مصر: أهالي سيناء يأملون بطي صفحة الإرهاب عبر التنمية

السيسي شكّل لجنة رئاسية لطرح أراضي المحافظة للاستثمار

جنود مصريون يشاركون في حملة لتعقب مسلحين داخل إحدى مزارع العريش (الجيش المصري)
جنود مصريون يشاركون في حملة لتعقب مسلحين داخل إحدى مزارع العريش (الجيش المصري)
TT

مصر: أهالي سيناء يأملون بطي صفحة الإرهاب عبر التنمية

جنود مصريون يشاركون في حملة لتعقب مسلحين داخل إحدى مزارع العريش (الجيش المصري)
جنود مصريون يشاركون في حملة لتعقب مسلحين داخل إحدى مزارع العريش (الجيش المصري)

يأمل الكثيرون من أهالي محافظة سيناء في تجاوز الصعوبات التي يعيشونها، بسبب أجواء الحرب الممتدة ضد «الجماعات الإرهابية»، التي نشطت في المحافظة المترامية الأطراف منذ سنوات. وبعد إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي أخيراً عن تشكيل لجنة رئاسية تتولى طرح أراضٍ «لاستخدامها بما يحقق التنمية المنشودة وفقاً لسياسات ومخططات الدولة»، يعتقد بعض من السينائيين أن تجاوز المعاناة بات أقرب للتحقيق، وأنهم يوشكون على طي صفحة «الإرهاب»، بحسب ما تحدث عدد منهم لـ«الشرق الأوسط».
وتقدر مساحة محافظة شمال سيناء بنحو 27.5 ألف كيلومتر مربع، يعيش فيها نحو نصف مليون شخص، بحسب أحدث إحصائية متاحة، غير أن معظمهم يقيمون في المناطق القريبة من الشريط الساحلي المطل على البحر المتوسط، فيما تغيب تقريباً المشروعات التنموية عن معظم مناطق المحافظة.
يقول عارف أبو عكر، وهو من مشايخ قبيلة العكور، لـ«الشرق الأوسط» إن القرار الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي، قبل أيام، بالبدء في تنفيذ مخطط التنمية، يُعد متغيراً كبيراً بالنسبة للأهالي الذين كثيراً ما تلقوا وعوداً فيما سبق، ولم يلمسوا تحركاً عملياً، وأضاف: «ما تم تدشينه من مشروعات ضخمة تستهدف سيناء، خصوصاً الأنفاق التي تيسر حركة النقل إلى شرق قناة السويس كلها تدفع باتجاه قرب تجاوز الأزمات الراهنة، والسيطرة على الموقف واستعادة الأمن في المحافظة».
وينفذ الجيش المصري، منذ سنوات، عمليات متواصلة في شبه جزيرة سيناء لمطاردة مجموعات من المسلحين (أغلبهم من المنتمين لتنظيم داعش)، ومنتصف الشهر الماضي، بدأت القوات المسلحة والشرطة، عملية أطلقت عليها اسم «المجابهة الشاملة» لاستعادة الأمن.
وتحدث رئيس الإدارة المركزية للاستثمار بالجهاز الوطني لتنمية سيناء المهندس عادل محسن إلى «الشرق الأوسط»، مؤكداً أن «الحكومة بأجهزتها المختلفة عازمة على تحويل شمال سيناء إلى منطقة استثمارية مصرية وعربية وعالمية، عن طريق الاستخدام الأمثل لأراضي المحافظة في المشروعات بمختلف المجالات».
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في أواخر فبراير (شباط)، أكد أن عملية التنمية الشاملة بسيناء تقدر تكلفتها الإجمالية بنحو 275 مليار جنيه.
وشرح رئيس مدينة بئر العبد (توجد 6 مدن بالمحافظة) نصر الله محمد، أن «تنمية شمال سيناء سيساهم في جذب السكان إليها من الوادي والدلتا، خصوصاً في ظل استمرار التركيز على مشروعات البنية الأساسية في مجال الطرق والكباري والأنفاق».
وبحسب المخطط لشمال سيناء، فإن الحكومة تستهدف إنشاء «مطار دولي، وميناء تجاري على البحر المتوسط، و500 مركز قابلة للامتداد لتصدير المنتجات الزراعية والسمكية»، فضلاً عن إنشاء نقاط تصنيع للموارد التعدينية بإجمالي استثمارات 17 مليار جنيه، وبما يوفر 37 ألف فرصة عمل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».