«داعش» يعاود هجماته على كركوك

مخاوف من توسيع نطاق عملياته إلى ديالى والموصل

طلاب في حرم جامعة الموصل أمس وسط آثار الدمار الذب لحق بكثير من مبانيها خلال الحرب مع «داعش» (رويترز)
طلاب في حرم جامعة الموصل أمس وسط آثار الدمار الذب لحق بكثير من مبانيها خلال الحرب مع «داعش» (رويترز)
TT

«داعش» يعاود هجماته على كركوك

طلاب في حرم جامعة الموصل أمس وسط آثار الدمار الذب لحق بكثير من مبانيها خلال الحرب مع «داعش» (رويترز)
طلاب في حرم جامعة الموصل أمس وسط آثار الدمار الذب لحق بكثير من مبانيها خلال الحرب مع «داعش» (رويترز)

عاود تنظيم داعش هجماته على أكثر المناطق الرخوة التي لا يزال له وجود فيها، وهي محافظة كركوك المتنازع عليها وأجزاء من صلاح الدين وصولاً إلى الموصل. وبعد نحو أسبوع على الكمين الذي نصبه هذا التنظيم لقوة من «الحشد الشعبي» تتكون من 27 مقاتلاً في ناحية السعدونية التابعة لقضاء الحويجة، تمت إبادتهم بالكامل، هاجم انتحاري، أمس، مقراً يعود لفصيل «عصائب أهل الحق» في كركوك. لكنه وطبقاً لمصادر الشرطة العراقية ومسؤول رفيع المستوى بـ«العصائب» فقد تم قتل الانتحاري. وأدى التفجير إلى إصابة ثلاثة أشخاص كان الانتحاري قد تقدم باتجاههم قبل أن يفجر نفسه.
وجاء هذا الهجوم بعد أقل من يوم على مقتل اثنين من عناصر الشرطة وإصابة آخرين بهجوم شنه عناصر تنظيم داعش على بئر نفطية تابعة لحقل خبار جنوب غربي كركوك، بحسب المصدر الأمني. وفي هذا السياق أكد نعيم العبودي، الناطق الرسمي باسم «عصائب أهل الحق»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك استهدافاً واضحاً من قبل تنظيم داعش في منطقة كركوك للقوات الحكومية أو قوات (الحشد) والحركات السياسية التي لها علاقة بـ(الحشد الشعبي)»، مشيراً إلى أن «(عصائب أهل الحق) ستكون من الأولويات بالنسبة لهذا التنظيم، لكن اليقظة والحذر حال دون وصول الانتحاري إلى مقر الحركة، وهو ما أدى إلى إفشال هجومه».
وبشأن إرسال قوات إضافية إلى كركوك بسبب استمرار استهدافها، قال العبودي إن «الوضع مسيطر عليه في كركوك لكننا مازلنا نحتاج إلى جهوزية أكثر لأن هناك مناطق رخوة تحتاج تعزيز الجوانب الأمنية والاستخبارية من أجل منع أي خرق أمني في المستقبل». وأوضح أن «التعامل خلال المرحلة المقبلة لا بد أن يكون حذراً، لأنها ستكون مرحلة استهدافات أمنية».
من جانبه حذر محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي من إمكانية توسيع تنظيم داعش عملياته مستقبلاً تطبيقاً للخطة التي كان بدأها في وقت سابق من الشهر الماضي، والتي أطلق عليها «صيد الغربان». وقال النجيفي لـ«الشرق الأوسط» إن «(داعش) بدأ يستثمر ثانية الخلافات السياسية التي تفجرت بعد إعلان الانتصار عليه، والتي تعد إحدى السمات التي يتعامل بها السياسيون العراقيون الذين غالبا ما يهربون من أزمة سياسية حتى يفتعلوا أزمة أخرى، وهو ما يؤدي إلى إنعاش آمال (داعش) ثانية». وأضاف النجيفي أن «(داعش) جعل من أطراف كركوك منطلقاً رئيسياً لعملياته، ومن المتوقع أن يتسع الأمر إلى أطراف محافظة ديالى». ولفت النجيفي إلى أنه «بعد أن أطلق (داعش) المرحلة الأولى من خطته الجديدة (صيد الغربان)، يبدو واضحاً أنه ينتقل الآن إلى مرحلتها الثانية التي تستهدف المقرات الحكومية ومقرات الأجهزة الأمنية و(الحشد الشعبي) والعشائري بهجمات صغيرة استعداداً للمرحلة التي تليها»، مبيناً أنه «مهما كانت الصراعات السياسية، فإن (حرس نينوى) متأهب تماماً لوأد تلك التحركات في الموصل قبل انطلاقها، ولدينا تنسيق عال مع جميع الأجهزة الأمنية».
في السياق ذاته، أكد الدكتور معتز محي الدين، رئيس المركز الجمهوري للدراسات الأمنية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة في كركوك تكمن في جانبين أساسيين يكملان بعضهما، وهما أن القوة التي تمسك الملف الأمني هناك ليست كافية، وليست كفؤاً، بالإضافة إلى عدم وجود تنسيق بين قيادة العمليات العسكرية التي هي قيادة عمليات ديالى وسامراء ودجلة، فهي برغم ارتباطها بالقائد العام للقوات المسلحة تعمل من دون تنسيق بينها مما يبقي ملف كركوك شائكاً». وأضاف محي الدين أن «تنظيم داعش سبق أن أعلن قبل شهور وعقب إعلان هزيمته عن تأسيسه (ولاية الجبل)، وهو ما يعني أن مقاتليه وصلوا إلى جبال حمرين التي تحولت إلى أهم مركز لعملياته الجديدة مما يشكل خطورة إضافية ما لم يتم تغيير الخطط والبرامج، لأن من شأن هذه العمليات أن تمتد إلى جنوب كركوك، وتمثل تهديداً جدياً للمواطنين في تلك المناطق».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».