تونس: «النداء» ينظم اجتماعات ماراثونية لتفادي «مفاجآت انتخابية»

تراجع شعبيته في ظل انقساماته السياسية

TT

تونس: «النداء» ينظم اجتماعات ماراثونية لتفادي «مفاجآت انتخابية»

بدأ حزب النداء، الحزب المتزعم للمشهد السياسي في تونس، عقد اجتماعات ماراثونية داخل مختلف ولايات (محافظات) البلاد، استعداداً للانتخابات البلدية، المزمع إجراؤها في السادس من مايو (أيار) المقبل.
وعقدت أولى الاجتماعات أمس في ولايات منوبة وزغوان وقفصة والمهدية وتطاوين وسيدي بوزيد، ومن المنتظر أن يعقد الحزب، الفائز في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت سنة 2014، مجموعة ثانية من الاجتماعات السياسية في ولايات تونس وبن عروس وأريانة ونابل وبنزرت وصفاقس وقابس ومدنين وقبلي، على أن تنتهي الاجتماعات المتبقية في 9 ولايات أخرى خلال نهاية الأسبوع المقبل.
وأوضح أنيس بن ساسي، القيادي في حزب النداء، أن هذه الاجتماعات ستعقد تحت إشراف قيادات الحزب داخل كل ولاية، وبحضور أعضاء المكاتب الجهوية والمكاتب المحلية، والمترشحين ضمن القائمات الانتخابية للحزب للبلديات، قصد بحث الاستعدادات للانتخابات البلدية المقبلة.
ويرى متابعون للشأن السياسي أن حزب النداء يتوخى من خلال هذه الاجتماعات «تحصين» نفسه من المفاجآت الانتخابية، إثر تراجع شعبيته بعد أكثر من 3 سنوات من تزعم المشهد السياسي، وأيضاً بسبب الانقسامات السياسية الحادة التي عرفها، مما أدى إلى تراجع عدد ممثليه في البرلمان من 86 مقعداً خلال سنة 2014 إلى 56 مقعداً برلمانياً فقط في الوقت الحالي.
ويسعى حزب النداء (ليبرالي) إلى الفوز على حزب حركة النهضة (إسلامي)، حليفه في انتخابات 2014، ومنافسه الأساسي في الانتخابات البلدية المقبلة، إثر إلغاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات خمس قوائم انتخابية لحزب النداء، فيما كانت حركة النهضة في مأمن من عمليات الإلغاء.
ووفق ما قدمته هيئة الانتخابات، التي تشرف على كل المراحل الانتخابية، فإن 22 حزباً سياسياً فقط هي التي ستشارك في الانتخابات البلدية المقبلة، من بين 211 حزباً سياسياً يملك رخصة لمزاولة العمل السياسي بشكل قانوني، وهو عدد ضئيل لا يمثل تقريباً سوى 10.4 في المائة من العدد الإجمالي للأحزاب السياسية.وتتنافس على الانتخابات المقبلة أكثر من ألفي قائمة انتخابية، تسيطر حركة النهضة وحزب النداء على معظمها، ويشارك نحو 54 ألف مرشح في هذه الانتخابات لاختيار نحو 7430 عضواً في المجالس البلدية.
وعلى صعيد متصل، نفى فاروق بوعسكر، عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أي احتمال لتزوير الانتخابات البلدية بعد قرار الهيئة إلغاء «الحبر الانتخابي»، والاكتفاء ببطاقة الهوية الشخصية.
وقال بوعسكر، في تصريح إعلامي، إن مجلس هيئة الانتخابات اتخذ هذا الإجراء بسبب التكلفة العالية للحبر الذي كان يستخدم سابقاً في الانتخابات، مبرزاً أن أغلب الأنظمة الديمقراطية تخلت عن اعتماد الحبر في الانتخابات، وأصبحت تعتبره آلية قديمة، على حد قوله. وشهدت الهيئة العليا للانتخابات نقاشات مطولة حول إلغاء الحبر من عدمه، ودافع عدد من الأعضاء على ضرورة الإبقاء على الحبر الذي بات يمثل «رمزية خاصة عند التونسيين ويؤثر في نفسية الناخب»، على حد تعبيرهم.
من جانبها، انتقدت عدة أحزاب معارضة غير ممثلة في البرلمان، هذه الخطوة، بالإضافة إلى منظمات جمعوية وحقوقية، وعلى رأسها «الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات (عتيد)» الحقوقية المستقلة، إذ قالت ليلى الشرايبي، رئيسة الجمعية، إن إلغاء الحبر الانتخابي يمثل مدخلاً رئيسياً للتصويت مرتين، على حد تعبيرها.
وفي السياق ذاته، قال زهير الحمدي، رئيس حزب التيار الشعبي لـ«الشرق الأوسط»، إن القرار يحتوي على الكثير من الريبة، ويطرح عدة هواجس لدى الأحزاب المعارضة المشاركة في الانتخابات البلدية المقبلة، معتبراً أن إلغاء الحبر، الذي ميز الاقتراعين الانتخابيين سنتي 2011 و2014، يطرح عدة تساؤلات، خصوصاً أن الناخب التونسي ما زال في خطواته الأولى على درب ثقافة التصويت والاقتراع، خلافاً لدول أخرى تملك تقاليد راسخة في هذا المجال، على حد قوله.
وفي المقابل، نفى محمد التليلي المنصري، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أي تأثير سلبي لقرار إلغاء الحبر الانتخابي على شفافية الانتخابات البلدية، وقال إن الناخبين سيكونون مطالبين بالإدلاء ببطاقة الهوية الوطنية، ليتم قبول توقيعهم والمشاركة في التصويت، موضحاً عدم قبول أي وثيقة أخرى.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».