دفع لبناني للإسراع بانتخاب رئيس جديد على وقع التطورات العراقية

عون يشترط تبني ترشيحه «وفاقيا» أو إجراء انتخابات نيابية مبكرة

دفع لبناني للإسراع بانتخاب رئيس جديد على وقع التطورات العراقية
TT

دفع لبناني للإسراع بانتخاب رئيس جديد على وقع التطورات العراقية

دفع لبناني للإسراع بانتخاب رئيس جديد على وقع التطورات العراقية

تسارعت وتيرة الاتصالات السياسية مطلع الأسبوع الحالي في محاولة للملمة الوضع الداخلي اللبناني بعد 24 يوما على دخول البلاد في شغور رئاسي طالت تداعياته أخيرا مجلس الوزراء والبرلمان اللذين تحولا غير منتجين ومعطلين بقرارات سياسية ربطت مصير كل المؤسسات الدستورية ببعضها البعض.
وكشفت مصادر مواكبة للحركة الحاصلة بالملف الرئاسي أن «دفعا دوليا وداخليا نشط أخيرا على وقع التطورات العراقية (سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام-داعش على مدينة الموصل) للإسراع بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وبالتالي فرض الانتظام بعمل المؤسسات الدستورية لتلافي أي ارتدادات سلبية لما تشهده المنطقة على الداخل اللبناني».
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنّه «يجري الضغط على رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون لتقديم ترشيحه رسميا والتوجه إلى جلسة الانتخاب المحددة الأربعاء (غدا) أو تسمية أحد المرشحين الوفاقيين بالتنسيق مع البطريرك الماروني بشارة الراعي». وتواكب المؤسسات المارونية وعلى رأسها الرابطة المارونية والمجلس العام الماروني هذا الحراك بالتنسيق مع البطريركية المارونية بعيدا عن الأضواء في مسعى لإنجاح المهمة. ولا يبدو أن عون سيرضخ قريبا لكل الضغوط التي يتعرض لها بالموضوع الرئاسي، إذ تؤكد مصادر في التيار «الوطني الحر» الذي يتزعمه، أنّه مصر على ترشحه غير المعلن: «وهو ليس بوارد الدخول بأي مفاوضات لتبني أي ترشيح آخر حتى ولو خصص له امتياز تسمية الرئيس المقبل».
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن العماد عون «بصدد القبول بتعليق ترشيحه بشرط واحد فقط وهو إجراء انتخابات نيابية مبكرة على أن يتم على أساس نتائجها تحديد الرئيس المقبل للبلاد». وأشارت إلى أن عون «بصدد الضغط لإقرار قانون جديد للانتخابات بأسرع وقت ممكن على أن تتم الانتخابات فور الانتهاء من إعداد القانون».
وبدت لافتة الزيارة التي قام بها وزير الداخلية نهاد المشنوق، المحسوب على تيار المستقبل، يوم أمس إلى دارة عون في منطقة الرابية، شرق بيروت، وتأكيده بعد اللقاء أن الحوار بين عون وتيار «المستقبل»: «مستمر ودائم ولن يتوقف، وقد حقق لغاية الآن الكثير من الإيجابية أولها الاستقرار الحكومي وساهم في الاستقرار السياسي في البلد».
وأوضح المشنوق في مؤتمر صحافي أنّه لا يحمل أي رسالة من الحريري لعون، لافتا إلى أن البحث تناول «الأزمات المتعددة التي تمر بها البلاد، على رأسها شغور منصب رئاسة الجمهورية وهذا يحتاج مزيدا من التوافق بين اللبنانيين ومزيدا من النقاش والبحث عن القدرة في الوصول إلى رئيس وفاقي وليس توافقيا». وأشار إلى البحث في مسألة التعيينات التي توقفت وكيفية المتابعة بها: «واتفقنا أيضا على أنه ليس من خلاف على آلية مجلس الوزراء وعلى صلاحيات رئيس مجلس الوزراء بل البحث هو عن آلية الوكالة لرئاسة الجمهورية».
ونفى المشنوق ما أشيع أخيرا عن أنّه طرح على رئيس الحكومة تمام سلام تشكيل حكومة مصغرة، لافتا إلى أن ما دعا إليه هو قيام خلية أزمة. وأوضحت مصادر وزارة الداخلية لـ«الشرق الأوسط» أن طرح المشنوق بما يتعلق بتشكيل خلية أزمة ينطلق من «نظرته الاستباقية للمخاطر المحيطة بنا»، مشيرة إلى أن «هذه الخلية لن تكون بالضرورة خلية أمنية باعتبار أن المشاكل الداخلية والخارجية ليست مقتصرة على الأمن». وأضافت المصادر: «هذه الخلية يجب أن تتألف من أصحاب اختصاص ومعنيين أساسيين يضعون الخطط والاستراتيجيات لمواجهة أي خطر مقبل على البلاد».
وبدا أن هناك نوعا من الانسجام بين مواقف التيار الوطني الحر وتيار المستقبل في أكثر من ملف، إذ أكّد وزير الخارجية جبران باسيل، والقيادي في التيار الذي يتزعمه عون، أن النقاش الدائر لا يتطرق لصلاحيات رئيس الحكومة «فلا أحد يفكر في هذا الموضوع ولا مصلحة للبلد بطرحه، أما المطروح فهو محاولة الحفاظ في فترة الفراغ على الصلاحيات القليلة الباقية لرئيس الجمهورية وعدم الانتقاص منها».
وشدّد باسيل خلال احتفال مناطقي على تمسك التيار الوطني الحر بـ«الحوار السياسي والتفاهم لتجنب الخضات السياسية الكبيرة عبر إقرار قانون انتخابي جديد يمثل اللبنانيين، ومن خلال انتخاب رئيس قوي ميثاقي يستطيع أن يجمع المواطنين لكي يكون هناك لبنان القوي الذي نريده جميعا».
وفي سياق آخر، بيّنت المواقف الأخيرة لنواب وقياديي حزب الله انزعاجه من طول أمد المفاوضات بين عون والحريري بملف الرئاسة، إذ شدّد النائب في الحزب حسن فضل الله خلال احتفال جنوبي البلاد، على ضرورة حسم القرارات بشأن الاستحقاق الرئاسي. وقال: «هناك من لديه حيثية حقيقية في بيئته على المستوى الوطني ويستحق أن يكون في موقع الرئاسة إذا قرر الفريق الآخر أن يقبل بهذه المعادلة».
بدوره، قال النائب عن حزب الله حسين الموسوي: «نريد رئيسا للجمهورية لا يقف في طريقنا عندما ندافع عن كل لبنان واللبنانيين»، داعيا إلى «التفاهم في موضوع رئاسة الجمهورية لكي يأتي رئيس ينسجم مع الخط الوطني المقاوم ويكون متوافقا عليه».
من جهته، حثّ حزب «الكتائب» بعد اجتماعه الأسبوعي إلى «الشروع فورا في انتخاب رئيس للجمهورية لإكمال عقد المؤسسات وانتظامها»، داعيا لـ«الانصراف إلى اتخاذ الإجراءات الوقائية في الداخل وعلى الحدود لوقف مفعول أي تداعيات أو هزات ارتدادية ناتجة عن المناخ الإقليمي المأزوم، ومواجهة الأخطار العاتية بقدر عال من التماسك والتضامن والوحدة».
في موازاة ذلك، تكثف عمل الكتل النيابية الرئيسية قبيل جلسة مجلس النواب المقررة يوم الخميس المقبل للبحث بملف «سلسلة الرتب والرواتب» والتي من شأن إقرارها لزيادة رواتب موظفي القطاع العام والمدرسين. ولهذه الغاية عقدت سلسلة اجتماعات جمعت ممثلين عن تيار المستقبل وتكتل «التغيير والإصلاح» وكتلة «التنمية والتحرير» التي يترأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري بمحاولة للتوافق على موارد السلسلة قبل طرحها على التصويت في الجلسة المقبلة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».