إثيوبيا تتجه إلى اختيار أبي أحمد أول رئيس مسلم لحكومتها

يتكلم 3 لغات وله خلفية عسكرية

شرطيان في أديس أبابا بعد تمديد حالة الطوارئ في البلاد (رويترز)
شرطيان في أديس أبابا بعد تمديد حالة الطوارئ في البلاد (رويترز)
TT

إثيوبيا تتجه إلى اختيار أبي أحمد أول رئيس مسلم لحكومتها

شرطيان في أديس أبابا بعد تمديد حالة الطوارئ في البلاد (رويترز)
شرطيان في أديس أبابا بعد تمديد حالة الطوارئ في البلاد (رويترز)

بدا أن إثيوبيا في طريقها إلى اختيار أول رئيس حكومة مسلم، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخها، بعدما انتخب حزب المنظمة الديمقراطية لشعب أورومو، أحد أحزاب الائتلاف الحاكم في إثيوبيا، الدكتور أبي أحمد رئيساً جديداً له، ما يمهّد الطريق نحو ترشيحه رئيساً جديداً للحكومة خلفاً لرئيس الوزراء المستقيل هايلي مريام ديسالين.
واختار الأعضاء الـ81 في اللجنة المركزية لمنظمة أورومو الديمقراطية الشعبية (أوبدو) في اجتماع استثنائي عُقد مساء أول من أمس، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بالإجماع، أبي أحمد رئيساً لها، بينما تم تعيين ليما ميجرسا، الرئيس السابق للجنة، نائباً له. ودعت اللجنة المركزية، الشعب الأورومي خاصة والشعب الإثيوبي عامة للوقوف إلى جانب الجبهة ومواصلة التنمية في البلاد. وقالت مصادر إثيوبية مقربة من الرئيس الجديد المحتمل للحكومة الإثيوبية، لـ«الشرق الأوسط»، إنه مولود لأب مسلم كان يعمل بالزراعة وأم مسيحية، وأن لديه خلفية عسكرية ومخابراتية مهمة، حيث خدم برتبة كولونيل ضمن قوات الجيش الإثيوبي، وشارك ضمن قوات حفظ السلام في رواندا.
ونال أحمد الذي يتحدث الإنجليزية بالإضافة إلى 3 لغات محلية إثيوبية، درجة الدكتوراه من معهد دراسات السلام والأمن (إيبس) التابع لجامعة أديس أبابا عن حل النزاعات المحلية في البلاد في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، علماً بأنه تولى عام 2015 منصب وزير العلوم والتكنولوجيا.
ويُنظر إلى انتخاب أبي أحمد على أنه تطور لافت للانتباه في إطار سعي الائتلاف الحاكم في إثيوبيا لامتصاص غضب أكبر قوميتين وهما الأورومية والأمهرية، حيث يشتكي المنتمون إلى هاتين المجموعتين العرقيتين من أنهما غير ممثلتَين بالقدر الكافي في السلطة بالبلاد. وقُتل مئات الأشخاص في أحداث عنف في 2015 و2016 في منطقتَي أوروميا وأمهرة، وهما أكثر مناطق البلاد سكاناً، علماً بأن الاضطرابات اندلعت في بادئ الأمر بسبب معارضة خطة تنمية حضرية للعاصمة أديس أبابا، لكنها اتسعت لتتحول إلى مظاهرات احتجاجاً على القيود السياسية وانتزاع أراضٍ وانتهاكات حقوق الإنسان. ويتهم الكثير من سكان إقليم أوروميا -وهي منطقة محورية في توجه إثيوبيا الصناعي- الحكومة بالاستيلاء على أراضيهم مقابل تعويضات هزيلة قبل بيعها لشركات غالباً ما تكون تابعة لمستثمرين أجانب مقابل مبالغ ضخمة. ويشكون أيضاً من معاناتهم للحصول على عمل حتى في المصانع التي تقام على أراضٍ كانوا يملكونها هم أو عائلاتهم في السابق. والشعور بالإحباط من سوء معاملة الحكومة المركزية متجذر في منطقتَي أوروميا وأمهرة، حيث تنتشر المصانع الجديدة ومزارع الزهور المملوكة لأجانب، بينما يشكل سكان المنطقتين أكثر من نصف سكان البلاد البالغ عددهم 99 مليون نسمة. واعتبر رئيس وزراء إثيوبيا هايلي مريم ديسالين استقالته غير المسبوقة في تاريخ إثيوبيا، محاولة لتسهيل إجراء إصلاحات بعد سنوات من الاضطرابات العنيفة التي هددت سيطرة التحالف الحاكم على ثاني أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان.
وإثيوبيا هي أكبر اقتصاد في المنطقة وحليفة رئيسية للغرب في مكافحة الإسلاميين المتشددين، لكن جماعات حقوقية تنتقد الحكومة لسجنها صحافيين ومعارضين سياسيين.
وتتألف الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية، وهي الائتلاف الحاكم، من أكثر من حزب، وتحكم البلاد منذ هزمت النظام العسكري عام 1991، ويرى الخبراء أن انتخاب أبى أحمد بمثابة نقطة تحول مهمة في الحراك السياسي، الذي تشهده إثيوبيا، تمهيداً لانتخاب رئيس جديد للائتلاف الحاكم، ليصبح تلقائياً رئيساً للحكومة، في وقت تناقش فيه أحزاب الائتلاف الحاكم في اجتماعات مكثفة، تقديم مرشحين محتملين لرئاسة الائتلاف. وكان ديسالين قد أعلن في خطوة مفاجئة، استقالته يوم الخميس الماضي، قبل أن يعلن مجلس الوزراء حالة الطوارئ في أنحاء إثيوبيا، وقال وزير الدفاع، سراج فرجيسا، إن حالة الطوارئ اقتضتها الأوضاع الراهنة التي تهدد الاستقرار السياسي والنظام الدستوري. وتحت وطأة الاحتجاجات، تبنى الائتلاف الحاكم إصلاحات تهدف إلى تخفيف الاحتقان، وتعزيز مناخ المصالحة الوطنية، وشمل ذلك إطلاق سراح المعتقلين السياسيين. واعتبر وزير خارجية إثيوبيا الدكتور وركنه جيبيهو، لدى اجتماعه الأخير مع أعضاء السلك الدبلوماسى الأجنبي في أديس أبابا، أن البلاد عادت إلى سلامها واستقرارها عقب إعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد التي أُعلنت الأسبوع الماضي. ورأى أن استقالة ديسالين جزء من الحل للمشكلات الحالية في البلاد، لافتاً إلى أنه سيبقى في منصبه حتى يتم انتخاب بديل له من قبل البرلمان.
إلى ذلك، منح الرئيس الإثيوبي مولاتو تيشوم أوسمة لكبار الضباط في الجيش الإثيوبي، إذ قالت وكالة الأنباء الإثيوبية إنه تم منح كبار الضباط العسكريين الذين تمت ترقيتهم قبل أسبوعين جوائز وشرائط وفقاً لرتب كل منهم.
وأشارت إلى أن من بين هؤلاء 4 جنرالات و3 برتبة الفريق و14 برتبة اللواء و40 برتبة العميد. ونقلت عن مولاتو قوله في كلمة مقتضبة عقب تسليم الأوشحة «إن الضباط العسكريين أظهروا أداءً يستحق الثناء في واجباتهم، وأظهروا أخلاقاً جيدة وجودة قيادة أفضل».



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.