مصر تكثف جهودها من أجل اتفاق في غزة يسبق عملية سياسية

الرئيس الأميركي يهاتف نتنياهو... وعباس يمد يده للسلام

جنود الاحتلال يطلقون قنابل الغاز باتجاه المتظاهرين على الحدود مع غزة (رويترز)
جنود الاحتلال يطلقون قنابل الغاز باتجاه المتظاهرين على الحدود مع غزة (رويترز)
TT

مصر تكثف جهودها من أجل اتفاق في غزة يسبق عملية سياسية

جنود الاحتلال يطلقون قنابل الغاز باتجاه المتظاهرين على الحدود مع غزة (رويترز)
جنود الاحتلال يطلقون قنابل الغاز باتجاه المتظاهرين على الحدود مع غزة (رويترز)

أكدت مصادر فلسطينية أن مصر كثفت تحركاتها، من أجل التوصل إلى اتفاق يسمح بعودة السلطة بشكل كامل إلى قطاع غزة، قبل طرح الإدارة الأميركية خطة السلام المعروفة بـ«صفقة القرن».
وحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن مصر تريد طي صفحة الانقسام الفلسطيني، بما يسمح بعد ذلك، بالتفاوض على إقامة دولة فلسطينية.
وأكدت المصادر نفسها، أن هذا التوجه كان مثار نقاش بين رئيس جهاز المخابرات المصرية، اللواء عباس كامل، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، إضافة إلى مسألة الجهود المتعلقة بإدخال تعديلات على «صفقة القرن» بحيث تصبح واقعية ومقبولة.
ويحتاج الحل في غزة إلى موافقة ثلاثة أطراف هي: السلطة وحماس وإسرائيل. ويفسر هذا لقاء اللواء كامل مع رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي، نداف أرغمان، في تل أبيب بعد لقائه بعباس. وقالت إذاعة ريشت كان الإسرائيلية، إن كامل وأرغمان تناقشا في شأن غزة. لكنها لم تنقل سوى أن أرغمان نقل لحماس رسالة حذّر فيها من المساس بالجدار الأمني واستمرار الاستفزازات. وأن الجيش الإسرائيلي لن يتسامح مطلقاً مع أي محاولات للاقتراب من السياج والإضرار به.
وسئل المسؤول السابق في جهاز «الموساد الإسرائيلي» ديفيد ميدان، الذي يعتبر مهندس صفقة تبادل الأسرى مع حماس عام 2011 التي رعتها مصر في حينها، حول الدور المصري فقال، إن مصر الدولة الوحيدة القادرة على إحداث تأثير في القضية الفلسطينية وخاصة الوضع في قطاع غزة.
وأضاف ميدان في مقابلة مع صحيفة «ماكور ريشون» العبرية، إن مصر الوحيدة التي يمكن أن تصل بالأراضي الفلسطينية إلى حالة الهدوء، وهي الجهة الوحيدة القادرة للتأثير على القيادة الفلسطينية والتوصل معها إلى اتفاق بشأن الكثير من القضايا.
وتابع ميدان «أعتقد أن هناك دولة واحدة تعرف حقا كيف تؤثر على غزة، هي مصر، لا يوجد بلد آخر».
وأردف «مفتاح أي حل مستقبلي هو القاهرة، تستطيع إسرائيل غزو وتطويق غزة، لكن البلد الوحيد في العالم الذي يمكنه التأثير على القيادة الفلسطينية وحماس، هو مصر، فقيادة حماس يأتون للقاهرة مثل الأطفال الطيبين ويذهبون للحج عند المسؤولين ويحاولون التوصل إلى اتفاقات معهم».
وحول القضية الفلسطينية، أقر ميدان أنه لا يمكن نزع سلاح حماس، على الأقل في المرحلة الحالية. وقال: «يجب أن نتوصل إلى تفاهم ربما لن يكون مائة في المائة، لكن يجب أن نفعل ذلك وأن تعود السلطة لغزة رغم حالة الكراهية بين فتح وحماس، والمصريون قادرون على ذلك، قادرون على التغيير وتقليل التوتر وتحسين الحياة هناك».
وخلال هذا الحراك المصري المكثف، هاتف الرئيس الأميركي دونالد ترمب، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقال نتنياهو، في بيان رسمي، إنه تحدث الليلة قبل الماضية، هاتفيا، مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وإن المكالمة تناولت موضعين أساسيين، هما: التطورات الإقليمية في المنطقة والمبادرة الأميركية لتحريك المفاوضات مع الفلسطينيين وكذلك الموضوع الإيراني.
وشكر نتنياهو الرئيس ترمب على التزامه بأمن إسرائيل وعلى الدعم الأميركي لإسرائيل في الأمم المتحدة. مشيرا إلى أنه تم الاتفاق على مواصلة التنسيق الوطيد بين البلدين بهدف صد العدوان الإيراني، ومحاولات طهران زعزعة الاستقرار في المنطقة.
وقالت مصادر سياسية في تل أبيب، إن ترمب كرر التزام بلاده الكامل بالحفاظ على أمن إسرائيل، كما اتفق مع نتنياهو على مواصلة تنسيقهما بشأن إيران وتأثيرها على استقرار منطقة الشرق الأوسط.
يذكر أن هذه الحادثة، بين ترمب ونتنياهو، هي الأولى منذ أحداث مسيرة العودة في غزة، حيث جاءت في أعقاب محادثة الرئيس الأميركي مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي قال لترمب إن الرياض تدعم إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
وكان كامل أعطى لعباس ضمانات مصرية بتسليم قطاع غزة بشكل كامل للسلطة الفلسطينية، وطالبه بمهلة قصيرة لتنفيذ ذلك، كما أكد له أن ثمة جهودا كبيرة تبذل لتعديل «صفقة القرن» كي تصبح مقبولة بالنسبة للفلسطينيين والعرب.
ونشرت «الشرق الأوسط» على لسان مصدر فلسطيني، أن مصر بالاتفاق مع المملكة العربية السعودية، تتطلع لتنسيق كامل مع السلطة، وتعملان من أجل إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس، بغض النظر عن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.
وساءت علاقة السلطة بالولايات المتحدة بعد قرار ترمب، ووصلت إلى قطيعة أعلن معها عباس رفضه المسبق للصفقة الأميركية.
وطلب عباس إقامة مؤتمر دولي للسلام تنتج عنه آلية دولية متعددة الأطراف، لرعاية عملية سياسية. لكن دولا أوروبية وكذلك عربية، أخبرت عباس أنه لا يمكن التقدم من دون الولايات المتحدة.
وأكد الرئيس عباس، أمس أن الجانب الفلسطيني ما زال يمد يديه من أجل السلام القائم على مبدأ حل الدولتين، وقرارات الشرعية، لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967.
وأضاف لدى استقباله بمقر الرئاسة في مدينة رام الله، وفدا كنديا ضم عددا من أعضاء البرلمان الكندي، على ضرورة تشكيل آلية دولية متعددة الأطراف لرعاية العملية السياسية، وفق خطة السلام الفلسطينية التي طرحت في مجلس الأمن الدولي مؤخرا.
ويتطلع عباس على الرغم من الجهود العربية، إلى توسيع رعاية المفاوضات بحيث تضم، إلى جانب الولايات المتحدة، دولا أخرى بينها عربية.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.