الصومال: تعيين قادة جدد للمخابرات والشرطة

في محاولة لكبح جماح حركة «الشباب» المتشددة

TT

الصومال: تعيين قادة جدد للمخابرات والشرطة

في تطور مفاجئ، أعلنت الحكومة الصومالية مساء أول من أمس، عن تعيين قائدين جديدين لأجهزة الاستخبارات والشرطة، وذلك بعد نحو 4 أشهر من إقالة سلفيهما إثر الاعتداء الأكثر دموية في تاريخ البلد المضطرب، الواقع في منطقة القرن الأفريقي.
وقال بيان للحكومة الصومالية، التي يترأسها حسن خيري، إنه تقرر في جلسة طارئة عقدتها بالعاصمة مقديشو وناقشت فيها تفعيل أعمال الحكومة، تعيين قيادات جديدة للشرطة والمخابرات ومصلحة السجون الوطنية.
وتقرر تعيين بشير عبدي محمد قائداً جديداً لقوات الشرطة، وحسين عثمان حسين قائداً جديداً لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، كما تم تعيين بشير جامع «جوبي» قائداً لقوات مصلحة السجون الوطنية.
وكان الميجور جنرال «جوبي»، الذي عاد كقائد لحرس السجون، قد خسر نفس المنصب منذ أقل من عام، بينما كان الرئيس الجديد للمخابرات حسين عثمان، الذي سيتولى قيادة وكالة صغيرة تضم نحو 4500 فرد، نصفهم من الضباط، يشغل منصب نائب وزير الصحة، علماً بأنه كان عضواً لفترة طويلة في البرلمان، وشغل في السابق منصب نائب وزير الأمن.
أما القائد الجديد للشرطة الجنرال عبدي محمد فهو ضابط شرطة، شغل مناصب مختلفة داخل الإدارة، بما في ذلك رئيس مهندسي الشرطة، وقائد قسم التدريب ورئيس إدارة التحقيقات المركزية، وانضم إلى الشرطة عام 1971.
ودافع عبد الله حمود، وزير الدولة لشؤون مكتب رئيس الوزراء، عن الوقت الطويل الذي استغرقته حكومته قبل الإعلان عن تعيين القادة الجدد، وقال في تصريحات إذاعية، أمس: «إنها مجرد مسألة توخي الحذر، واختيار الحكومة الشخص المناسب الذي يمكن أن يصلح في الوظيفة، لم يكن بسبب أشياء أخرى».
ويأتي تعيين رؤساء أمنيين جدد بعد سلسلة من هجمات حركة «الشباب» الإرهابية. لكن بعض الخبراء حذروا من أن قادة الأمن الجدد ليسوا قادرين على تحقيق «معجزات» سريعة، موضحين أنهم يحتاجون في المقابل إلى دعم من الشعب والحكومة للفوز في الحرب ضد المسلحين.
وأعفت الحكومة الصومالية في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي كلاً من قائد الشرطة الوطنية الجنرال عبد الحكيم طاهر، ومدير الأمن والمخابرات عبد الله سنبلولشي من منصبيهما، على خلفية الأحداث الدموية التي شهدتها العاصمة مقديشو. وأُقيل المسؤولان غداة اعتداء أوقع 27 قتيلاً، وبعد أسبوعين من اعتداء في مقديشو بشاحنة مفخخة أدى إلى مقتل 512 شخصاً. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن هذا الاعتداء، لكن أصابع الاتهام تشير إلى حركة «الشباب» المتطرفة.
ولم تفصح حكومة خيري عن أي تفاصيل تتعلق بالقادة الجدد. لكن مصادر صومالية ربطت في المقابل بين هذه التعيينات والزيارة التي أنهاها مؤخراً فريق من الاتحاد الأفريقي إلى الصومال لتقييم أنشطة قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقى «أميصوم».
وأجرى وفد يضم 10 أعضاء من إدارة عمليات دعم السلام بالاتحاد زيارة عمل إلى مقديشو في مهمة استغرقت 4 أيام، حيث التقى كبار مسؤولي الحكومة والأمم المتحدة وبعثة الاتحاد الأفريقي، التي قالت إن المحادثات «ستركز على مجموعة كبيرة من القضايا، بينها أنشطة حفظ السلام والإنجازات التي تحققت، والتحديات التي ظهرت خلال تأمين الصومال، ونقل المسؤوليات إلى قوات الأمن الوطني الصومالي، وغير ذلك من الموضوعات الأخرى».
وقال فرانسيسكو ماديرا، الممثل الخاص لرئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي للصومال، إن لدى الوفد «مهمة تقييم روتينية وأهدافاً محددة لرؤية كيفية عملنا، وما هي التحديات التي تواجهنا وكيف نخطط للانتقال».
وتمّ طرد مقاتلي الحركة من العاصمة في أغسطس (آب) عام 2011، ثم توالت هزائمها بعد ذلك، إلى أن فقدت الجزء الأكبر من معاقلها، لكنها ما زالت تسيطر على مناطق ريفية واسعة، تشنّ منها حرب عصابات وعمليات انتحارية تستهدف العاصمة، وقواعد عسكرية صومالية أو أجنبية.
في غضون ذلك، من المقرر أن يقوم نائب رئيس الوزراء التركي هاكان أوغلو، بزيارة إلى الصومال خلال اليومين المقبلين للقاء الرئيس محمد عبد الله فرماجو، ورئيس حكومته حسن خيري. وتأتي هذه الزيارة عقب إعلان عمدة العاصمة الصومالية مقديشو عن منح تركيا قطعة أرض لإقامة قاعدة عسكرية ثانية لها في المدينة لتدريب قوات الجيش الصومالي.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.