تسود حالة من الجدل بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشأن سداد الدفعة الثانية من التمويل الأوروبي، الذي تبلغ قيمته 3 مليارات من اليورو من إجمالي 6 مليارات يورو، إلى تركيا، في إطار تنفيذ اتفاق يتضمن مساعدة أنقره على الحد من المهاجرين غير الشرعيين، خصوصاً من اللاجئين الذين تدفقوا بأعداد كبيرة إلى سواحل أوروبا خلال السنوات الماضية في أعقاب اندلاع الحرب في سوريا.
وأظهرت عدة عواصم أوروبية عدم رغبتها في المساهمة في الدفعة التالية من التمويل الموجه لتركيا، وترى أن الأموال يجب أن تأتي جميعها من الموازنة الأوروبية، في حين ترى المفوضية أنه لا يجب تحميل موازنة الاتحاد أكثر من طاقتها.
وكررت المفوضية الأوروبية التعبير عن رغبتها في أن تلعب الدول الأعضاء دوراً إيجابياً من أجل ضمان استمرار تمويل الاتفاق المبرم مع تركيا عام 2016 بشأن اللاجئين، بالطريقة نفسها التي تم اتباعها على مدى العامين الماضيين.
وكانت المؤسسات والدول الأعضاء في الاتحاد قد تقاسمت أعباء تمويل الدفعة الأولى من المبلغ الموجه لتركيا بنسبة ثلث إلى ثلثين، وترغب المفوضية - حسب كلام المتحدثة باسمها ناتاشا برتود - في «الاستمرار بالعمل بالطريقة نفسها لضمان حسن التمويل».
وكانت المفوضية قد أعلنت يوم 14 الشهر الماضي عن تخصيص مبلغ مليار يورو، معدل حصتها في الشريحة الجديدة من تمويل المشاريع الأوروبية لصالح اللاجئين في تركيا، ما يعني أن على الدول تأمين مبلغ المليارين المتبقيين، ولكن بعض العواصم لا تفضل الاستمرار على هذا النحو، كما تضيف ناتاشا برتود التي تؤكد عدم إمكانية تحميل الموازنة الأوروبية أكثر من طاقتها، حيث قالت: «لا نريد إنهاك الموازنة، ما قد يؤثر سلباً على التزاماتنا في مجالات أخرى، مثل العمل على ضبط تدفق المهاجرين عبر ليبيا، كما أننا لا نريد أي انقطاع في التمويل المخصص للاجئين في تركيا»، على حد تعبيرها.
وعلى الرغم من أن المفوضية تقر بوجود هوامش مناورة، ولو محدودة زمنياً، فإنها تركز على ضرورة أن تتوصل الدول الأعضاء في الاتحاد إلى اتفاق يقضي بالاستمرار بضخ الأموال بالطريقة السابقة نفسها، تجنباً لمشكلات لا داعي لها مع تركيا.
ومع مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، اعتمدت مؤسسات الاتحاد الأوروبي اتفاقاً بشأن موازنة 2018، الذي جرى التوصل إلى توافق بشأنه في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وقالت رئاسة الاتحاد الأوروبي، التي كانت تتولاها إستونيا، على لسان مارتن كيفين نائب وزير المالية الإستوني، إن البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي يشتركان في أولويتين رئيسيتين للسنة المالية 2018، وهما معالجة الهجرة والأمن وتعزيز الابتكار والنمو والعمالة في أوروبا، متابعاً: «وأنا مقتنع بأننا حققنا نتيجة جيدة ومتوازنة، مما يسمح للاتحاد الأوروبي بالعمل والرد على مختلف الاحتياجات».
ويواجه الاقتصاد التركي تحديات انخفاض العملة المحلية، حيث تراجعت الليرة خلال اليومين الماضيين لمستوى قياسي منخفض مقابل الدولار بفعل تجدد مخاوف بشأن قدرة البنك المركزي على مواجهة التضخم، بعد تقرير ذكر أن الرئيس رجب طيب إردوغان كثف انتقاده للسياسة النقدية.
ولامست الليرة خلال تعاملات أمس أدنى مستوى على الإطلاق عند 4.0615 ليرة مقابل الدولار الأميركي، قبل أن تتعافى قليلاً ليجري تداولها عند 4.0595 ليرة للدولار.
وانخفضت الليرة بنحو 6 في المائة مقابل الدولار منذ بداية العام الحالي، لتسجل رابع أسوأ أداء بين 26 عملة في الأسواق الناشئة، حيث شعر المستثمرون بالقلق من التضخم الذي سجل معدلاً في خانة العشرات، علاوة على الإجراءات التي يرونها غير كافية على صعيد السياسات والشكوك التي تكتنف مصير نائب رئيس الوزراء محمد شيمشك، أكبر مسؤول عن السياسات الاقتصادية.
وقال تقرير في صحيفة «حريت»، أول من أمس، إن إردوغان انتقد رفع سعر الفائدة في الآونة الأخيرة، خلال اجتماع مغلق لحزبه (العدالة والتنمية) الحاكم، الأسبوع الماضي.
وذكرت الصحيفة أنه بناء على أوامر إردوغان، فإن العمل جارٍ على حزمة من الإجراءات الهادفة لخفض أسعار الفائدة، التي قد تتضمن أيضاً تخفيضات ضريبية. ولم تذكر الصحيفة مصادرها للتقرير، ولم يتسنَ التأكد منه على الفور.
وفي سياق منفصل، ذكرت صحيفة «حريت» أن هناك تكهنات في أنقرة بأن شيمشك قدم استقالته إلى رئيس الوزراء بن علي يلدريم، الذي رفعها بدوره إلى إردوغان.
لكن إبراهيم كالين، المتحدث باسم إردوغان، قال إنها مجرد مزاعم، وليس لديه معلومات عن هذا الموضوع، نافياً صحة وجود خلافات داخل الفريق الاقتصادي.
من جهة أخرى، قالت روسيا، أمس، إنها قادرة على إتمام بناء المحطة النووية التركية «أكويو»، حتى إذا لم تكن أنقرة قادرة على جذب مستثمرين آخرين.
وقال وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، إنه تم استثمار 3 مليارات دولار في هذه المحطة، مضيفاً: «إذا لم يجدوا مستثمراً، فهذا يعني أن المحطة سيتم بناؤها على يد (أكويو) النووية»، مشيراً إلى الشركة المملوكة لشركة «روساتوم» الروسية.
وتبحث الشركة الروسية «روساتوم» عن مستثمرين لشراء 49 في المائة من مشروع محطة «أكويو» النووية، وكان من المخطط أن يتم تمويل المشروع عبر «روساتوم» وشركائها، بحيث يشتمل التمويل على قروض من وكالات تصدير واستيراد وبنوك.
جدل في أوروبا حول استكمال تمويل تركيا للحد من الهجرة غير الشرعية
الليرة تنخفض إلى مستوى قياسي
جدل في أوروبا حول استكمال تمويل تركيا للحد من الهجرة غير الشرعية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة