العبادي يدعو من طوكيو إلى شراكة دولية في الإعمار بعد دحر «داعش»

العبادي وآبي خلال لقائهما في طوكيو أمس (أ.ف.ب)
العبادي وآبي خلال لقائهما في طوكيو أمس (أ.ف.ب)
TT

العبادي يدعو من طوكيو إلى شراكة دولية في الإعمار بعد دحر «داعش»

العبادي وآبي خلال لقائهما في طوكيو أمس (أ.ف.ب)
العبادي وآبي خلال لقائهما في طوكيو أمس (أ.ف.ب)

دعا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، من طوكيو، أمس، المجتمع الدولي إلى المشاركة بفاعلية في إعادة إعمار العراق، بعد أن حققت بلاده نصرا على «داعش».
وأعرب العبادي، خلال لقاء متعدد الأطراف حضره مسؤولون من 30 دولة، عقد في طوكيو، عن تطلعه إلى شراكة حقيقية واستراتيجية لإعمار العراق. وقال إن العراق يتوقع من الدول الصديقة مشاركته في إعادة بناء ما دمرته الحرب، وما سببته في انهيار للبنية التحتية والخدمات. وأعلنت اليابان أمس، أنها ستقدم قرضا قيمته نحو 35 مليار ين (330 مليون دولار)، ليستخدم في مشاريع ري في العراق، من أجل المساعدة في جهود إعادة الإعمار بالبلاد بعد الحرب على الإرهاب.
جاء الإعلان في أعقاب محادثات بين رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي والعبادي الذي وصل إلى طوكيو أول من أمس (الأربعاء). واستضاف آبي والعبادي معا، أمس، اجتماعا متعدد الأطراف بين مسؤولين من 30 دولة ومنظمة دولية لمراقبة الأسلحة التي بحيازة المدنيين في إطار جهود لتحسين السلامة العامة في العراق. وشدد رئيس الوزراء الياباني على أهمية إقرار السلم العام في العراق بعد هزيمة مقاتلي «داعش». وقال آبي: «اليابان ستسهم في تحسين مستوى المعيشة والدخل في العراق من خلال قرض بالين». وأضاف: «تحديدا، سنمنح مواطني العراق فرصة لتأمين طرق سياسية واقتصادية سلمية، من أجل تشجيعهم على تسليم الأسلحة طواعية للحكومة. وبذلك، سيكون العراق قادرا على الحد من الأسلحة المنتشرة على نطاق واسع، وتقليل تعويل الشعب عليها لتحقيق مجتمع أكثر أمنا». وسيحتفل البلدان العام المقبل بمرور 80 عاما على إقامة علاقات دبلوماسية بينهما.
وقال العبادي: «أنا أقدم الشكر لليابان والسيد رئيس الوزراء آبي على دعمه العراق في مرحلة البناء، وكذلك على وفائهم بالوعد الذي حول إسناد الموازنة العراقية بخمسمائة مليون دولار، التي تم إقرارها العام الماضي في المجموعة الاقتصادية السابعة». وأضاف رئيس وزراء العراق: «نحن الآن في طوكيو لإطلاق عدة مشاريع تصب في تعزيز الأمن والسلام ومشاريع لخلق فرص عمل، وتنشيط قطاعات التنمية ودعم القطاع الخاص والشراكة الحقيقية بينه وبين القطاع العام. لقد كانت اليابان في مقدمة الدول التي وقفت مع العراق في بناء دولته وتعزيز ديمقراطيته».
من جهة ثانية، تعرض شينزو آبي لانتقادات أمس بعد أن قال وزير دفاعه إن الجيش عثر العام الماضي على سجلات أنشطة قوات بلاده التي أرسلت إلى العراق بين عامي 2004 و2006، لكن الجيش لم يبلغ بها سلفه. وتأتي هذه المسألة وسط دلائل على أن التراجع في شعبية آبي قد يصل إلى مستوى غير مسبوق، حيث بلغت نسبة التأييد له نحو 42 في المائة في أحدث استطلاعين للرأي، وذلك بعد فضيحة تتعلق بالمحسوبية والتستر على بيع أراض مملوكة للدولة بسعر منخفض.
وقد يضر هذا التراجع بفرص آبي في الفوز بفترة ثالثة في زعامة الحزب الديمقراطي الحر الحاكم في الانتخابات المقررة في سبتمبر (أيلول). كان وزير الدفاع الياباني إيتسونوري أونوديرا كشف مساء أول من أمس، أن وحدات قوات الدفاع الذاتي البرية عثرت على سجلات الأنشطة في مارس (آذار) 2017، لكنها لم ترسلها إلى وزيرة الدفاع السابقة تومومي إينادا التي كانت قد أبلغت البرلمان قبل ذلك بشهر بأن السجلات مفقودة. كان أونوديرا قال في وقت سابق هذا الأسبوع إن السجلات عثر عليها في يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتم إبلاغه بها حتى 31 مارس. وقال يوشيهيدي سوجا، كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني، في مؤتمر صحافي، إن الحكومة ستقرر الخطوات التي ستتخذها بعد إجراء تحقيق تحت «القيادة القوية» لأونوديرا.
ووصفت القوة اليابانية التي جرى نشرها في العراق بأنها أكبر وأخطر مهمة عسكرية منذ الحرب العالمية الثانية. وأثار نشر هذه القوة جدلا، لأن أنشطة إعادة البناء والأنشطة الإنسانية المكلفة بها جرت فيما اتفق عليه الخبراء بأنها منطقة صراع. وصنفت الحكومة المنطقة بأنها منطقة غير قتالية لتجنب انتهاك الدستور السلمي للبلاد.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.