تونس: «اتحاد الشغل» يقاطع مؤتمراً حكومياً حول «الإصلاحات الكبرى»

TT

تونس: «اتحاد الشغل» يقاطع مؤتمراً حكومياً حول «الإصلاحات الكبرى»

حسمت الحكومة التونسية أمس اختياراتها الاقتصادية والاجتماعية خلال مؤتمر وطني تناول عددا من محاور «الإصلاحات الكبرى»، التي تتضمن الإصلاح الجبائي والمالية العمومية، ومنظومة الدعم والقطاع العام.
وانطلقت فعاليات المؤتمر أمس في العاصمة التونسية، بحضور يوسف الشاهد رئيس الحكومة، وسمير ماجول رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة (مجمع رجال الأعمال)، فيما رفض الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) دعوة الحكومة للحضور والمشاركة في المؤتمر، وتقديم مقترحاته للخروج من الأزمة الخانقة، كما عرف أيضا مقاطعة «تحالف الجبهة الشعبية» اليساري.
وحاول رئيس الحكومة تهيئة التونسيين لتقبل هذه الإصلاحات، ودعمها خلال الجلسة البرلمانية التي عقدت في 23 من مارس (آذار) الماضي، حيث أكد خلالها على ضرورة المرور إلى الإصلاحات الاقتصادية الكبرى، وتحمل المسؤولية لتدارك العجز الاقتصادي الهيكلي التي تعرفه. إلا أن نقابة العمال وعددا من الأحزاب اليسارية لا تتفق مع رؤية الحكومة لهذه الإصلاحات، وترى أنها «موجعة وستتحمل عواقبها الفئات الفقيرة» بشكل خاص.
وبخصوص عدم تلبية «اتحاد الشغل» دعوة الحكومة لحضور المؤتمر، قال سمير الشفي، الرئيس المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، أن الدعوة جاءت متأخرة، حيث تم إرسالها بعد توقيت العمل الإداري ليوم السبت الماضي، و«هو خطأ كبير ارتكبته الحكومة» على حد تعبيره على اعتبار أن الإدارات الحكومية تكون في إجازة يومي السبت والأحد.
وأضاف الشفي موضحا أن مؤتمرا بهذا الحجم وما يحويه من محاور خلافية «يحتاج إلى وقت كاف لتكون مشاركة الاتحاد وغيره من الأطراف فعّالة». مشددا على أن المواضيع المبرمجة في المؤتمر كان فيها نوع من «العمل الموازي» للاتحاد العام التونسي للشغل، باعتبار أن «الاتحاد» ظل يعمل منذ نحو عشرة أيام مع الموقعين على «وثيقة قرطاج» على أهم المحاور المطروحة في المؤتمر، مثل محور إصلاح الجباية ومكافحة الاقتصاد الموازي، وإعادة التوازن لصندوق الدعم، وإصلاح القطاع العمومي ومقاومة التهرّب الضريبي، وهي نفس المحاور المطروحة في هذا المؤتمر.
كما تساءل الشفي عن مدى التزام الحكومة بمخرجات لجنة الخبراء، المنبثقة عن وثيقة قرطاج التي عقدت خلال المدة الأخيرة أكثر من اجتماع بهدف بحث الملف الاقتصادي.
وكان اتحاد الشغل قد دعا في اجتماعات تجديد هياكله الجهوية إلى تقاسم أعباء الإصلاحات الاقتصادية، وعدم تحميل العمال النصيب الأكبر من خلال إقرار زيادات كبيرة في الأسعار، وتجميد الزيادات في الأجور.
في السياق ذاته، قال الجيلاني الهمامي، وهو قيادي في تحالف الجبهة الشعبية اليساري المعارض، إن الجبهة الشعبية ترفض أن تكون «شاهد زور من خلال مشاركتها في مؤتمر سيكون غطاءً لتمرير إملاءات صندوق النقد الدولي المعادية للتونسيين» على حد تعبيره.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».