إدلب... وجهة عمليات الإجلاء والخارجة بمعظمها عن سيطرة النظام

مقاتل معارض تم إجلاؤه من حرستا بالغوطة الشرقية إلى إدلب (أ.ف.ب)
مقاتل معارض تم إجلاؤه من حرستا بالغوطة الشرقية إلى إدلب (أ.ف.ب)
TT

إدلب... وجهة عمليات الإجلاء والخارجة بمعظمها عن سيطرة النظام

مقاتل معارض تم إجلاؤه من حرستا بالغوطة الشرقية إلى إدلب (أ.ف.ب)
مقاتل معارض تم إجلاؤه من حرستا بالغوطة الشرقية إلى إدلب (أ.ف.ب)

خلال سبع سنوات من الحرب السورية، تحولت محافظة إدلب في شمال غربي سوريا إلى وجهة لمقاتلين معارضين ومدنيين يتم إجلاؤهم من مناطقهم، وهي لا تزال بمعظمها خارجة عن سيطرة قوات النظام.
تسيطر هيئة تحرير الشام («جبهة النصرة» سابقاً) على غالبية المحافظة، مع وجود فصائل معارضة أخرى أبرزها حركة أحرار الشام.
وكانت قوات النظام تقدمت فيها بداية العام الحالي خلال هجوم في ريفها الشرقي.
تكتسي محافظة إدلب أهمية استراتيجية، فهي محاذية لتركيا الداعمة للمعارضة من جهة، بينما تقع مدينة إدلب، مركز المحافظة، على مقربة من الطريق الدولي حلب - دمشق.
قبل الحرب، كان غالبية سكان إدلب يعتمدون على الزراعة، خصوصاً القطن والقمح.
وانضمت محافظة إدلب سريعاً إلى ركب الاحتجاجات ضد النظام السوري التي اندلعت في مارس (آذار) 2011.
وفي مارس العام 2015، سيطر «جيش الفتح»، تحالف فصائل معارضة بينها جبهة النصرة سابقاً (هيئة تحرير الشام حالياً) على كامل محافظة إدلب باستثناء بلدتي الفوعة وكفريا.
وشكَّلَت السيطرة عليها ضربة للنظام السوري، إذ كانت مدينة إدلب ثاني مركز محافظة يخسرها بعد مدينة الرقة التي تحولت إلى معقل تنظيم داعش في سوريا، قبل طرد المتطرفين منها العام الماضي.
وطوال سنوات، شكلت محافظة إدلب هدفاً للطائرات الحربية السورية والروسية، كما استهدف التحالف الدولي بقيادة واشنطن دورياً قياديين إرهابيين فيها.
ويعيش في محافظة إدلب حالياً نحو 2.5 مليون شخص بينهم أكثر مليون نازح من مناطق أخرى.
وفي الرابع من أبريل (نيسان) عام 2017، تعرضت مدينة خان شيخون في إدلب لهجوم كيميائي أودى بحياة أكثر من 80 شخصاً، بينهم 30 طفلاً. واتهمت الأمم المتحدة قوات النظام بشن الهجوم، الأمر الذي طالما نفته دمشق وحليفتها موسكو.
وتعرضت المحافظة في السابق أيضاً لهجمات بغازات سامة.
وفي الحادي والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول) 2016، صدر تقرير عن لجنة التحقيق المشتركة يفيد بأن النظام السوري شن هجوماً بالسلاح الكيميائي مستخدماً مادة الكلور في بلدة قميناس في مارس 2015.
وكانت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة أفادت في تقرير سابق بأن مروحيات عسكرية سورية ألقت غاز الكلور على بلدتي تلمنس وسرمين في محافظة إدلب.
وفي الرابع من فبراير (شباط) 2018، وثَّق المرصد السوري لحقوق الإنسان إصابة 11 شخصاً على الأقل في حالات اختناق في مدينة سراقب، ونقل عن مصادر طبية إنها ناتجة عن استخدام «غازات سامة».
وبعد اقتتال داخلي بين الفصائل المتعددة في عام 2017، باتت هيئة تحرير الشام تسيطر على الجزء الأكبر من محافظة إدلب مقابل وجود محدود لفصائل أخرى أبرزها حركة أحرار الشام وحركة نور الدين زنكي.
وفي 18 فبراير عام 2018، أعلنت الحركتان المذكورتان اندماجهما تحت مسمى «جبهة تحرير سوريا»، لتخوضا مجدداً معارك مع مقاتلي هيئة تحرير الشام.
تشكل محافظة إدلب مع أجزاء من محافظات محاذية لها إحدى مناطق اتفاق خفض التوتر، الذي تم التوصل إليه في مايو (أيار) في آستانة برعاية روسيا الداعمة للنظام، وتركيا الداعمة للمعارضة.
وبدأ سريان الاتفاق عملياً في إدلب سبتمبر (أيلول) الماضي.
لكنها تعرضت في نهاية عام 2017 لهجوم عسكري تمكنت خلاله قوات النظام بدعم روسي من السيطرة على عشرات البلدات والقرى في الريف الجنوبي الشرقي وعلى قاعدة عسكرية استراتيجية.
وبعد تراجع وتيرة القصف عليها خلال العام الحالي، عادت الغارات لتستهدفها الأسبوع الماضي موقعة عشرات القتلى والجرحى.
وبين القتلى 16 طفلاً في غارة وقعت في 21 مارس قرب مدرسة في قرية كفربطيخ في ريف إدلب الشرقي.
وتُعدّ محافظة إدلب وجهة لعشرات الآلاف من المدنيين والمقاتلين المعارضين الذين تم إجلاؤهم، من مدن عدة كانت تحت سيطرة الفصائل المعارضة، خصوصاً قرب دمشق إثر حصار وهجمات عسكرية عنيفة.
ووصل مئات المقاتلين من حركة أحرار الشام والمدنيين أمس (الخميس) إلى المحافظة بعد إجلائهم من مدينة حرستا في الغوطة الشرقية قرب دمشق التي تتعرض لهجوم عنيف من قبل قوات النظام.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».