محادثات بشأن اتفاقية تجارة حرة بين الهند والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، بقيادة روسيا.

وكرست هذه الخطوات مسار تعزيز العلاقة رغم بروز بعض المخاوف لدى مسؤولين في الهند أعربوا عن قلق من أن أي صفقات طاقة ودفاع جديدة مع روسيا قد تُثير رد فعل من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي ضاعف الرسوم الجمركية إلى 50 في المائة في أغسطس على السلع الهندية، عقاباً على مشتريات نيودلهي من النفط الخام الروسي.

بوتين يتحدّث خلال مؤتمر في موسكو يوم 3 ديسمبر (رويترز)

ويُشكّل ملف تعزيز التعاون في مجال الطاقة إحدى أولويات الكرملين، الذي أكد أن الهند سوف تواصل الحصول على معاملة تفضيلية.

زادت واردات النفط الروسية على مدار سنوات اتفاقية التجارة الحرة بنسبة 600 في المائة، مما جعل الهند المشتري الرئيس لصادرات النفط الروسية (38 في المائة). كما تشتري الهند الأسمدة، والزيوت النباتية، والفحم، والمعادن.

تُنقل هذه الشحنات عبر الممر البحري الشرقي الذي افتُتح مؤخراً بين فلاديفوستوك وميناء تشيناي الهندي، وهو طريق بطول 10300 كيلومتر يربط بين موانٍ استراتيجية في المحيطين الهادئ والهندي. كما يعمل ممر النقل بين الشمال والجنوب فإن هذا الممر يتيح الاستقلال عن اللوجستيات الغربية، والتسويات بالعملات الوطنية تجاوزاً للعقوبات الغربية بنسبة تصل إلى 90 في المائة. وأكد الطرفان مجدداً هدفهما المتمثل في زيادة حجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030 (من 67 مليار دولار حالياً). وتطلب الهند دعماً لصادراتها إلى روسيا، لا سيما في مجالات الأدوية، والهندسة، والمنتجات الزراعية، ولتوفير فرص عمل للعمال الهنود المهاجرين، ويأتي ذلك تقديراً لإنجازات الهند في الالتفاف على العقوبات الغربية، خصوصاً في مجال تجارة النفط.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يحضران اجتماعاً على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند - أوزبكستان يوم 16 سبتمبر 2022 (رويترز)

في المقابل، تسعى موسكو إلى الحصول على مساعدة الهند للحصول على قطع غيار، ومعدات تقنية لأصولها النفطية، حيث عرقلت العقوبات الوصول إلى الموردين الرئيسين.

ووفقاً لمصدر حكومي في الهند، فإن نيودلهي تسعى على الأرجح إلى استعادة حصة 20 في المائة لشركة التنقيب عن الغاز الحكومية في مشروع «سخالين-1» في أقصى شرق روسيا.

وتسعى موسكو أيضاً إلى تطوير تعاملها في القطاع المالي والمصرفي مع الهند، وصرح نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، بأنه ستتم خلال الزيارة مناقشة إمكانية إطلاق نظام الدفع الروسي «مير» في الهند، والذي من شأنه أن يُسهم في زيادة السياحة الروسية. ووفقاً له، فقد طُرحت هذه المسألة سابقاً خلال اجتماع بوتين مع وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار. وستُناقش الآن على أعلى مستوى في نيودلهي.

الصفقات العسكرية

ورغم الضغوط الأميركية، لا تخطط الهند لتجميد علاقاتها الدفاعية مع موسكو، لأنها تحتاج إلى دعم مستمر للعديد من الأنظمة الروسية التي تشغّلها.

وقال مسؤولان هنديان مطلعان على الأمر لـ«رويترز» إن طائرات «سوخوي-30» الروسية تشكل غالبية أسراب المقاتلات الهندية البالغ عددها 29 سرباً، وعرضت موسكو مقاتلتها الأكثر تطوراً «سوخوي-57» والتي من المرجح أن تكون جزءاً من المحادثات.

بوتين يلتقي المتطوعين المشاركين في جائزة #WeAreTogether الدولية في مركز التجارة العالمي في موسكو يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ولم تتخذ الهند قراراً بعد بشأن النسخة المحدثة من «سوخوي»، لكن الكرملين أعلن أن هذا الموضوع سيكون مطروحاً للنقاش. ومن المرجح أن تناقش نيودلهي شراء المزيد من وحدات نظام الدفاع الجوي «إس-400» وفق تصريحات لوزير الدفاع الهندي راجيش كومار سينغ، الأسبوع الماضي. وتمتلك الهند الآن ثلاث وحدات، مع انتظار تسليم وحدتين إضافيتين بموجب صفقة عام 2018.

لكن الحديث عن تعاون دفاعي لا يقتصر على بيع الأسلحة، والمعدات، إذ قطعت موسكو ونيودلهي شوطاً مهماً لتوطين صناعات دفاعية في الهند لتصبح أبرز شريك عسكري لروسيا. وأفاد ديمتري شوغاييف مدير الهيئة الروسية للتعاون العسكري التقني بأن القمة الحالية سوف تبحث مشاريع عسكرية تقنية جديدة، وتوسيع العقود القائمة بين البلدين.

وتشير مصادر إلى أنه يمكن توطين إنتاج ما يقرب من نصف نظام «إس-400» في إطار سياسة نقل التكنولوجيا التي توليها الهند أولوية قصوى. وفي حال تم الاتفاق على شراء طائرات «سوخوي-57» المقاتلة، فسينتقل طيارو القوات الجوية الهندية بسهولة إلى الطائرات الروسية من الجيل الجديد، مع تأكيد أن شركة «هندوستان» للملاحة الجوية المحدودة المملوكة للدولة قادرة على صيانة الترسانة الروسية.

وأفادت تقارير بأن اتفاقيات قيد التطوير -أو وُقِّعت بالفعل- لإنتاج مشترك لنظام الدفاع الجوي «بانتسير»، واحتمال شراء الهند لنظام رادار الإنذار المبكر «فورونيج»، الذي يتجاوز مداه 6000 كيلومتر.

وأكد شوغاييف أن العلاقات العسكرية التقنية بين روسيا والهند تشهد تطوراً ملحوظاً رغم التحديات الدولية الراهنة، مشيراً إلى أنه لم يغلق أي مشروع عسكري تقني خلال عام 2025.

بوتين خلال تقديمه جائزة #WeAreTogether الدولية في موسكو، يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ووفقاً للمسؤول الروسي ينتظر أن ينصب الاهتمام بشكل أساسي على الطائرات، وأنظمة الدفاع الجوي، والتعاون في تقنيات الطائرات المسيرة، والمساعدة في بناء سفن جديدة في أحواض بناء السفن الهندية. وأضاف: «تبدو آفاق الصادرات العسكرية إلى الهند في عام 2026 إيجابية للغاية، وأعتقد أن حجمها في العام المقبل سيتجاوز مستوى عام 2025»، مؤكداً أنه تم حل المشكلات المتعلقة بالجوانب اللوجستية، وتوريد المكونات للمشاريع المشتركة، بما في ذلك صيانة المعدات الموردة سابقاً.

وأشار شوغاييف إلى أن روسيا تسعى إلى تعاون عسكري تقني واسع النطاق مع الهند في مجال التقنيات الجديدة، حيث تتزايد حصة المشاريع المشتركة، والتقنيات التكنولوجية المتقدمة عاماً بعد عام.

وتنفذ روسيا والهند حالياً عشرات المشاريع العسكرية التقنية واسعة النطاق، ومن أهمها إنتاج الهند المرخص لطائرات «سوخوي-30»، ومحركات الطائرات، ودبابات «تي-90 إس»، والتعاون في إطار مشروع «براهموس» المشترك للصواريخ، وتحديث المعدات العسكرية التي سبق توريدها، والعمل المشترك في مجال تكنولوجيا الدفاع.

جانب من لقاء بوتين ومودي على هامش أعمال مجموعة «بريكس» في كازان شهر أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

وأشارت مصادر إلى أن الطرفين يُعدّان «بيانات مهمة» ستحدد التوجهات الرئيسة للمرحلة المقبلة من شراكتهما. ومن المتوقع أن تُمهّد الاتفاقيات الجديدة للتعاون العسكري الصناعي الطريق لمرحلة جديدة من التعاون الدفاعي بين البلدين، ما يتيح للهند الوصول إلى أحدث تقنيات التخفي، والدفاع الصاروخي. وتتوقع المصادر أن يُعزز هذا مكانة الهند في المنطقة الآسيوية.

من المتوقع توقيع عقود عسكرية لتوريد وإنتاج أنظمة دفاع جوي من الجيل الجديد، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي إس-500. وقد لاقى نظام إس-400 الروسي استحساناً من الجيش الهندي خلال عملية سيندور، حيث أُشير إلى سرعة نشره في أقل من خمس دقائق لتكون ميزة كبيرة. ويُعتبر دمج نظام إس-400 في نظام الدفاع الجوي متعدد الطبقات الهندي على طول الحدود مع الصين وباكستان تعزيزاً أمنياً.

توازن بين الهند والصين

وتواجه موسكو -التي طورت علاقاتها مع الصين بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وغدت بكين حليفاً رئيساً لها- تحدياً جدياً في إقامة توازن دقيق في العلاقة مع البلدين الخصمين.

الرئيسان الصيني شي جينبينغ (يمين) والروسي فلاديمير بوتين وبينهما رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في لقائهم بمدينة تيانجين الصينية في سبتمبر (أ.ب)

وأكد الكرملين أن موسكو تنطلق من أهمية المحافظة على علاقات مع «الشركاء التقليديين»، مشيراً إلى «تقدير خاص لاستعداد نيودلهي للمساهمة في البحث عن تسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا».

وفي إشارة مهمة، قال الناطق الرئاسي الروسي: «نحن مستعدون لتطوير علاقاتنا مع الهند في جميع المجالات الممكنة، إلى الحد الذي تكون فيه الهند مستعدة لذلك»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن روسيا «تواصل تطوير علاقاتها مع الهند، والصين».

وتابع: «نحن نحترم العلاقات الثنائية بين الهند والصين، وليس لدينا شك في أن أقدم دولتين، الدولتين الأكثر حكمة في هذا العالم، ستكونان حكيمتين بما يكفي لتسوية جميع المشكلات من أجل الحفاظ على الاستقرار العالمي».

تحدي الضغوط الأميركية

رأت تعليقات في وسائل إعلام حكومية روسية عشية الزيارة أن نيودلهي سارت خطوات لتحدي الضغوط الأميركية المفروضة عليها بسبب علاقاتها مع موسكو. ومن ذلك، ألغت الهند مناقشات اتفاقية التجارة الهندية-الأميركية، وقالت الصحافة الروسية إن تلك الاتفاقية «تراجعت أهميتها الاستراتيجية مقارنة بالنتائج المتوقعة بعد زيارة بوتين». وزادت أن «الهند ردت عملياً على الهجوم على سيادتها».

ترمب ومودي في مؤتمر صحافي مشترك في البيت الأبيض في فبراير الماضي (رويترز)

كانت الحكومة الأميركية حملت نيودلهي مسؤولية تعزيز الجيش الروسي في أوكرانيا، واصفةً تصرفات الهند لاستيراد النفط الروسي بأنها «مزعزعة للاستقرار». ووصف الرئيس دونالد ترمب الهند بأنها «مغسلة للكرملين»، وهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 500 في المائة على الواردات الهندية إذا واصلت نيودلهي هذا المسار.

بدوره عارض الاتحاد الأوروبي مشاركة الهند في مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا، بحجة أن صداقة نيودلهي مع موسكو تُشكل عقبة أمام تعميق التعاون الاستراتيجي مع أوروبا.

ورأت التعليقات الروسية أن «الهجوم السافر على السيادة الهندية من قبل الغرب فقد أثره. لقد اتُخذ القرار: التعاون مع روسيا أهم للهند منه مع الغرب، كما يتضح من زيارة بوتين. وقد اكتسبت روسيا والهند خبرة واسعة في العمل معاً ضمن مجموعة (بريكس)، ومنظمة شنغهاي للتعاون».