مصر توقف «بطلة» تقرير «الإخفاء القسري»

ابنتها كذّبت روايتها وأشارت إلى «تعاطفها» مع جماعة «الإخوان»

TT

مصر توقف «بطلة» تقرير «الإخفاء القسري»

قررت السلطات القضائية في مصر، أمس، حبس «أم زبيدة» بطلة تقرير مُثير للجدل بثته هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، تحدثت فيه عن واقعة «إخفاء قسري» لابنتها وتعذيبها من قبل أجهزة الأمن المصري؛ إلا أن الابنة «زبيدة» ظهرت عقب التقرير و«كذّبت» رواية والدتها، مؤكدة أنها «متزوجة منذ أكثر من عام، ووضعت مولودها قبل أقل من أسبوعين، وأنها لا تتواصل مع أمها لأسباب خاصة...» وزادت بأن والدتها «متعاطفة مع جماعة الإخوان (التي تصنفها السلطات إرهابية)».
وأمر المستشار نبيل صادق، النائب العام في مصر، أمس، بحبس منى محمود محمد، والدة «زبيدة»، 15 يوماً احتياطياً على ذمة التحقيقات التي تُجرى معها بمعرفة نيابة أمن الدولة العليا. وأسندت النيابة في تحقيقاتها إلى والدة الفتاة «زبيدة» اتهامات بنشر وإذاعة أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، والانضمام إلى جماعة (في إشارة إلى «الإخوان») أنشئت على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، وشرعية الخروج على الحاكم، وتغيير نظام الحكم بالقوة، والإخلال بالنظام العام، وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر.
وقالت مصادر أمنية إنه أُلقي القبض على المتهمة (أم زبيدة) بإذن قضائي صادر بالضبط والإحضار بحقها من نيابة أمن الدولة العليا، بعدما تبين أنها أدلت بمعلومات وبيانات كاذبة عن سوء قصد وعلى نحو متعمد في مقابلة مع «بى بى سي» مفادها أن ابنتها (زبيدة) تعرضت لما سمته «الاختفاء القسري» والتعذيب بمعرفة أجهزة الأمن، قبل أن يتبين عدم صحة تلك المزاعم وأنها من نسج خيال المتهمة، خصوصاً عقب ظهور ابنتها في مقابلة تلفزيونية نفت فيها صحة ادعاءات والدتها.
وكان تقريراً لـ«بي بي سي» في نهاية فبراير (شباط) الماضي، قد أثار استياء السلطات المصرية، وأصدر النائب العام المصري حينها، توجيهاً لرؤساء «النيابة والمحامين العموميين بمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع، وضبط كل ما يُبث منها ويصدر عنها من شائعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام، أو تلقي الرعب في نفوس أفراد المجتمع، أو يترتب عليها إلحاق الضرر بالمصلحة العامة للدولة المصرية، واتخاذ ما يلزم حيالها من إجراءات جنائية».
كما أعلنت «الهيئة العامة للاستعلامات» (التابعة لرئاسة الدولة)، أنها ترجمت إلى اللغة الإنجليزية، اللقاء الذي أجرته السيدة «أم زبيدة» التي تناولها التقرير، وأظهر عدم صحة ما جاء في التقرير. وجددت «الاستعلامات» مطالبتها لـ«بي بي سي» بـ«الاعتذار عما ورد بالتقرير، بنفس الطريقة والمرات والمدة... وأن تتخذ كل ما هو لازم من إجراءات مهنية وإدارية لتصحيح ما ورد به من أخطاء وتجاوزات».
في غضون ذلك، زار أعضاء من المجلس القومي لحقوق الإنسان بمصر، أمس، عدداً من أقسام الشرطة في محافظتي القاهرة والجيزة، لتفقد الأحوال المعيشية لـ«المُحتجزين». وقال مصدر أمني إن الوفد تفقد أماكن الاحتجاز، وناقش «المُحتجزين» في الأحوال المعيشية والرعاية الصحية المقدمة لهم ومدى حسن المعاملة، مشيراً إلى أن «وفد حقوق الإنسان أشاد بما شاهدوه على الطبيعة للتعامل مع المُحتجزين، وحسن معاملة المواطنين المترددين على الأقسام، وتخصيص كراسي متحركة لذوي الاحتياجات الخاصة، فضلاً عن إنشاء وحدات حقوق الإنسان بأقسام الشرطة»... وأنهم أكدوا أن «هذا النهج الجديد للوزارة يؤكد حرصها على احترام حقوق الإنسان».
وذكر المصدر الأمني أن «الزيارة جاءت في إطار توجيهات اللواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية، بتفعيل التواصل الإيجابي البناء مع الكيانات الرسمية والأهلية ورموز مؤسسات المجتمع المدني، مما يسهم في تعضيد وبناء الثقة معهم، وفي إطار التواصل بين قطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية والمجلس القومي لحقوق الإنسان».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.