النقابي ورجل الأعمال رامافوزا رئيساً «ضد الفساد» في جنوب أفريقيا

انتخابه محل زوما ينعش بورصة جوهانسبيرغ وعملة الراند

سيريل رامافوزا يؤدي قسم التنصيب أمام البرلمان أمس (إ.ب.أ)
سيريل رامافوزا يؤدي قسم التنصيب أمام البرلمان أمس (إ.ب.أ)
TT

النقابي ورجل الأعمال رامافوزا رئيساً «ضد الفساد» في جنوب أفريقيا

سيريل رامافوزا يؤدي قسم التنصيب أمام البرلمان أمس (إ.ب.أ)
سيريل رامافوزا يؤدي قسم التنصيب أمام البرلمان أمس (إ.ب.أ)

بدون مفاجآت وبدون حتى حاجة لتصويت شكلي تولى النقابي السابق ورجل الأعمال سيريل رامافوزا أمس الخميس مقاليد الرئاسة في جنوب أفريقيا ووعد بجعل مكافحة الفساد الذي لطخ عهد سلفه جاكوب زوما، إحدى «أولوياته». ووسط عاصفة من التصفيق انتخب سيريل رامافوزا، 65 عاما، رئيس المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم والمرشح الوحيد، رئيسا بعد أن أجبر زوما على الاستقالة واضعا نهاية لحكمه الذي امتد لتسع سنوات. وقال رئيس المحكمة الدستورية موغوينغ موغوينغ «أعلن أن سيريل رامافوزا انتخب رسميا رئيسا لجمهورية جنوب أفريقيا». وفور انتخابه تعهد رامافوزا أمام النواب باجتثاث الفساد. وتعهد بالعمل «بكل جهد لمحاولة عدم تخييب آمال شعب جنوب أفريقيا». ومنذ وصوله إلى رئاسة الحزب في ديسمبر (كانون الأول)، سعى رامافوزا إلى أن يدفع رئيس الدولة الذي تطاوله قضايا الفساد إلى الاستقالة، لكنه اصطدم برفض زوما الذي تنتهي ولايته العام المقبل، فقرر الحزب الحاكم الثلاثاء أن يصدر أمرا لزوما بالتنحي.
وقال زوما الأربعاء «لست موافقا لأنه لا يوجد أي دليل على أني فعلت أي شيء سيئ».
ورغم ذلك قال زوما، 75 عاما، في خطاب الوداع الذي استمر 30 دقيقة إنه يختلف مع الطريقة التي دفعه بها الحزب لترك السلطة مبكرا بعد انتخاب سيريل رامافوزا رئيسا للحزب في ديسمبر (كانون الأول). وأضاف «لهذا اتخذت قرار الاستقالة من رئاسة الجمهورية ليسري فورا». وقرر زوما الاستقالة من منصبه بعد يوم من طلب الحزب الحاكم منه التنحي عن السلطة. وقال زوما في خطاب للأمة بثه التليفزيون إن «حزب المؤتمر الوطني الأفريقي يجب ألا ينقسم بسببي. لذلك قررت الاستقالة من منصبي كرئيس للجمهورية فورا». وصرح فلويد شيفامبو رئيس كتلة «المناضلين من أجل الحرية الاقتصادية» لوكالة فرانس برس «اعتبارا من (اليوم) سيصبح جاكوب زوما من الماضي». وقال يوليوس ماليما زعيم آخر للكتلة اليسارية «لقد كانت الأمة بأسرها طوال عشر سنوات ضحية منحرف ومحتال». وعلقت مؤسسة نيلسون مانديلا «إنها نهاية فترة تم الانحراف فيها بأعلى وظيفة في البلاد بغرض نهب معمم لخزائنها». لكنه نبه إلى أن حزبه سيراقب «من كثب» القادة الجدد للبلاد وقال «زوما رحل، الآن سنهتم بهم». وكان الرئيس ثابو مبيكي الذي تلقى في 2008 إنذارا بالطريقة نفسها بالاستقالة، قد امتثل للطلب من دون اعتراض.
قالت وزارة الخارجية الأميركية إنها تتابع التطورات السياسية في جنوب أفريقيا «باهتمام».
وقال مسؤول بوزارة الخارجية «نعلم باستقالة زوما ونتابع التطورات السياسية الجارية في جنوب أفريقيا باهتمام.. هذا شأن داخلي يعبر عن إرادة القيادة المنتخبة لجنوب أفريقيا».
وتفاعلت الأسواق الخميس إيجابا مع رحيل زوما مع ارتفاع مؤشر بورصة جوهانسبيرغ حتى 2,7 في المائة. كما ارتفعت العملة الوطنية الراند إلى أعلى مستوى منذ ثلاث سنوات أمام الدولار. وقال الخبير الاقتصادي ريموند بارسنز بأن انتخاب رامافوزا «يمثل نهاية فترة عدم استقرار سياسي واقتصادي أثر بشكل كبير على نمو جنوب أفريقيا». وأشادت المعارضة بقوة بإعلان رحيل زوما.
من جانبه قال ممسي ماينمان رئيس التحالف الديمقراطي أمام البرلمان «ليست لدينا مشكلة مع جاكوب زوما، لدينا مشكلة مع المؤتمر الوطني الأفريقي»، داعيا مجددا إلى حل البرلمان وتنظيم انتخابات مبكرة «من أجل تجديد حقيقي» في البلاد. وكان الحزبان المعارضان عرضا الحزب الحاكم لنكسة جدية في الانتخابات المحلية في 2016 ويأملان بان يحرماه في 2019 الأغلبية المطلقة التي يملكها منذ 1994. ووعد رامافوزا في الأسابيع الأخيرة بطي سريع لصفحة زوما مؤكدا أن جنوب أفريقيا دخلت «عهدا جديدا». بيد أن طريقه يبدو طويلا وصعبا. وقالت مؤسسة الرئيس الأسبق فريدريك دو كليرك «تنتظره مهمة ضخمة تتمثل في جعل (الشعب) ينسى حصيلة سلفه وإعادة جنوب أفريقيا إلى طريق الوحدة والتجديد» مضيفة «سقط القيصر، والمجال بات مفتوحا أمام السيد رامافوزا»، كما نقلت فرانس برس. وفيما تشبه الإشارة للتغيير الموعود بدأت الشرطة الأربعاء أول عملية لها ضد أسرة غوبتا التي يشتبه بأنها في صلب فضائح الفساد التي تشمل زوما. وكان متعذرا المساس بهذه الأسرة. وتم توقيف ثمانية أشخاص ومداهمة المنزل الفخم للأشقاء غوبتا في جوهانسبيرغ في إطار تحقيق في الاستيلاء على أموال عامة، بحسب ما أفادت وحدة النخبة في شرطة جنوب أفريقيا. ومثل الموقوفون ظهر أمس الخميس أمام محكمة بلومفونتين (وسط). وقال وزير الشرطة فيكيل مبالولا أمس الخميس إن وحدة التحقيق الجنائي «هاوكس» أصدرت 13 مذكرة اعتقال حتى الآن. وأشار مبالولا إلى أن اثنين من المشتبه بهم ما زالا طليقين في جنوب أفريقيا. وأضاف الوزير، في بيانه كما نقلت عنه الوكالة الألمانية أن «ثلاثة مشتبه بهم: اثنان من أصل هندي وواحد من أصل صيني، يعتقد أنهم خارج الجمهورية (جنوب أفريقيا) وسيتم التماس المساعدة بشأنهم». ولم يكشف مبالولا عن هوية المشتبه بهم. وقال إن التحقيقات ما زالت جارية، مع احتمال وقوع المزيد من الاعتقالات.



بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)
أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)
TT

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)
أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش»؛ خصوصاً في بوركينا فاسو؛ حيث قُتل أكثر من 100 إرهابي، وفي النيجر التي قُتل فيها 39 مدنياً.

وبينما كان جيش بوركينا فاسو يشن عملية عسكرية معقدة شمال غربي البلاد، لمطاردة مقاتلي «القاعدة»، شن مسلحون يعتقد أنهم من تنظيم «داعش» هجوماً دامياً ضد قرى في النيجر، غير بعيد من الحدود مع بوركينا فاسو.

أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بؤرة «داعش»

وقالت وزارة الدفاع في النيجر، السبت، إن الهجوم استمر ليومين، واستهدف عدة قرى في محافظة تيلابيري، الواقعة جنوب غربي البلاد، على الحدود مع بوركينا فاسو، وتوصف منذ عدة سنوات بأنها بؤرة يتمركز فيها تنظيم «الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى» الموالي لتنظيم «داعش».

وأضافت الوزارة أن «مأساتين فظيعتين وقعتا في منطقتي ليبيري وكوكورو»؛ لافتة إلى أن «مجرمين حُوصِروا بسبب العمليات المتواصلة لقوات الدفاع والأمن، هاجموا -بجُبن- مدنيين عُزلًا».

وتحدَّث الجيش عن «حصيلة بشرية مرتفعة»؛ مشيراً إلى «مقتل 39 شخصاً: 18 في كوكورو، و21 في ليبيري»، مبدياً أسفه؛ لأن هناك «الكثير من النساء والأطفال» بين ضحايا «هذه الأعمال الهمجية».

في غضون ذلك، تعهَّد جيش النيجر بتعقب منفِّذي الهجومين، واتخاذ تدابير إضافية لتعزيز الأمن في المنطقة المحاذية لبوركينا فاسو؛ حيث وقعت سلسلة هجمات دامية خلال الأيام الأخيرة، آخرها هجوم استهدف قافلة مدنية في منطقة تيلابيري، قُتل فيه 21 مدنياً الأسبوع الماضي، وبعد ذلك بيومين قُتل 10 جنود في هجوم إرهابي.

أحد القتلى ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

مطاردة الإرهاب

على الجانب الآخر، أعلن جيش بوركينا فاسو أنه نجح الأسبوع الماضي في القضاء على أكثر من 100 إرهابي، خلال عمليات عسكرية متفرقة في مناطق مختلفة من محافظة موهون التي تقع شمال غربي البلاد، غير بعيد من حدود دولة مالي.

وتُعد هذه المحافظة داخل دائرة نفوذ تنظيم «القاعدة»، وخصوصاً «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» التي توسعت فيها خلال السنوات الأخيرة، قادمة من الحدود مع مالي، وتنطلق منها لشن هجمات في عمق بوركينا فاسو.

وقال جيش بوركينا فاسو في بيان صحافي نشرته وكالة الأنباء البوركينية (رسمية)، إن «القوات المسلحة لبوركينا فاسو تمكَّنت من تصفية 102 إرهابي في هذه العمليات التي نُفِّذت على مدار يومي 10 و11 من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي».

وأوضح الجيش أن عملياته العسكرية مستمرة في منطقة بومبوروكوي التابعة لدائرة موهون، بينما كان رئيس المجلس العسكري الحاكم في بوركينا فاسو الكابتن إبراهيم تراوري، قد وجَّه القوات المسلحة لبلاده باستئناف عمليات مكافحة الإرهاب بطريقة فعَّالة، في كلمة بثها التلفزيون الوطني.

جاء ذلك بعد إقالة الحكومة، وتشكيل حكومة جديدة الأسبوع الماضي، ورفعت هذه الحكومة شعار الحرب على الإرهاب، بينما قال وزير الدفاع الجديد -وهو القائد السابق للجيش- إن الانتصار على الإرهاب أصبح «قريباً».

أسلحة كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

عودة المدارس

ورغم تصاعد المواجهات بين الجيش والجماعات المسلحة، أعلنت السلطات في بوركينا فاسو إعادة فتح أكثر من 2500 مدرسة كانت مغلقة منذ سنوات بسبب الإرهاب.

وقالت وزارة التعليم إنه «على مدى عامين، سمحت العمليات الأمنية التي نفذتها قوات الدفاع والأمن، إلى جانب تضحيات العاملين في قطاع التعليم، بإعادة فتح أكثر من 2500 مدرسة، وتسجيل أو إعادة تسجيل ما يقارب نصف مليون تلميذ».

وأضافت الوزارة أن «عدد المؤسسات التعليمية المغلقة بسبب انعدام الأمن يتناقص يوماً بعد يوم، وذلك بفضل استعادة السيطرة على المناطق من طرف الجيش وقوات الأمن».

وتوقعت وزارة التعليم أن «تساعد العمليات الأمنية المستمرة، في إعادة توطين القرى في الأسابيع المقبلة، وبالتالي فتح مزيد من المدارس، مما يمنح الأطفال الصغار فرصة الوصول إلى التعليم»، وفق تعبير الوزارة.

إرهاب متصاعد

رغم كل النجاحات التي تتحدث عنها جيوش دول الساحل، فإن مؤشر الإرهاب العالمي صنَّف منطقة الساحل واحدةً من أكثر مناطق العالم تضرراً من الهجمات الإرهابية خلال عام 2023.

وجاء في المؤشر العالمي لعام 2024، أن منطقة الساحل شهدت وحدها نسبة 48 في المائة من إجمالي قتلى الإرهاب على مستوى العالم، خلال عام 2023، مقارنة بـ42 في المائة عام 2022، و1 في المائة فقط خلال 2007.

وبيَّن المؤشر أن بوركينا فاسو والنيجر ونيجيريا والكاميرون، شهدت زيادة في عدد قتلى العمليات الإرهابية بنسبة 33 في المائة على الأقل خلال العام الماضي، ما يجعل منطقة الساحل وغرب أفريقيا مركزاً للإرهاب العالمي.