توقعات بحكم العام المقبل في جريمة اغتيال الحريري

TT

توقعات بحكم العام المقبل في جريمة اغتيال الحريري

توقعت مصادر في المحكمة الدولية صدور الحكم في جريمة اغتيال الحريري في ربيع عام 2019. بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء «المركزية»، فيما أعلن أحد الصحافيين أنه تلقى رسالة عبر بريده الإلكتروني من أحد المتهمين يشير فيها إلى أنه لا يعترف بالمحكمة الدولية ولا بالمحاميين الموكلين عنهم.
وأكد محامو الدفاع عن متهمين اثنين بالضلوع في اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، امتلاكهم «أدلة تدحض قرينة الاتصالات التي اعتمد عليها المدعي العام في جريمة اغتيال الحريري كما أنها تشكل وسيلة لاتهام جهات أخرى».
وتوجه المحكمة الدولية الخاصة بلبنان اتهامات لأربعة من أعضاء «حزب الله» اللبناني بالضلوع في اغتيال الحريري في 14 فبراير (شباط) 2005، وأعلن المدعي العام في المحكمة الدولية «أننا لا نحاكم أحزابا أو منظمات أو دولا بل أفرادا».
وخلال ندوة الإعلاميين مع فريق الدفاع في المحكمة الدوليّة الخاصة بلبنان في لاهاي، أكد محامو الدفاع عن المتهمين سليم عياش وحسن مرعي أنهم لن يقدموا عريضة براءة في جلسة 20 الحالي لعدم كشف أوراق الدفاع، مشيرين إلى «أنهم لا يتأثرون مطلقا بالضغوط السياسية الدولية التي تمارس على (حزب الله)». وشدد وكلاء الدفاع على «امتلاكهم أدلة تدحض قرينة الاتصالات التي اعتمد عليها المدعي العام في جريمة الحريري كما أنها تشكل وسيلة لاتهام جهات أخرى»، متحدثين عن «غموض وتضارب في الحجج المقدمة من الادعاء». وقال المحاميان إميل عون وأحمد عويني: «لا يمكن تحديد مدة زمنية لمرحلة الدفاع لكننا سنعمل بسرعة لبلوغ الحكم».
وخلال المناقشة القائمة بين الصحافيين وكل من محامي الدفاع إميل عون وكيل المتهم سليم جميل عيّاش، ومحامي الدفاع محمد عويني وكيل المتهم حسن حبيب مرعي، فاجأ أحد الصحافيين الجميع بإعلانه عن تلقي رسالة عبر بريده الإلكتروني من أحد المتهمين في قضية اغتيال الحريري. وذكرت مواقع إلكترونية أن الصحافي نقل عن أحد المتهمين إعلانه أنه لا يعترف بالمحكمة الدولية ولا بالمحاميين الموكلين عنهم.
مع بداية فبراير الحالي، أنهى المدعي العام تقديم قضيته أمام غرفة الدرجة الأولى وأمام هذا الواقع يصبح متاحا لفرق الدفاع تقديم طلبات لإصدار حكم بتبرئة المتهمين، إلا أن هذه الخطوة لم يقدم عليها سوى فريق الدفاع عن المتهم حسين حسن عنيسي حيث ستنظر المحكمة في الطلب في 20 و21 الحاليين بعد الاستماع إلى وجهة نظر المدعي العام وبناء على النقاش ستصدر الغرفة حكما إما بتبرئة كلية أو جزئية في التهم المنسوبة إليه أو ترفض الطلب. أما المدة الزمنية للحكم فلا أحد يمكن أن يحددها إذ تتحكم بها النقاشات والمداولات.
وكان رئيس مكتب رئيسة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان نيكولا غييو عزا أسباب التأخر في عمل المحكمة إلى مسائل قضائية توجب إجراءات واتفاقات مع دول عدة وجمع أدلة موجودة أحيانا خارج البلد المعني، إضافة إلى وجوب العمل داخل المحكمة مع أشخاص من خلفيات قانونية مختلفة والتعدد اللغوي وصعوبة اعتقال المتهمين وتقنيات جمع الأدلة خصوصا المعقدة منها.
وأكد أن الجهاز البشري في المحكمة يبذل جهودا جبارة لتسريع وتيرة العمل خصوصا أن أصداء الانتقادات حول بطء العمل في المحكمة تصل إلى لاهاي، موضحا أن «ما يميز هذه المحكمة هو أنها لبلد واحد وليست لعدة دول، كما أنها تستند في محاكمتها إلى أدلة مستندة إلى داتا الاتصالات، وإلى تحليل بيانات هذه الاتصالات وكيفية جمع بياناتها وأجهزة الإرسال».
وقال إن «هذه العملية تستغرق وقتا لأنها نادرا ما تقدم لدى المحاكم الدولية، رغم رغبة المحكمة دائما بالجلسات العلنية لأنها تعطي شفافية كبرى، فإن الجلسات السرية تهدف إلى حماية الشهود والمتضررين».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.