الهواتف الجوالة تتحول إلى سلع معمرة

الأميركيون يغيّرون هواتفهم كل 23 شهراً

الهواتف الجوالة تتحول إلى سلع معمرة
TT

الهواتف الجوالة تتحول إلى سلع معمرة

الهواتف الجوالة تتحول إلى سلع معمرة

تزداد كفاءة الكاميرات الملحقة في الهواتف واحداً تلو الآخر إن أمعنت النظر في ذلك. ولا بد أنك تعيش في العصر الحجري إن فاتك الضجيج العالمي باحتفالات الذكرى العاشرة لهواتف «أبل» وموديل «آيفون إكس» الحديث أو «سامسونغ غالاكسي إس 8». وكثير من المهتمين بمجالات الهواتف الذكية على يقين بأن المنتجات الأخيرة سوف تجلب معها مجموعة راقية من أفضل التحديثات.
ولكن إليكم حقيقة الأمر: يعتقد المزيد والمزيد من المواطنين الأميركيين أنهم ليسوا في حاجة إلى تحديث هواتفهم كل عام، أو حتى كل عامين. لقد صرنا خارج دورة الهواتف التي يتعين تغييرها مرة كل عامين أو نحوه كما أن الهواتف ذاتها باتت أكثر ثباتاً، مما كانت عليه أول الأمر. والمنتجات الحديثة من الهواتف الذكية ليست مثيرة للذهول والاهتمام حتى بالنسبة لشخص مثلي مولع بكل ما هو جديد في عالم الإلكترونيات.
إن طول استخدام الهواتف التي بحوزتنا من أفضل خيارات الميزانية، فضلاً عن ذكر البيئة وما شابه. وهذا يعني تماما أننا - بالإضافة إلى صُنّاع الهواتف في كل مكان - في حاجة إلى التفكير في الهواتف بطريقة التفكير في السيارات.
وربما أننا قد بلغنا بالفعل حد الذروة فيما يتعلق بعالم الهواتف الذكية. فلقد انخفضت الشحنات العالمية بنسبة 0.1 في المائة خلال عام 2017، وهي أول نسبة انخفاض مسجلة في هذه المنتجات تحديداً، وفقاً إلى دراسة أجرتها مؤسسة «آي دي سي» البحثية. وفي الولايات المتحدة وحدها، سجَّلت شحنات الهواتف الذكية ارتفاعاً بنسبة 1.6 في المائة، وهي أدنى نسبة نمو مسجلة في هذه الصناعة على الإطلاق.

ارتفاع متوسط مدة استخدام الهواتف
وفي عام 2015، استبدل المواطنون الأميركيون هواتفهم بعد مرور 23.6 شهر، في المتوسط، وفقاً لمؤسسة «كانتار وورلد بانيل» البحثية. وبحلول نهاية عام 2017، ارتفعت فترة الاحتفاظ بالهواتف الذكية قبل استبدالها إلى 25.3 شهر.
وأخبرني المحلل بريان بلاو من شركة «غارتنر»، قائلاً: «هل أصبحت الهواتف الذكية، من مختلف الموديلات، أكثر قيمة على المدى الطويل بالنسبة للمستخدمين؟ والإجابة المباشرة هي: أجل. وهل صارت الأجهزة التي بحوزتنا كافية لتغطية احتياجات الناس اليومية منها؟ أجل، وللغاية».
وفي يوم الخميس الماضي، أعلنت شركة «أبل» عن أول انخفاض مسجل في مبيعات الوحدات خلال فترة العطلات لهاتف «آيفون». ولقد كان انخفاضاً طفيفاً من 78.3 مليون إلى 77.3 مليون هاتف. ومن شأن هذه النتائج أن تعكس تراجع «أبل» بمقدار أسبوع واحد (13 مقابل 14) خلال هذا العام لتسويق الموديلات الجديدة. وبصرف النظر عن ذلك، فإن النتائج التي أعلنت عنها الشركة تفيد بأن الدورة الفائقة من تحديثات الهواتف الذكية ليست «فائقة» بكل تأكيد.
وقال تيم كوك الرئيس التنفيذي لشركة «أبل» خلال محادثة هاتفية مع محللي الأسهم يوم الخميس: «الشركة لا تضبط إيقاعها بشكل كبير على مقدار الوقت الذي ينتقل خلاله العملاء بين مشتريات الهواتف الذكية الجديدة»، وأضاف قائلاً إنهم كانوا سعداء للغاية بمقدم هاتف «آيفون إكس» الجديد.
وأحد محفزات التغيير الرئيسية في سلوكياتنا تتعلق بأن الهواتف الذكية في الغالب صارت تشبه بعضها بعضاً كثيراً. ويقول ريان ريث، نائب الرئيس في مؤسسة «آي دي سي» البحثية: «يقول العملاء إنهم سوف يقررون الشراء عندما يجدون منتجات جديدة تستحق الشراء أو يعلمون بوظيفة أو خاصية جديدة يحتاجون فعلاً إليها». وكثير من التحديثات الكبيرة الأخيرة، مثل تقنيات الواقع المعزز، كانت وليدة عالم البرمجيات وليس عالم الأجهزة. وتأتي كاميرات هواتف آيفون إكس الجديدة بخاصية التعرف على وجه المستخدم والبيئة المحيطة به، ولكن سوف يمر وقت كبير حتى نرى استخدامات أخرى مثيرة للاهتمام.
وتُعتَبَر دورة حياة الهاتف الذكي الممتدة من أبرز الخصائص المميزة لهواتف «أبل» و«سامسونغ»، رغم أنها من أبغض الأمور بالنسبة للمستثمرين. كما أنها إشارة على أن تلك المنتجات تحظى بالموثوقية وأقل عرضة للتلف بسبب كثرة الاستخدام. وجاءت خاصية مقاومة المياه الملحقة بهواتف «آيفون إكس» و«غالاكسي إس8» لتضيف كثيراً من الزخم إلى ذلك.
ولا تعتبر دورات التحديث البطيئة من نذر الشر بالنسبة لشركتي «أبل» أو «سامسونغ». فمن ناحية، فإن هذه الهواتف تُباع بأسعار باهظة، مثل سعر «آيفون إكس» الجديد البالغ ألف دولار وأكثر (وهو السبب في أن أرقام مبيعات «آيفون» لا تزال في ارتفاع مطرد كما جاء في تقرير الأرباح). وتعمل الشركات الآن على مبيعات الملحقات مثل «غير في آر» من «سامسونغ» و«هوم بود» من «أبل»، فضلاً عن خدمات أخرى مثل «أبل ميوزيك» التي سوف ندفع مقابل الاستمتاع بها مع مرور الوقت.

مشكلة البطاريات
ومع ذلك، فإن أصحاب الهواتف التي تعيش لفترة طويلة سوف تكون لديهم بعض الاحتياجات الجديدة. ففي ديسمبر (كانون الأول)، خلقت «أبل» حالة من التهافت على طلب استبدال بطاريات «آيفون» من خلال الاعتراف بأن برمجيات الشركة كانت السبب في تباطؤ وظائف الهواتف التي تستخدم البطاريات القديمة البالية. ولقد عوضت الشركة العملاء عن ذلك من خلال عرض البطاريات المستبدلة بأسعار مخفضة للجميع، ولقد طغت الطلبات على الشركة لدرجة أن كثيراً من متاجر «أبل» لديها قوائم انتظار تمتد لعدة شهور.
ويعكس هذا المثال كيف أن كثيراً من العملاء يفضلون إصلاح الهواتف التي بحوزتهم عن شراء هواتف جديدة. وعلق أحد المحللين على ذلك بأن استبدالات البطاريات المخفضة من شأنها أن تكلف شركة «أبل» نحو 10 مليارات دولار من المبيعات المفقودة على المدى البعيد.
وعندما ذهبت إلى أحد متاجر «أبل» لشراء بطارية بديلة لهاتفي «آيفون 6»، عرض على مسؤول المبيعات بالمتجر أن يُجري تحديثاً كاملاً لهاتفي. ولأول وهلة ظننتُ أن هذا أمر غريب للغاية من جانبهم، فقد كان الأمر مثل عرض مجاني لتحديث سيارتي بالكامل من جانب وكيل الصيانة المعتمد.
وفي الواقع، فإن الهواتف مثل السيارات تماماً من زاوية أنها تحتاج إلى خدمات لصيانة الجهاز وبرمجياته مع طول مدة الاستخدام من دون صيانة. ودخلت شركة «سامسونغ» على الخط ذاته أخيراً، بما في ذلك تجربة تسيير سيارات خدمات وصيانة الهواتف الذكية.
وينبغي على صناع الهواتف الذكية النظر في تصميم تحديثات للبرمجيات بهدف دعم الهواتف القديمة لكي تستخدم لفترة أطول. فهل من شأن نظام التشغيل الهاتفي «آي أو إس 12» أن يُشغل هاتف «آيفون إس 5» القديم؟ قد يسبب ذلك الأمر بعض التوتر مع رغبة «أبل» و«غوغل» على حد سواء في تطوير الخواص التي تحول الهواتف إلى حواسيب تعمل بكامل طاقتها، ولكن الأمر يتطلب وجود معالجات أسرع في الموديلات الجديدة من أجل تنفيذ ذلك.
ومن المرجح أن يكون هناك حد نتوقف عنده فيما يتعلق بفترة استخدام الهواتف التي بحوزتنا. تقول كارولينا ميلانيسي، محللة التكنولوجيا الاستهلاكية لدى شركة «كرييتيف استراتيجيز»: «لا أرى أن دورة الاستبدال الحالية تتجاوز فترة أطول من ثلاث سنوات على أية حال».
والعملاء الذين يستخدمون هواتفهم لفترة أطول من ذلك يجعلون من صناعة الهواتف أشبه ما تكون بصناعة الحواسيب المكتبية والمحمولة. ولكن يجب عدم التعويل على هذه الرغبة كثيراً، كما قالت السيدة ميلانيسي. إذ إن الناس لا يزالون يفضلون تحديث هواتفهم كنوع من المباهاة الشخصية أو بسبب حاجتهم الماسة للحصول على أحدث ما أنتجته التكنولوجيا لتغطية احتياجاتهم.
يعتقد بيجو نير، الرئيس التنفيذي لشركة «هايلا موبايل»، التي تساعد صناعة الهواتف في جمع وإعادة توظيف الهواتف المستعملة، أن دورة استبدال الهواتف سوف تشهد ارتفاعاً مرة أخرى بسبب «عامل فومو: أو خشية فوات ما هو جديد».
وأضاف: «لا يزال الخوف قائماً من فقدان الاستمتاع بالابتكارات الجديدة والخبرات الحديثة ونماذج الأعمال الأخيرة لدى صناع الهواتف ومشغلي شبكات المحمول. (وتعكس البيانات الأخيرة الصادرة عن شركته أن متوسط الهاتف في عام 2017 قد ظل قيد الاستخدام لمدة 78 يوما أطول من العام السابق) ويصل الآن إلى ما مجموعه 2.59 سنة.
وإنني، على المستوى الشخصي، مستعِدّ للانبهار بالتحديثات الهاتفية المستقبلية الجديدة. والوثبة الكبيرة المنتظرة في أداء البطاريات سوف تكون على رأس قوائم الأشياء الأكثر انتظاراً لدى أغلب العملاء، ولكن هناك كثيراً من العقبات العلمية التي يتعين تجاوزها أولاً. واللحظة المنتظرة في التحديثات الكبرى المقبلة، خلال بضع سنوات، من المرجح أن تكون قدرة الهواتف على التعامل مع شبكة «جي 5» الحديثة، التي سوف تثير عاصفة عاتية من سرعة انتقال البيانات عبر الهواتف.
ومن المرجح كذلك أن تظل الهواتف الذكية قيد الاستخدام لسنوات مقبلة، مثلما كان الأمر مع الحواسيب المحمولة مع ارتفاع منحنى استخدام الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية. ثم، وفي يوم من الأيام، سوف نشهد قدوم تكنولوجيا جديدة بالكلية تستحوذ على ما تبقى من أموال في محافظنا!

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ {الشرق الأوسط}


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

«ناسداك» يتجاوز 20 ألف نقطة للمرة الأولى مع استمرار صعود أسهم الذكاء الاصطناعي

شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
TT

«ناسداك» يتجاوز 20 ألف نقطة للمرة الأولى مع استمرار صعود أسهم الذكاء الاصطناعي

شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)
شعار لبورصة ناسداك في نيويورك (رويترز)

اخترق مؤشر ناسداك مستوى 20 ألف نقطة، يوم الأربعاء، حيث لم تظهر موجة صعود في أسهم التكنولوجيا أي علامات على التباطؤ، وسط آمال بتخفيف القيود التنظيمية في ظل رئاسة دونالد ترمب ومراهنات على نمو الأرباح المدعومة بالذكاء الاصطناعي في الأرباع المقبلة. ارتفع المؤشر الذي يهيمن عليه قطاع التكنولوجيا 1.6 في المائة إلى أعلى مستوى على الإطلاق عند 20001.42 نقطة. وقد قفز بأكثر من 33 في المائة هذا العام متفوقاً على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياسي، ومؤشر داو جونز الصناعي، حيث أضافت شركات التكنولوجيا العملاقة، بما في ذلك «إنفيديا» و«مايكروسوفت» و«أبل»، مزيداً من الثقل إلى المؤشر بارتفاعها المستمر. وتشكل الشركات الثلاث حالياً نادي الثلاثة تريليونات دولار، حيث تتقدم الشركة المصنعة للآيفون بفارق ضئيل. وسجّل المؤشر 19 ألف نقطة للمرة الأولى في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما حقّق دونالد ترمب النصر في الانتخابات الرئاسية الأميركية، واكتسح حزبه الجمهوري مجلسي الكونغرس.

ومنذ ذلك الحين، حظيت الأسهم الأميركية بدعم من الآمال في أن سياسات ترمب بشأن التخفيضات الضريبية والتنظيم الأكثر مرونة قد تدعم شركات التكنولوجيا الكبرى، وأن التيسير النقدي من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي قد يبقي الاقتصاد الأميركي في حالة نشاط.