صالون جنيف للساعات الفاخرة يزداد جمالاً وتوسعاً هذا العام

التحاق شركات جديدة به لأول مرة يُثريه ويُنعشه

الجناح الخاص بـ«جيجر لوكولتر» شهد عدة احتفاليات بساعتها الجديدة «بولاريس»
الجناح الخاص بـ«جيجر لوكولتر» شهد عدة احتفاليات بساعتها الجديدة «بولاريس»
TT

صالون جنيف للساعات الفاخرة يزداد جمالاً وتوسعاً هذا العام

الجناح الخاص بـ«جيجر لوكولتر» شهد عدة احتفاليات بساعتها الجديدة «بولاريس»
الجناح الخاص بـ«جيجر لوكولتر» شهد عدة احتفاليات بساعتها الجديدة «بولاريس»

كل ما فيه تغير وتحسن. من المكان الذي انفتح أكثر وأصبح التجول بين أرجائه أكثر سهولة إلى التحاق شركات ساعات جديدة به، مثل «هيرميس» و«زينيت» و«جيرار بيريغو» وغيرهم ممن هجروا معرض «بازل» إليه أو فقط طمعوا في المشاركة في الاثنين لتكون الاستفادة أكبر.
منذ أعوام وعالم الساعات يمر بوعكة يحاول التعافي منها بأي شكل. أحيانا يكابر أصحابه ويُنكرون وجود أي أزمة على أساس أن مبيعاتهم لم تتأثر. وأحيانا أخرى يتفننون في إصدار ابتكارات أقرب إلى الاختراعات بفنيتها وتقنياتها وتعقيداتها. هذا العام لم يختلف كثيرا عن الأعوام السابقة. فالمكابرة لا تزال حاضرة والرغبة في تقديم الجديدة أيضا قوية وإن كان الجنوح إلى الاختراعات تراجع إلى حد ما باستثناء قلة قليلة من الصناع المستقلين الذين لا يزالون يعتبرون أن قوتهم تكمن في إصدارات محدودة بتقنيات عالية.

التركيز كان هذا العالم في صالون الساعات الفاخرة لعام 2018 على الجودة عوض الكم. كانت هناك فنية واضحة مع تركيزهم على إرثهم، أو بالأحرى أيقوناتهم الناجحة وكأنها تعويذات يتفاءلون بها.. دار «كارتييه» مثلا عادت إلى ساعاتها الأيقونية «سانتوس» للرجل و«بانثر» للمرأة. فالأولى كانت أول ساعة يد تطرحها الدار ويشهدها عالم الساعات في بداية القرن العشرين عندما طلب الطيار سانتوس من صديقه كارتييه أن يُبدع له ساعة يضعها على معصمه وتسهل عليه قراءة الوقت وهو يقود طائرته. أما مجموعة «بانثير» فهي الأخرى تشهد نجاحات مستمرة وتطويرات عصرية تجعلها من الكلاسيكيات التي لا تستغني عنها لا الدار ولا المرأة الأنيقة. هذا العام طعمتها الدار بالأحجار الكريمة والكثير من الفنية لتخرج وكأنها تحفة.
- «بياجيه»
دار «بياجيه» بدورها ركزت على قديمها لتجدده. للمرأة عادت إلى مجموعة «بوسيشن» وللرجل إلى «التيبلانو» أكثر الساعات نحافة في العالم. هذه المرة أبدعت ساعة ميكانيكية بسُمك 2 ملم فقط. وبهذا تحقق رقمين قياسيين متوّجة بذلك احتفالات العيد الـ60 لمجموعتها الرمزية «التيبلانو». الأول سُجّل مع ألتيبلانو آلتيمات أوتوماتيك، الساعة ذاتية التدوير الأرفع في العالم مع سماكة تبلغ 4.30 مم، والثاني مع ألتيبلانو آلتيمات كونسيبت، الذي يُشكّل الساعة الميكانيكية يدوية التدوير الأرفع في العالم مع سماكة تبلغ 2 مم فقط. غني عن القول إنها تقنية فريدة من نوعها.
فلتوفير أعشار الملليمتر استلزمت استعمال أشابة فائقة المتانة والصلابة، أساسها من الكوبالت، ما يحول دون التواء الساعة على الرغم من رفعها الفائق. ويعتمد هذا الموديل على التوحيد التامّ بين الحركة والعناصر الخارجية، إذ إن العلبة هي في الوقت عينه الجزء الخارجي والصفيحة الرئيسية للحركة. كما أُعيدت صياغة وتصميم وتطوير كلّ أجزاء المعايرة مع عجلات تبلغ سماكتها فقط 0.12 مم (مقارنة مع سماكة 0.20 مم في الحركة التقليدية). سماكة كريستال الساعة تقلّصت أيضاً إلى حدّ 0.2 مم فقط مقارنة بـ1 مم في الساعة التقليدية.
- «فان كليف أند أربلز»
مثل «كارتييه» و«بياجيه» تتخصص «فان كليف أند أربلز» في الجواهر أولا والساعات ثانيا. هذا العام توجهت للمرأة بساعة تجمع التقنية العالية بشاعرية التصميم وفخامة المواد. تقول الدار إنها ساعة تُخول للمرأة أن تملك الكون كله بين يديها وتلفه حول معصمها. فساعة «بويتيك أسترونومي» (أي علم الفلك الشاعري) ترجمة أنثوية لحركة الكون والأفلاك. وتأتي بعد أربع سنوات على إطلاق ساعة «ميدنايت بلانيتاريوم، الذي لاقى ترحيبا كبيرا من قبل الرجل، وهو ما شجع الدار أن تعيده بنسخة خاصة بالنساء وبحركة أوتوماتيكية، تجسدت في ساعة ليدي آربلز بلانيتاريوم. ساعة يدور فيها عطارد حول ميناء الساعة خلال 88 يوماً، بينما يستغرق كوكب الزهرة 224 يوماً والأرض 365 يوماً للدوران حوله. كما تضم هذه القطعة ابتكاراً رئيسياً يدور فيه القمر حول الأرض خلال 29.5 يوماً ليكمّل رقصة الباليه التي تتجلّى على ميناء الساعة.
- «ريتشارد ميل»
من الأمور التي يعشقها صناع الساعات الدخول في تحديات مع أنفسهم ومفاجأتنا بإصدارات تغذي روح المغامرة بداخلهم. من «بانيراي» التي تعشق البحار والغوص في الأعماق إلى «روجيه ديبويه» و«ريتشارد ميل» وغيرها من دور الساعات التي أكدت هذا العام اهتمامها برياضة البولو، باعتبارها رياضة الرجل الأنيق والراقي. فقد تعاونت «ريتشارد ميل» مثلا مع لاعب البولو العالمي بابلو ماك دونا، لتكون النتيجة RM 53 - وساعة 01 التي تنبض بروح رياضية تكشف عن حركة توربيون مُعلقة يمكن رؤيتها من خلال الزجاجة المصنوعة من الكريستال السافيري المصفح ذي الطبقات المتعددة. استغرق صُنعها سنوات من البحوث والدراسات حتى تتوفر على ميزات مقاومة لأكثر الصدمات قوة وعُنفا. يقول ريتشارد ميل بأن «البولو رياضةٌ خطيرة، إذ من الطبيعي أن يتعرض لاعبوها إلى صدمات قوية، كونها تقتضي التماس بين اللاعبين ببعضهم بعضا» ويستدل على هذا بما تعرض له اللاعب بابلو من كسور خلال مسيرته المهنية. كان مهما بالنسبة لريتشارد ميل أن تكون الساعة مقاومة لكل أنواع الصدمات وفي الوقت ذاته «أن تأتي بحركة مرئية وواضحة للعيان».
لتحقيق هذه المعادلة تعاون مهندسو الشركة مع شركة ستيتلر المتخصصة في مجال صناعة السيارات لإنتاج زجاجة رقائقية مُصفحة تتشكل من صفيحتين من الكريستال السافيري تفصل بينهما طبقة رقيقة أو غشاء من البولي فينيل، وهو ما يشكل سابقةً في عالم صناعة الساعات. فقد يتشقق زجاج الساعة نتيجة ضربة مطرقة البولو لكن من غير الممكن أن يتحطم، مما يحفظ حركة الساعة وميكانيكية التوربيون.
- {آي دبليو سي شافهاوزن}
احتفالا بعامها الـ150، قدمت شركة «آي دبليو سي شافهاوزن»
مجموعة من أيقوناتها بصورة جديدة. من هذه الأيقونات نذكر «بورتوفيينو»، «بايلوت»، «دافنشي» و«بورتغيزي». بهذه المناسبة قال المدير التنفيذي للدار كريستوف غرينجر - هير «إنّ الروح الريادية لمؤسس الدار وسعيه الدائم إلى تحقيق التميّز الهندسي تركا تأثيرا عميقا على أي إصدار يخرج من معاملها... وحتّى يومنا هذا، تزاوج ساعاتنا بين الهندسة الدقيقة والتصميم الاستثنائي مع الحفاظ على سمات ورموز مهمة».
من السمات التي يقصدها كريستوفر غرينجر - هير قرصه الأبيض أو الأزرق الذي يخضع كما يشرح كريستيانكنوب، المدير الإبداعي للدار إلى عملية طويلة ومعقدة، تُطلى فيها هذه الأقراص بـ12 طبقة من الورنيش عالي الجودة، كما تُصقل بشكل مسطّح وتُلمّع بالفرشاة، قبل أن يتمّ دمغها مرّات عدّة. وبالفعل فإن اللافت أن الساعات ذات القرص الأبيض تتمتع بعقارب مزرقة، بينما تمتاز الإصدارات ذات القرص الأزرق بعقارب مطلية بالروديوم.
- «جيجر لوكولتر»
شركة «جيجر لوكولتر» هي الأخرى عادت إلى قديمها لتطوره وتُطعمه بلمسة رياضية ومعاصرة. فمجموعتها الجديدة «بولاريس» مستلهمة من الساعة ميموفوكس بولاريس التي تعود إلى عام 1968، مع تجديدات معاصرة تليق برجل اليوم، الذي تصفه الدار بأنه رجل أنيق منفتح على العالم وعلى تجارب الحياة.
هذه الساعة ستكون رفيقته في رحلاته حيث إنها أوتوماتيكية بثلاثة عقارب، كرونوغراف وكرونوغراف مع توقيت العالم، بالإضافة إلى طرازين يتميّزان بالطابع المُعتّق، وهما جيجر - لوكولتر بولاريس دايت، وجيجر - لوكولتر بولاريس ميموفوكس.
تتميز البنية الهندسية لميناء الساعة بمجموعة من التشطيبات والتزيينات على ثلاث دوائر مشتركة لها نفس المركز: المركز المستوحى من ميموفوكس بولاريس مع التزيين الشمسي، والتزيين المبرغل الشكل على الدائرة الخارجية، حيث الساعات والدقائق، وإنهاء أوبالين المتلألئ على الطوق الداخلي الدوار. على ميناء هذه المجموعة تم تثبيت شعار جيجر - لوكولتر والأرقام العربية وعلامات الساعات بينما جاءت العقارب كبيرة الحجم مُلِئَت بمادة سوبرلومينوفا لتوفير رؤية جيدة في الظلام. وفي موديلين آخرين تم تطبيق سوبرلومينوفا بلونٍ مختلف بلمسة التعتيق العريقة وهو لون الفانيليا في إشارة وتحيةٍ إلى ساعة ميموفوكس بولاريس الأصل التي احتوت على مادة التريتيوم على عقاربها في ذلك الوقت.
بالنسبة لهياكل أو أقفاص الساعة فهي جديدة بالكامل وتتميّز بأبعاد ونِسَبٍ مصممة بأسلوب رياضي محض، بفضل الجمع بين الصقل الخطي الناعم اليدوي على سطوحها والعروات الرفيعة التي تتمركز أسفل قفص الساعة، بالإضافة إلى الأطواق الدائرية.
- «أ.لانغة أند صونة»
بدورها أبدعت دار «أ.لانغة أند صونة» الساعة الأولى في العالم لقياس أجزاء الثواني التي تسمح بقياسات وقت نسبية متعددة الساعات. فالعقارب الإضافية لإيقاف الوقت على منظمات الدقائق والساعات تجعل من الممكن إيقاف وقت دورات السباق والزمن المرجعي للأحداث التي تدوم حتى 12 ساعة. تعود بداية القصة إلى 17 يوليو (تموز) 2016، حين حقق لاعب الترايثلون الألماني يان فرودينو رقما قياسيا عالميا جديدا لسباق الترايثلون للمسافات الطويلة. اجتاز خلال فترة مذهلة بلغت 7 ساعات، 35 دقيقة، و39 ثانية، مسابقات السباحة لمسافة 3.8 كيلومترا، ركوب الدراجة لمسافة 180كيلومترا، والجري لمسافة 42.2 كيلومترا. واحتاج متسابق المركز الثاني، جو سكيبر البريطاني، إلى 20 دقيقة و44 ثانية إضافية للوصول إلى خط النهاية. غني عن القول إن ساعة كرونوغراف ميكانيكية واحدة هي التي تمكّنت أن تسجّل الساعات والدقائق والثواني الزمنين اللذين حققهما الفائز والمنافس الثاني بدقة. هذه الساعة هي «تريبل سبليت» TRIPLE SPLIT من إيه. لانغيه أند صونه.
يُعد كرونوغراف أجزاء الثانية الوحيد في العالم الذي يمكنه قياس الأوقات المضافة والنسبية لفترة تصل إلى 12 ساعة، وفي الوقت نفسه، حطم الرقم القياسي للدار الذي سجلته ساعة «دابل سبليت» DOUBLE SPLIT، في عام 2004. مع عداد إيقاف الوقت للدقائق القافزة، وعداد إيقاف الوقت المستمر للساعات، تضرب ساعة «تريبل سبليت» الجديدة نطاق قياس وظيفة إيقاف الوقت بمقدار 24. وهذا يشمل الكثير من التطبيقات الأكثر تنوعا وإثارة للاهتمام: على سبيل المثال مقارنة الزمن الذي يحتاجه متنافسان في سباق الفورمولا 1 أو سباق ماراثون. ويمكنها أيضا تسجيل أوقات الأحداث التي تبدأ بالتعاقب، مثل مرحلتي الانطلاق والعودة لرحلة جوية طويلة المدى. تأتي الساعة بإصدار محدود بـ100 قطعة - وتتمتع بوظيفة الارتداد إلى الخلف(فلايباك) التي تنطوي على ثلاثة أزواج من العقارب أيضا. وهكذا، يمكن إعادة تعيين الكرونوغراف توقيت وإعادة تشغيله على الفور بضغط دافع الكرونوغراف السفلي حتى خلال إجراء القياس.


مقالات ذات صلة

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

من قلب المملكة العربية السعودية؛ حيث تتلاقى الأصالة والحداثة، تبرز مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي واحدةً من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء.

أسماء الغابري (جدة)
لمسات الموضة كانت روح ماريا تحوم في قصر غارنييه بكل تجلياتها (ستيفان رولان)

من عاشقة موضة إلى مُلهمة

كل مصمم رآها بإحساس وعيون مختلفة، لكن أغلبهم افتُتنوا بالجانب الدرامي، وذلك التجاذب بين «الشخصية والشخص» الذي أثَّر على حياتها.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يرسم معالمها... لأن «نجمها الأول وعملتها الذهبية» هي أنسجتها (لورو بيانا)

«لورو بيانا»... تحتفل بمئويتها بفخامة تستهدف أصحاب الذوق الرفيع

لم تحتج الدار يوماً إلى مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها... فشخصيتها واضحة، كما أنها تمتلك نجماً ساطعاً يتمثل في أليافها وصوفها الملكي.

جميلة حلفيشي (لندن)

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.