إردوغان وبوتين: «سوتشي» مكسب كبير

TT

إردوغان وبوتين: «سوتشي» مكسب كبير

اعتبر الرئيسان؛ التركي رجب طيب إردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، العلاقات الثنائية، وآخر التطورات السورية، ونتائج مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي اختتم في سوتشي أو لمن أمس، «مكسباً كبيراً رغم العقبات»، وأن الاتفاق على تشكيل لجنة لتعديل الدستور السوري أهم نتيجة حققها المؤتمر.
وقالت مصادر في الرئاسة التركية إن إردوغان تحدث هاتفيا مع بوتين أمس؛ حيث بحثا كثيرا من القضايا، في مقدمتها مؤتمر سوتشي، وعملية «غصن الزيتون» في عفرين، والأوضاع بمحافظة إدلب.
وذكرت المصادر أن إردوغان وبوتين شددا على أن النتيجة التي تم تحقيقها في مؤتمر سوتشي تشكل قيمة مضافة إلى مساري «آستانة» و«جنيف» وقرار مجلس الأمن الدولي رقم «2254» الذي يطالب جميع الأطراف بالتوقف الفوري عن شن هجمات ضد أهداف مدنية، ويحث الدول الأعضاء بمجلس الأمن على دعم الجهود المبذولة لتحقيق وقف إطلاق النار. ولفتت المصادر إلى أن الرئيسين اتفقا على تسريع جهود تشكيل نقاط مراقبة في منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب بشمال غربي سوريا، وأن إردوغان أطلع بوتين على سير العملية العسكرية التركية «غصن الزيتون» في عفرين. وشدد الرئيسان على أهمية التفاهم والتعاون المتبادل في هذا الصدد.
في الوقت نفسه، طالبت أنقرة روسيا بتقديم توضيح لظهور معراج أورال؛ المطلوب على قائمة الإرهابيين في تركيا، بين المشاركين في مؤتمر الحوار السوري في سوتشي. وطالبت وزارة الخارجية التركية منظمي المؤتمر، وهما وزارتا الخارجية والدفاع الروسيتان، بتوضيحات إزاء ظهور أورال (تركي الجنسية) بين المشاركين في مؤتمر سوتشي.
ويتزعم أورال تنظيمي «جبهة الخلاص الشعبية في تركيا (المستعجلون)» و«جبهة تحرير لواء الإسكندرون»، المصنفيْن في تركيا إرهابييْن.
وأعربت الخارجية التركية للجهات المعنية في روسيا عن انزعاجها من ظهور أورال في مؤتمر سوتشي، علماً بأن اسمه لم يكن مدرجا في قائمة المدعوين التي سلمتها روسيا لتركيا.
بدورها، قالت السلطات الروسية للجانب التركي إنه «سيجري التدقيق في المسألة على الفور وإعلام الجانب التركي بالنتيجة».
و«جبهة تحرير لواء الإسكندرون»، هو تجمع لشبيحة النظام يقاتل في ريف اللاذقية، وهي متهمة بارتكاب مجزرة بلدة البيضا التابعة لمدينة بانياس في ريف محافظة طرطوس (غرب)، التي راح ضحيتها أكثر من 150 قتيلاً عام 2013.
كما تتهم أنقرة «الجبهة» وقائدها أورال الذي يعرف في سوريا باسم «علي كيالي»، بالوقوف وراء تفجيرات بلدة ريحانلي (الريحانية) بولاية هاطاي جنوب تركيا عام 2013، التي قتل فيها 52 شخصاً من السوريين والأتراك.
وحظي أورال، المولود في هاطاي عام 1956، بامتيازات خاصة من قبل عائلة الأسد بعد فراره من تركيا عام 1982، للقرابة التي تربط زوجته «ملك الفاضل» بهذه العائلة، وكان على علاقة قوية بجميل الأسد شقيق الرئيس السابق حافظ الأسد.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».