إسلام آباد تصادر أصول «جماعة الدعوة» المتطرفة

لتفادي وضع اسم باكستان على قوائم الدول الممولة للإرهاب

حافظ سعيد زعيم ومؤسس «جماعة الدعوة» الباكستانية بين أنصاره في لاهور يوم التضامن مع كشمير بداية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
حافظ سعيد زعيم ومؤسس «جماعة الدعوة» الباكستانية بين أنصاره في لاهور يوم التضامن مع كشمير بداية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

إسلام آباد تصادر أصول «جماعة الدعوة» المتطرفة

حافظ سعيد زعيم ومؤسس «جماعة الدعوة» الباكستانية بين أنصاره في لاهور يوم التضامن مع كشمير بداية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
حافظ سعيد زعيم ومؤسس «جماعة الدعوة» الباكستانية بين أنصاره في لاهور يوم التضامن مع كشمير بداية الشهر الماضي (أ.ف.ب)

كشف مسؤولون باكستانيون أن الحكومة الباكستانية قامت بمصادرة 148 مقراً ومبنى تابعاً لـ«جماعة الدعوة» والجماعات التابعة لها في إقليم البنجاب، ووضعت يدها كذلك على ممتلكات وأصول الجماعة بمنطقة أزاد كشمير. وبحسب مسؤول رفيع بوزارة الداخلية الباكستانية، فقد «صودرت جميع ممتلكات (جماعة الدعوة) وذراعها الخيرية (مؤسسة فلاح الإنسانية) بمنطقتي أزاد كشمير وجلغيت بالتيستان، بالإضافة إلى 148 مقراً صودرت في إقليم البنجاب في إطار الإجراءات التي اتخذتها الحكومة مؤخراً ضد الجماعتين».
وجاء تصريح مسؤول وزارة الداخلية أمام «لجنة مجلس الشيوخ للأمن الداخلي والأمن». وأفاد المسؤولون بأن الحكومة صادرت أصولاً ثابتة للجماعتين، منها مستشفيات ومستوصفات، وأن الهلال الأحمر الباكستاني قد تلقى أوامر بتسلم سبع سيارات إسعاف تابعة لهم. وكانت قوات مكافحة الإرهاب الباكستانية قد قامت بإجراءات صارمة ضد 3 جماعات على صلة بحافظ محمد سعيد زعيم ومؤسس جماعة «الدعوة»، بأن أرصدتهم البنكية التي تعادل قيمتها نحو المليون دولار جمدت، واتخذت عدداً من الإجراءات الجادة الأخرى لمنع تمويلها. وتهدف الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الباكستانية إلى تفادي وضع اسم باكستان على قوائم الدول الداعمة والممولة للإرهاب التي تصدرها الهيئات الدولية المعنية بمراقبة عمليات غسل الأموال. وكان ما يعرف بـ«فريق العمل المعنى بغسل الأموال»، الذي اختتم اجتماعاته بباريس الشهر الماضي قد أعطى إسلام آباد مهلة ثلاثة شهور لإيقاف تمويل تلك الجماعات. وصادرت باكستان أصولاً تعادل قيمتها نحو 96 مليون روبية باكستانية تابعة لـ«جماعة الدعوة» و«مؤسسة فلاح الإنسانية»، استناداً إلى البند رقم «11 ح ح» من قانون مكافحة الإرهاب الصادر عام 1997.
وأبلغ مسؤولو وزارة الداخلية، لجنة الأمن الداخلي بمجلس الشيوخ الباكستاني، بأن جماعة «لشكر طيبة» و«جماعة الدعوة» و«فلاح الإنسانية» جميعها قد أدرجت على قائمة عقوبات مجلس الأمن الدولي استناداً إلى القرار رقم 1267، وأن الحكومة الباكستانية عليها إخضاع تلك الكيانات لعقوبات.
وكان قانون مكافحة الإرهاب الباكستاني قد خضع لتعديل رئاسي ليتماشي مع وضع الجماعات الثلاث، وليتسنى تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي ضدها.
بدأت الحكومة الباكستانية في إجراءاتها ضد الجماعات المتطرفة المذكورة قبل فترة طويلة، غير أنه بعد وضع «فريق العمل المعنى بغسل الأموال» بباريس لباكستان على قوائمها التي تشمل الدول الممولة للإرهاب، عملت الحكومة الباكستانية على تعزيز جهودها في مواجهة الجماعات المسلحة. وأفاد المسؤولون الباكستانيون بأن حكومتهم تسعى إلى استكمال إجراءات منع حملات جمع التبرعات التي تتولاها «جماعة الدعوة» والجماعات التابعة لها داخل باكستان قبل نهاية مهلة الأشهر الثلاثة التي حددها «فريق العمل المعنى بغسل الأموال».
وكشف مسؤولون باكستانيون بوزارة الداخلية الباكستانية أن اجتماعاً سيعقد الأسبوع المقبل بمقر وزارة المالية، بحضور ممثلين عن «فريق العمل المعنى بغسل الأموال»، وأنه من المفترض أن يجري إعداد آلية لإبلاغ فريق العمل بما يتم اتخاذه إزاء تلك الجماعات. وكان كبير قضاة المحكمة العليا في إسلام آباد، عامر فاروق، وجه إخطاراً إلى مدير ديوان الرئيس الباكستاني طالبه فيه بإرسال ممثل إلى المحكمة لحضور الجلسة المقررة للنظر في الالتماس المقدم من حافظ سعيد، زعيم ومؤسس «جماعة الدعوة» الباكستانية اعتراضاً على قرار رئيس الجمهورية بحظر جماعته، بعد أن وضعها مجلس الأمن الدولي على قائمة المراقبة والإرهاب. وكان الرئيس الباكستاني ممنون حسين قد أقر الشهر الماضي تعديلاً لقانون مكافحة الإرهاب الصادر عام 1997 الذي يقضي بحظر أنشطة الأفراد والجماعات التي وردت في قائمة أصدرها مجلس الأمن الدولي، في إجراء يهدف إلى حظر نشاطات حافظ سعيد لارتباط اسمه بجماعتي «جماعة الدعوة» و«فلاح الإنسانية» المحظورتين.



الاحترار يتخطى عتبة 1.5 درجة مئوية في 2023 و2024

آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)
آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)
TT

الاحترار يتخطى عتبة 1.5 درجة مئوية في 2023 و2024

آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)
آثار الجفاف في جنوب كاليفورنيا يوليو الماضي (أ.ف.ب)

تجاوز الاحترار خلال العامين الأخيرين في المتوسط عتبة 1.5 درجة مئوية التي حدّدتها اتفاقية باريس، ما يؤشر إلى ارتفاع مستمر في درجات الحرارة غير مسبوق في التاريخ الحديث، بحسب ما أفاد، الجمعة، مرصد «كوبرنيكوس» الأوروبي. وكما كان متوقعاً منذ أشهر عدة، وأصبح مؤكَّداً من خلال درجات الحرارة حتى 31 ديسمبر (كانون الأول)، يُشكّل 2024 العام الأكثر حرّاً على الإطلاق منذ بدء الإحصاءات سنة 1850، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مرصد «كوبرنيكوس» الأوروبي. ومن غير المتوقع أن يكون 2025 عاماً قياسياً، لكنّ هيئة الأرصاد الجوية البريطانية حذّرت من أن هذه السنة يُفترض أن تكون من الأعوام الثلاثة الأكثر حراً على الأرض.

اتفاقية باريس

وسنة 2025، العام الذي يعود فيه دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، يتعيّن على الدول أن تعلن عن خرائط الطريق المناخي الجديدة، التي تُحَدَّث كل خمس سنوات في إطار اتفاقية باريس. لكن خفض انبعاث الغازات الدفيئة المسبّبة للاحترار يتعثر في بعض الدول الغنية؛ إذ لم تستطع الولايات المتحدة مثلاً خفض هذا المعدّل سوى بـ0.2 في المائة في العام الماضي، بحسب تقرير «كوبرنيكوس». ووفق المرصد، وحده عام 2024 وكذلك متوسط عامي 2023 و2024، تخطى عتبة 1.5 درجة مئوية من الاحترار، مقارنة بعصر ما قبل الصناعة، قبل أن يؤدي الاستخدام المكثف للفحم والنفط والغاز الأحفوري إلى تغيير المناخ بشكل كبير.

احترار المحيطات

خلف هذه الأرقام، ثمّة سلسلة من الكوارث التي تفاقمت بسبب التغير المناخي؛ إذ طالت فيضانات تاريخية غرب أفريقيا ووسطها، وأعاصير عنيفة في الولايات المتحدة ومنطقة البحر الكاريبي. وتطال الحرائق حالياً لوس أنجليس، وهي «الأكثر تدميراً» في تاريخ كاليفورنيا، على حد تعبير الرئيس جو بايدن.

قال علماء إن عام 2024 كان أول عام كامل تتجاوز فيه درجات الحرارة العالمية عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة (أ.ب)

اقتصادياً، تسببت الكوارث الطبيعية في خسائر بقيمة 320 مليار دولار في مختلف أنحاء العالم خلال العام الماضي، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن شركة «ميونيخ ري» لإعادة التأمين. من شأن احتواء الاحترار عند عتبة 1.5 درجة مئوية بدلاً من درجتين مئويتين، وهو الحد الأعلى الذي حدّدته اتفاقية باريس، أن يحدّ بشكل كبير من عواقبه الأكثر كارثية، بحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي. وتقول نائبة رئيس خدمة التغير المناخي (C3S) في «كوبرنيكوس»، سامانثا بيرجس: «إنّ كل سنة من العقد الماضي كانت أحد الأعوام العشرة الأكثر حرّاً على الإطلاق».

ويستمرّ الاحترار في المحيطات، التي تمتصّ 90 في المائة من الحرارة الزائدة الناجمة عن الأنشطة البشرية. وقد وصل المتوسّط السنوي لدرجات حرارة سطح المحيطات، باستثناء المناطق القطبية، إلى مستوى غير مسبوق مع 20.87 درجة مئوية، متجاوزاً الرقم القياسي لعام 2023.

«النينيا»

التهمت حرائق غابات الأمازون في شمال البرازيل سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

بالإضافة إلى التأثيرات المباشرة لموجات الحرّ البحرية على الشعاب المرجانية أو الأسماك، يُؤثّر الاحترار الدائم للمحيطات على التيارات البحرية والجوية. وتطلق البحار التي باتت أكثر احتراراً مزيداً من بخار الماء في الغلاف الجوي، مما يوفر طاقة إضافية للأعاصير أو العواصف. ويشير مرصد «كوبرنيكوس» إلى أن مستوى بخار الماء في الغلاف الجوي وصل إلى مستوى قياسي في عام 2024؛ إذ تجاوز متوسطه لفترة 1991 - 2020 بنحو 5 في المائة. وشهد العام الماضي انتهاء ظاهرة «النينيو» الطبيعية التي تتسبب بالاحترار وبتفاقم بعض الظواهر المتطرفة، وبانتقال نحو ظروف محايدة أو ظاهرة «النينيا» المعاكسة. وكانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية حذرت في ديسمبر من أنّ ظاهرة «النينيا» ستكون «قصيرة ومنخفضة الشدة»، وغير كافية لتعويض آثار الاحترار العالمي.