مقتل جنديين إسرائيليين في عملية دهس بالضفّة

الشرطة تفتح تحقيقاً لمعرفة إن كان الهجوم بمبادرة فردية أم جزءاً من مخطط لتصعيد أمني جديد

جانب من المواجهات مع القوات الإسرائيلية في قطاع غزة أمس والتي خلفت عشرات الجرحى (إ.ب.أ)
جانب من المواجهات مع القوات الإسرائيلية في قطاع غزة أمس والتي خلفت عشرات الجرحى (إ.ب.أ)
TT

مقتل جنديين إسرائيليين في عملية دهس بالضفّة

جانب من المواجهات مع القوات الإسرائيلية في قطاع غزة أمس والتي خلفت عشرات الجرحى (إ.ب.أ)
جانب من المواجهات مع القوات الإسرائيلية في قطاع غزة أمس والتي خلفت عشرات الجرحى (إ.ب.أ)

قتل أمس جنديان إسرائيليان وأصيب أكثر من مائة فلسطيني، خلال المظاهرات والمسيرات المستمرة للأسبوع السادس عشر على التوالي، والتي انطلقت منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وكانت الفصائل الوطنية والإسلامية الفلسطينية قد دعت أمس إلى «جمعة غضب»، بمناسبة مرور مائة يوم على إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده إليها.
وقالت مصادر إسرائيلية إن شابا فلسطينيا في العشرين من عمره قام بدهس 5 إسرائيليين، بينهم جنود، كانوا يقفون قرب مدخل مستوطنة «دوتان» القائمة على أراضي جنين، ما أدى إلى مقتل اثنين وإصابة ثلاثة بجراح، أحدهم بحالة خطيرة جدا، موضحة أن الشاب الذي قام بعملية الدهس أصيب هو الآخر بجراح، وتم اعتقاله ويتلقى العلاج.
وخلال التحقيق الأولي مع الشاب الفلسطيني، قال إن ما وقع «حادث طرق غير متعمد»، لكن الناطقين الإسرائيليين تحدثوا عن عملية دهس مقصودة، وبدأوا يبحثون إن كانت بمبادرة فردية أو أنها جزء من مخطط يجري أعداده لتصعيد أمني جديد، عشية الاحتفالات الإسرائيلية بمرور 70 سنة على قيامها، والتي ستصل ذروتها في 14 مايو (أيار) القادم. خاصة أن الإدارة الأميركية تنوي نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس في هذا الموعد، ولا يستبعد الإسرائيليون أن يكون الفلسطينيون ينوون تفجير الأوضاع حتى ذلك الموعد.
في غضون ذلك أعلن الفلسطينيون أمس إصابة أكثر من 100 شخص بجراح متباينة في القدس، وفي شتى أنحاء الضفة الغربية، بعد تنفيذ قوات الاحتلال عمليات اعتقال وتنكيل، خلال محاولة تفريق المظاهرات والمسيرات السلمية. وجاءت جل هذه الإصابات نتيجة لإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي.
وارتفعت حدة المواجهات في مناطق اللبن الشرقية، وبينا وكفر قليل، وبرقين في محافظتي جنين ونابلس. وقال أحمد جبريل، الناطق الرسمي باسم للهلال الأحمر الفلسطيني في نابلس، إن طواقم الهلال الأحمر قدمت العلاج إلى 50 مواطنا في قرية اللبن الشرقية، بعد إصابتهم بحالات اختناق ناجمة عن قنابل الغاز المسيل للدموع، فيما أصيب شاب برصاصة مطاطية خلال المواجهات.
وأضاف جبريل أنه في قرية بيتا، الواقعة جنوب نابلس، أصيب 10 مواطنين بحالات اختناق خلال المواجهات التي اندلعت على مفرق بيتا، فيما أصيب 25 مواطنا بالغاز المسيل للدموع، وخمسة آخرون بالرصاص المطاطي خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال في قرية كفل قليل جنوب نابلس. كما اندلعت مواجهات في عوريف وبيت فوريك.
وفي محافظة جنين اعتقلت قوات الاحتلال فجر أمس الشابين محمد عماد خلوف، وعبد الله لطفي خلوف من منزليهما، بعد اقتحام البلدة بالآليات العسكرية وفرق المشاة، وسط تحليق مكثف لطائرة الرصد منذ ساعات الليلة الماضية. أما في محافظة القدس، فقد أُصيب 38 مواطنا فلسطينيا بحروق وجروح متفاوتة، وحالات اختناق خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في بلدة العيزرية.
وفي محافظة رام الله، أُصيب شاب بعيار معدني مغلف بالمطاط، كما أصيب العشرات بالاختناق خلال مواجهات مع الاحتلال على المدخل الشمالي لمدينة البيرة. كما أصيب عشرات المواطنين بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، خلال المواجهات الذي اندلعت في بلدة نعلين غربي رام الله. وقالت مصادر فلسطينية إن أهالي نعلين توجهوا إلى أراضي البلدة، حيث يوجد جدار الضم والتوسع العنصري رافعين الأعلام الفلسطينية، لكن عند وصولهم إلى الجدار أطلقت قوات الاحتلال وابلا من قنابل الغاز المسيل للدموع والصوت تجاه المواطنين، ما أدى إلى إصابة العشرات بحالات اختناق.
وفي قرية بدرس غرب المحافظة، أُصيب مواطنان بأعيرة معدنية مغلفة بالمطاط، كما أُصيب العشرات بالاختناق، خلال المواجهات مع قوات الاحتلال التي داهمت منازل المواطنين وفتشتها وعبثت بمحتوياتها، كما اقتحمت مدرسة «بدرس» الثانوية، وتمركزت في حرم المدرسة. وفي غضون ذلك اندلعت مواجهات مع قوات الاحتلال في عدة نقاط تماس في قرى النبي صالح ودير نظام والجانية.
وفي محافظة بيت لحم، قمعت قوات الاحتلال مسيرة سلمية خرجت في بيت لحم، تنديدا بإعلان الرئيس الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وانطلقت المسيرة عقب صلاة الجمعة من أمام مخيم العزة، وصولا إلى المدخل الشمالي لبيت لحم، حيث قمعتها قوات الاحتلال بإطلاق قنابل الصوت، ما أدى إلى اندلاع مواجهات في المكان. أما في الخليل فقد اندلعت مواجهات مع قوات الاحتلال في منطقة باب الزاوية وسلط البلدة القديمة، دون أن يبلغ عن إصابات.
وفي قطاع غزة أطلق جنود الاحتلال المتمركزون في الدبابات والأبراج العسكرية المنتشرة على السياج الفاصل شرقي القطاع، الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع باتجاه المشاركين في المسيرات الأسبوعية.
وبعد عملية الدهس واعتقال الشاب الذي نفذ العملية، قال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي إن التحقيقات الأولية أظهرت أن العملية ذات دوافع قومية، وأن المنفذ كان قد اعتقل سابقا لعدة أشهر بعد اتهامه برشق الحجارة تجاه قوات الجيش والمستوطنين. مشيرا إلى أن الشاب البالغ من العمر 26 عاما، يقطن في قرية برطعة القريبة من جنين، وأنه سبق للسلطات أن منعته من دخول المدن الإسرائيلية، وأوضح أنه يجري مزيدا من التحقيق في ظروف العملية لمعرفة ما إذا كانت بتعليمات من تنظيمات فلسطينية.
من جهتها، قالت وسائل إعلام عبرية إن الجنديين يخدمان في كتيبة كيدم، وإنهما تعرضا للهجوم مع مجموعة أخرى كانت تقوم بعملية تأمين الطريق الاستيطاني 585 المجاور لمستوطنة ميفو دوتان.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».