إسرائيل تقلل من أهمية خطاب الرئيس الفلسطيني وتتجاهل مبادرته

السلطة تدعو واشنطن لالتقاط الفرصة... و{حماس} عدّته «دون المستوى»

TT

إسرائيل تقلل من أهمية خطاب الرئيس الفلسطيني وتتجاهل مبادرته

قلل الإسرائيليون من أهمية خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وتجاهلت أوساطهم السياسية والإعلامية مبادرته السلمية التي طرحها أمام مجلس الأمن، أول من أمس.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن الخطاب «لم يأتِ بجديد». وأضاف، في بيان عمّمه، أن «عباس يواصل التهرب من عملية السلام، والسلطة الفلسطينية التي يقودها تواصل دفع ملايين الدولارات لأسر القتلة والإرهابيين الفلسطينيين».
واستخدم وزراء حكومة نتنياهو اللهجة ذاتها، فقال نفتالي بنيت، رئيس حزب المستوطنين (البيت اليهودي) ووزير التعليم، إن «أبو مازن يختلق تاريخاً جديداً له مبنياً على تشويه الحقائق. ومن يتمسك بسياسة اختراع التاريخ لا يوجد له مستقبل». وقالت وزيرة الثقافة، ميري ريغف، إن «عباس أثبت مجدداً أنه جزء من المشكلة وليس جزءاً من الحل». وقال رئيس حزب «يوجد مستقبل» المعارض، يئير لبيد: «إذا أخذت نموذجاً من كلام عباس عن وجود 6 ملايين من اللاجئين الفلسطينيين، فإنني أفهم أن الرجل يكذب. فلم يكن ولا يوجد اليوم 6 ملايين لاجئ فلسطيني. وتركيزه على الموضوع غريب، فهو يفهم أنه لا توجد حكومة في إسرائيل ستوافق على حق العودة».
وكان الرد الرسمي الإسرائيلي الأول على الخطاب، قد ورد على لسان سفير إسرائيل في الأمم المتحدة داني دانون، الذي تحدث في مجلس الأمن فور انتهاء الرئيس عباس من إلقاء كلمته، فقرأ من ورقة أُعدت سلفاً وقال: «لقد أوضحتَ جيداً بخطابك وأعمالك أنك لم تعد جزءاً من الحل، بل إنك المشكلة. تحدثت الآن عن الالتزام بالسلام أمام مجلس الأمن. هذه هي الطريقة التي كثيراً ما تتحدث بها على المسرح الدولي، ولكن عندما تتحدث إلى رجالك، فإنك تبث رسالة مختلفة تماماً».
تجدر الإشارة إلى أن صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، كشفت، أمس، أن فريق الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام في الشرق الأوسط، الذي حضر خطاب أبو مازن، اجتمع مع بعض أعضاء مجلس الأمن الدولي، وأطلعوهم على خطتهم الرامية إلى بدء المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وقال مصدران مطلعان للصحيفة إن جاريد كوشنر، صهر الرئيس ترمب، والذي يقود الجهود الدبلوماسية، وجيسون غرينبلات، ممثله الخاص للمفاوضات الدولية، ونيكي هيلي السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، أُغرقوا بأسئلة من الدبلوماسيين لمدة ساعة تقريباً، بعد اختتام الجلسة العامة للمجلس. وحسب الصحيفة، فإن المصادر قالت إن كوشنر وغرينبلات وهيلي رفضوا اقتراح المؤتمر الدولي، وقالوا إن تنظيم مؤتمر آخر حول السلام في الشرق الأوسط، سيستغرق عاماً تقريباً وإن عاقبته ستكون الفشل. وبدلاً من ذلك، فهم يعتزمون طرح خطة سلامهم في وقت قصير، لكنهم رفضوا تحديد موعد. كما ذكرت المصادر نفسها، أن كوشنر وغرينبلات قالا عن الخطة إن «الجانبين سيحبّان بعضها وسيكرهان بعضها».
كانت الصحف الإسرائيلية قد أشارت باهتمام إلى مبادرة عباس، لكنها أجمعت على أنها لن تكون مجدية في الوقت الحاضر، أولاً لأن إسرائيل غرقت في أزمتها الداخلية، وثانياً لأن إدارة ترمب ستفرض حق الفيتو ضد أي اقتراح، وسترفض عقد مؤتمر دولي، وثالثاً لأن إسرائيل والولايات المتحدة لا يقبلان حل الدولتين بصدق ويعتبرانه «بضاعة قديمة».
من جانبها، طالبت السلطة الفلسطينية، الولايات المتحدة والعالم، بالتقاط الفرصة التي وفّرها خطاب عباس، بينما عدّته حركة «حماس» دون المستوى المطلوب.
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، إن خطاب الرئيس محمود عباس أمام مجلس الأمن، وطرح مبادرة سلام تستند إلى القانون والشرعية الدولية والمبادرة العربية، يشكّل فرصة تاريخية على المجتمع الدولي التقاطها من أجل صنع سلام عادل وشامل، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتجسيد سيادة دولة فلسطين على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضايا الوضع النهائي وفقاً لقرارات الشرعية ذات الصلة، بما فيها قرارات مجلس الأمن 242، و338، و478، و2334.
وأضاف عريقات: «رؤية الرئيس عباس هي دعوة للعالم من أجل إنقاذ السلام في مواجهة المشروع الاستعماري الإسرائيلي الذي تحصن بثقافة الإفلات من العقاب على مدار 51 عاماً، ووضع آليات عملية للتنفيذ والمساءلة، وتنفيذ القرارات الدولية، ووضع إطار زمني واضح لإنهاء الاحتلال وإنفاذ حقوق شعبنا غير القابلة للتصرف وفي مقدمتها حقه في تقرير مصيره على أرضه، وإنجاز الاستقلال والحرية».
وطرح عباس إقامة مؤتمر دولي للسلام تنتج عنه آلية مشتركة لرعاية مفاوضات تُفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية وفق مبادرة السلام العربية.
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية، إنه يجب على الإدارة الأميركية التقاط رؤية السلام التي عرضها الرئيس عباس، والتفاعل مع هذه الرؤية بشكل إيجابي، خصوصاً في ما يتعلق بتوسيع دائرة الرعاية الدولية لعملية السلام، والالتزام بمرجعياتها.
وجاء في بيان للخارجية: «في ضوء الخطاب التاريخي الذي ألقاه الرئيس محمود عباس أمام مجلس الأمن، عممت الوزارة على سفراء وسفارات دولة فلسطين، ضرورة التحرك الفوري والفاعل باتجاه مراكز صنع القرار والرأي العام في الدول المضيفة، لوضعها في صورة ما تضمنه خطاب السيد الرئيس من مواقف وخطة لتحقيق السلام، باعتباره دفعة قوية لتجديد فرص تحقيق السلام بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني عن طريق المفاوضات على أساس حل الدولتين، وطالبت الوزارة بضرورة وأهمية العمل على حشد وتعميق الإجماع الدولي الداعم للمواقف الفلسطينية، وضمن أولوياتها الراهنة الاعتراف بدولة فلسطين عضواً كامل العضوية في المنظومة الأممية».
وأكدت الخارجية ضرورة فضح المواقف والسياسات الإسرائيلية المتعنتة والمعادية للسلام، خصوصاً عمليات تعميق وتوسيع الاستيطان في أرض دولة فلسطين ومخاطرها على فرص تحقيق السلام.
وفي الوقت الذي وصفت فيه حركة «فتح» الخطاب بالتاريخي، وصفت حركة «حماس» الخطاب بأنه «دون المستوى المطلوب»، وقالت في بيان: «الخطاب لا يعكس الموقف الوطني الداعي إلى إنهاء (أوسلو) والرافض للعودة إلى المفاوضات مع الاحتلال»، مضيفة: «إن ما قدمه (عباس) من مبادرة لا تمثل الموقف الوطني، وتكرس سياسة التفرد في القرار».
وتابعت: «ممارسات الاحتلال وانتهاكاته وجرائمه وقتله للأطفال والنساء، وكذلك القرارات الأميركية الخطيرة والخاصة بالقدس وقضية اللاجئين والانحياز الأميركي المطلق إلى الاحتلال، وتشجيعه على ارتكاب جرائمه، وما يخطط له من تصفية للقضية الفلسطينية، حاول أبو مازن في خطابه إنتاج مسيرة التسوية الفاشلة مجدداً، واستجدى العودة إلى المفاوضات العقيمة».
وطالبت الحركة «بوضع حد لحالة الاستفراد والتدهور الخطير الحاصل في المسار السياسي للقضية الفلسطينية، من خلال الإسراع في توحيد الصف الداخلي الفلسطيني وتقويته، والتوافق على استراتيجية وطنية ترتكز إلى خيار المقاومة تحمي حقوق شعبنا وثوابته، نواجه بها التحديات كافة».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.