4 أحزاب تطالب نتنياهو بوقف «الهيمنة الصينية» على مشاريع ذات طابع استراتيجي

بكين تتحكم في مواقع تتعلق بأمن الدولة تحت غطاء شركات تجارية

TT

4 أحزاب تطالب نتنياهو بوقف «الهيمنة الصينية» على مشاريع ذات طابع استراتيجي

توجه قادة أربعة أحزاب يهودية في إسرائيل، بينها حزب «يهدوت هتوراة» الشريك في الائتلاف الحكومي، بطلب إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أن يجري بحثاً معمقاً حول ما سموه «هيمنة الصين على أهم مشاريع البناء الاستراتيجي». وطرحوا هذا الموضوع للبحث في لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، كي يلزموا الحكومة ببحثه.
وقد وقع قادة الأحزاب الأربعة، وهم: أوري ماكليف حزب «يهودوت هتوراة»، وعوفر شيلاح حزب «يوجد مستقبل»، وأييلت نحمياس - فيربين من كتلة «المعسكر الصهيوني»، وميخال روزين، «ميرتس»، على الطلب المقدم بعنوان: «سياسات إسرائيل في موضوع ضلوع جهات صينية في المجالات الاستراتيجية في إسرائيل». وبسبب المداولات الجارية حول الميزانية، لم يجر بعد تحديد موعد لإجراء هذه المداولات، ولكن من الواضح أن القضية باتت حساسة بشكل غير مسبوق، ويبدو أن النواب يستندون في ذلك إلى تقارير استخبارية أيضاً تشير إلى وجود خطر أمني واستراتيجي تسببه كثرة النشاطات الصينية في عدد من أركان الاقتصاد الإسرائيلي.
وحسب عوفر، فإن «هذه المداولات تختص في مسألة كيفية السير المتوازن بين الرغبة الإسرائيلية في اجتذاب مستثمرين من أرجاء العالم، بما فيه الصين، وبين حاجة إسرائيل إلى حماية نفسها من سيطرة جهات معادية أو أجنبية على البنى التحتية المصيرية، والمواقع الحساسة القومية، والمنظومات الأمنية والاستراتيجية. فعلى مدار السنوات الماضية دخلت شركات صينية إلى السوق الإسرائيلية كشركات مقاولة ثانوية، أو في بعض الأحيان كشركات مقاولة رئيسية في مشاريع البنى التحتية الرئيسية في إسرائيل، خصوصاً في مجال المواصلات».
ويدور الحديث هنا عن شركات تعمل في مجال البناء أو في تزويد المعدات المتنوعة، كالمقطورات، وأجهزة الحفر والمناجم، أو المنظومات الأخرى المستخدمة في مد البنى التحتية. وقد جرى استكمال بعض هذه المشاريع، وبعضها الآخر لا يزال في مراحل الإنشاء أو حتى الاستعداد لإجراء المناقصات. من ضمن هذه المشاريع هناك مشروع شق أنفاق الكرمل، وخط السكة الحديدية ما بين مدينتي عكا وكرميئيل، والقطار الخفيف في تل أبيب، وإقامة ميناء خاص في مدينة أسدود، وامتياز تشغيل مسارات المواصلات الداخلية في مدينة تل أبيب، ضمنها مشروع القطار الخفيف، وامتياز تشغيل ميناء خاص في حيفا، والتنافس على شق وتشغيل الشارع رقم 16 (الواصل إلى القدس). وفي خلفية هذا كله هناك أيضاً أحاديث حول مد خط سكة حديدية نحو مدينة إيلات، وهي أفكار لم تنضج بعد لتصبح وقائع على الأرض. وتبلغ كلفة هذه المشاريع عشرات مليارات الدولارات.
ويبدي الصينيون اهتماماً أيضاً بالزراعة وإنتاج الغذاء. وقد جرى تسجيل الدخول الأول الكبير لشركة صينية للسوق الإسرائيلية عبر شراء شركة «تنوفا» (وهي أكبر شركة ألبان في إسرائيل)، وقد نشرت أخبار مؤخراً تفيد بأن وزارة الزراعة تسعى إلى نقل (بعبارة أدق: إلى تأجير، لمدة أربعين عاماً) مساحة تبلغ مليون دونم في النقب وصحراء عربة، للقوة الصينية العظمى. بعض المناطق التي دار الحديث عنها تستخدم اليوم في تنمية الحنطة من قبل المزارعين الإسرائيليين، إلى جانب أراضي الزراعة البعلية. ومقابل هذا فستقوم الصين بتمويل إقامة مرفقي تنقية مياه في إسرائيل. بناء مثل هذين المرفقين يعد أمراً ضرورياً على ضوء تزايد مضاعفات الاحترار الجوي، وهو ما يتسبب في تغيرات حادة في حالة الطقس، وهذا ما أدى إلى خمس سنوات من القحط في البلاد.
ويساند النواب المذكورين أيضاً أصحابُ العمل الإسرائيليون، الذين يقولون إن «التسلل الصيني المكثف إلى القطاعات الاقتصادية الإسرائيلية المختلفة يثير قلق كل الصناعات المحلية في إسرائيل». وتبين أن اتحاد المقاولين أصدر مؤخراً ورقة عمل للتعميم الداخلي، تحذر أيضاً من هذه التوجهات الاقتصادية الجديدة. وقال نائب مدير عام البنى التحتية في الاتحاد، غرا كاوشنسكي: «المقاولون الإسرائيليون معنيون بالتعاون مع مقاولين من دول مختلفة. لكنه من غير المعقول ألا تقوم الحكومة بتحديد مسار مهني من أجل النظر في مغازي التعاونات طويلة الأمد في هذا القطاع، ومن أجل مصلحة العاملين فيه، بل ومن أجل مصلحة قطاع البناء بأسره. من غير المعقول: أن تدخل إلى البلاد شركات تعمل وفق دوافع لا تعد دوافع تجارية خالصة».
وأضاف أن «الصين، تحت غطاء شركات تجارية، سيكون بإمكانها التسلل إلى منظومات تعد مهمة بالنسبة لها، وبذلك، فإن التحدي الكامن أمام إسرائيل سيتمثل في الحفاظ على حق الملكية الأخلاقي الإسرائيلي، والحفاظ بذلك على أمن الدولة، من دون خنق التطوير الذي يتيحه توفّر محرّك النمو الاقتصادي الصيني».
ويقول عوفر: «إن دخول الشركات الصينية إلى الاقتصاد الإسرائيلي يملك مغازي استراتيجية وأمنية. وبناء عليه فإننا نطالب بإجراء هذه المداولات. فنحن إزاء احتمالات أن تقوم الشركات الصينية بالسيطرة، في نهاية المطاف، على البنى التحتية الحيوية. والمطلوب هنا إجراء نقاش جدّي، معمّق، وشامل».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».