تعرف إلى بيروت وطرابلس وبعلبك بعيون لبنانية

جولات تُدخلك دهاليز التاريخ... وتحتضنك بمعمارها وعمارتها

جولة في بيروت
جولة في بيروت
TT

تعرف إلى بيروت وطرابلس وبعلبك بعيون لبنانية

جولة في بيروت
جولة في بيروت

أن تزور مدناً لبنانية مثل بيروت وصور وبعلبك وطرابلس فكأنك تدخل صفحات من التاريخ تعبق بقصص أبطالها من فينيقيين وصليبيين ومماليك وعثمانيين... وغيرهم. فهذه المدن، رغم الحداثة التي تواكبها اليوم في عمارتها وشوارعها وأحيائها، لا تزال محط إعجاب كبير لدى السياح الأجانب والعرب الذين يقصدونها للتعرف إلى خصائصها من تاريخ وجغرافيا ومعالم أثرية.
واللافت اليوم هو اهتمام شباب لبنان بهذه المدن إلى حد أنهم أخذوا على عاتقهم التعريف بها من وجهة نظرهم... ينظمون رحلات في مدن تربطهم بها علاقة حب وطيدة، رغم إقامتهم لفترات طويلة في بلاد الغرب. من هذه المدن التي تشهد إقبالا كبيرا منهم نذكر بيروت وطرابلس على سبيل المثال.
روني شطح شاب لبناني متعلق بجذوره، قرر في عام 2009 تنظيم جولات سياحية في بيروت تحت شعار «ووك بيروت» (بيروت سيرا على الأقدام) لأن المشي بالنسبة له أفضل وسيلة لاكتشاف خباياها وجمالياتها.
تشمل محطات الجولة السياحية «ووك بيروت» عدة مواقع تكشف عن معالم بيروت التراثية والتاريخية. طوال الجولة ينسج روني شطح قصة مشوقة عن كل معلم يرويها على مسامع المشاركين في الجولة، التي تستغرق مدتها 4 ساعات. وفي ختامها يتم الحصول على «تي شيرت» يحمل اسم الجولة للذكرى.
> مصرف لبنان من المحطات التي تتوقف عندها الجولة، نظرا لتاريخه الذي يعود إلى 1963 وأهميته في استقرار الوضع الاقتصادي في لبنان.
> حي القنطاري العريق يُعرف بأنه منطقة تشتهر بكنائس وجوامع تشكل مجتمعة نموذجا عن بيروت السلام والعيش المشترك. وتعرج في هذه المحطة على مقاه ومطاعم هذا الحي، وكذلك على شوارعه الضيقة التي كانت تعرف في الماضي بـ«زقاق القنطاري».
> فندق «هوليداي إن» الذي رغم الحرب اللبنانية وملامحها التي لا تزال ظاهرة عليه، ظل شامخا وسط بيروت يناطح السماء بطوابقه الثلاثين. بني في عام 1975 وكان مقصدا للسياح والصحافيين والمراسلين الأجانب، وكان يعد من أفخم فنادق بيروت قبل أن تأتي عليه الحرب وتحوله إلى مبنى مهجور.
> مبنى السراي الحكومي الكبير وساحتا «النجمة» و«الشهداء»، وصولا إلى «حديقة سمير قصير» وسط بيروت، حيث ستأخذك جولة «ووك بيروت» من خلالها إلى حقب تحولية وأخرى مؤثرة شهدتها بيروت عبر الزمن، كما تكتنز حضارات متنوعة؛ رومانية وفينيقية وعثمانية.
في طرابلس لا تختلف الصورة، فميرا منقارة فتاة لبنانية طرابلسية أسست شركة «Mira’s guided tours» تؤمن رحلات سياحية داخل وخارج لبنان، منها جولات في 3 مدن لبنانية، طرابلس وصور وبعلبك، لما تعبق به من آثار وتراث وتاريخ.
تبدأ الجولة في مدينة طرابلس سيرا على الأقدام، من خان الصابون لتنتهي بجامع الطينال.
> خان الصابون: أطلق عليه اسم «الخان» لأن التجار؛ لبنانيين وأوروبيين، كانوا يربطون خيولهم فيه ليأخذوا أحمالهم أو حاجاتهم من الصابون الذي كان يصنع فيه.
ولا يزال الصابون الطرابلسي مضرب مثل في نوعيته وجودته، بحيث يتم تصديره حاليا إلى أوروبا والخليج. يكمن تميزه في أنه يصنع من مواد أولية طبيعية كالزهور والأعشاب والنباتات، وبالتالي فإن إنتاجه يندرج في لائحة حماية البيئة، فضلا عن العلاج.
> خان الخياطين: عبارة عن سوق كبيرة متخصصة بالخياطة والأزياء الطرابلسية والعباءات العربية. وما يميز تصاميمه عن تصاميم الخانات الأخرى شارعه الطويل المسقوف، الذي تتوزع على جانبيه الدكاكين والحوانيت التي تعنى بكل ما يتعلق بمهنة الخياطة تقليداً وتراثاً.
> خان المصريين: يقع على الجهة الغربية من سوق البزركان، ويواجهه من الشرق خان الخياطين. عُرف بـ«خان المصريين» بسبب توافد التجار القادمين من مصر عليه. كما يبيع في جهته الثانية أصناف الصابون الطرابلسي.
> أسواق سوق الذهب والنحاس والبزركان: وهي أسواق لبنانية قديمة يكتشف فيها زائرها جواهر وحلي، كما يكتشف أواني نحاسية وأقمشة صُنعت في لبنان بالكامل.
> جامع الطينال: يعد من أجمل جوامع لبنان وأفخمها، وقد بني في عام 1377م، على أنقاض كنيسة صليبية كانت مهدمة بعد فتح طرابلس بقيادة السلطان المنصور قلاوون. تمتاز مئذنة المسجد عن باقي المآذن بطرازها المعماري وبوجود سلّمين حجريين داخلها وهما غير متقابلين بحيث إذا صعد اثنان في وقت واحد لا يلتقيان، وهذه ظاهرة نادرة في المساجد.
> الحمامات: تجمع زيارة الحمامات جلسات التدليك والاسترخاء والتعرف إلى أقدمها في لبنان والعالم العربي. يمكن وصفها بالممتعة لما تتضمنه من ثقافات مختلفة تتعرف إليها عن كثب في حمامات «النوري» و«العبد» و«عز الدين» في طرابلس القديمة. بينها ما يمكن استئجاره للنساء، وأخرى مهجورة أو قيد الترميم، فيما يعد «حمام عز الدين» الأعرق بينها؛ فهو بمثابة متحف تتعرف فيه على الأدوات التي كانت تستعمل في حقب تاريخية ماضية، وأجمل ما فيه أيضا قباب لها منافذ زجاجية لإدخال الضوء إليه، وهي تقنية ابتكرتها الهندسة المعمارية العربية وتناسلت عبر القرون في التصميمات العصرية.
> في جولة أخرى بطرابلس تأخذك إلى مواقع ومعالم تاريخية مغايرة، ستتاح لك الفرصة للتعرف إلى معرض رشيد كرامي (يتضمن مسارح ومعارض) وإلى محطة القطار (خط الشرق السريع) القديمة. تتعرف كذلك على ميناء طرابلس وكنيسة «مار جرجس» الأثرية.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».