«المستقبل» يخوض انتخابات بيروت بلائحة يعلن عنها أواخر فبراير

اتفاق محسوم مع «الاشتراكي» وقيد الدرس مع «الوطني الحرّ»

TT

«المستقبل» يخوض انتخابات بيروت بلائحة يعلن عنها أواخر فبراير

قطعت الأحزاب اللبنانية شوطاً كبيراً على صعيد التحضير لسباق الانتخابات النيابية المقررة في السادس من مايو (أيار) المقبل، وهي تعطي الأولوية للدوائر الصعبة قبل غيرها، وهذا ما ينطبق على تيار «المستقبل» الذي يرأسه رئيس الحكومة سعد الحريري، والذي يصبّ اهتمامه على ترتيب أوراقه الانتخابية في دائرة بيروت الثانية ذات الثقل السنّي وتكريس زعامته داخل العاصمة، في ظلّ وجود عشرات المرشحين من شخصيات حزبية ومستقلّين.
وتحوّلت ماكينة «المستقبل» الانتخابية ومكاتب التيار في بيروت، إلى خلية نحل لا تتوقف عن عقد الاجتماعات واللقاءات ليلاً نهاراً، لغربلة الأسماء التي ستتضمنها اللائحة التي سيرأسها الحريري شخصياً، وبدأ ناشطو التيار ولجنة العائلات البيروتية بتسريب بعض الأسماء شبه المتفق عليها التي تشكّل نواة لائحة من مرشحي «المستقبل» والحلفاء، لضمان فوز العدد الأكبر من أعضائها، إذا كان فوزها كاملة شبه مستحيل، والتي تنضمّ إلى الحريري، رئيس الحكومة السابق تمام سلام (كحليف)، والوزير نهاد المشنوق، وأسماء جديدة بينها المذيعة في تلفزيون «المستقبل» لينا دوغان، عبير شبارو، المحامي حسن كشلي، عضو منسقية بيروت في التيار ميشال فلاح، رئيس حزب «الحوار الوطني» المهندس فؤاد مخزومي والمرشّح الذي سيسميه الحزب التقدمي الاشتراكي، بعدما بات تحالفهما حتمياً في العاصمة، فيما يبقى تحالف «المستقبل» والتيار الوطني الحرّ، رهن ما ستؤول إليه مفاوضاتهما على صعيد لبنان ككل.
وإذا كان «تيار المستقبل» يعتبر ما يجري تداوله من أسماء لمرشحين مفترضين وتحالفات، في نطاق التحليلات والتسريبات التي لا تعنيه»، فقد رأى قيادي في تيار «المستقبل» أنه «من المبكّر الحديث عن إنجاز لائحة التيار في بيروت الثانية». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الكثير من الأسماء توضع قيد المداولة لكن لم يحسم ترشيح أي منها حتى الآن، باستثناء الرئيس سعد الحريري والوزير نهاد المشنوق»، مشيراً إلى أن «اختيار المرشحين لا يزال قيد التداول على مستوى الحلقة الضيقة في قيادة التيار، وبالتشاور مع العائلات البيروتية التي سيكون لها رأي في من يمثلها على لائحة المستقبل»، كاشفاً أن الحريري «سيؤجل إعلان لائحته في بيروت الثانية إلى ما بعد الذكرى الثانية عشرة لاغتيال والده الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط (فبراير) المقبل، وربما يكون إعلانها ما بين 20 و25 شباط»، جازماً بأن «لائحة المستقبل ستكون مكتملة بـ11 مرشحاً». وتبذل الجهات البيروتية المؤثرة، جهوداً كبيرة للاتفاق على لائحة قوية قادرة على اكتساح مقاعد دائرة بيروت الثانية، وفيما يلتزم الرئيس تمّام سلام الصمت التام حول السياسية الانتخابية التي يعتمدها في ترشحّه، قالت مصادر مقرّبة منه لـ«الشرق الأوسط»، إن رئيس الحكومة السابق «سيخوض الانتخابات مع الرئيس سعد الحريري في لائحة واحدة». وعمّا إذا كان سيسمي مرشحاً آخر غيره على نفس اللائحة أو يكتفي باسمه، رأت المصادر أنه «بمجرّد التوافق على اللائحة فإن أي مرشّح فيها يمثل الرئيس سلام».
وكما أن الترشيحات ما زالت موضع أخذ وردّ ونقاش، فإن التحالفات الانتخابية في بيروت الثانية لم تحسم أيضاً، وكشف القيادي في تيار «المستقبل»، أن «التحالف الثابت والمبرم حتى الآن، هو مع الحزب التقدمي الاشتراكي». ولم يستبعد «تحالفاً مع التيار الوطني الحرّ في بيروت الثانية إذا اقتضت الحاجة كما في بعض المناطق»، لكنه استطرد قائلا: «قد تتبدّل الأمور خصوصا أن الخلافات مع حزب (القوات اللبنانية) دخلت طور المعالجة». وأشار إلى أن «من يملك المعلومات القطعية عن الترشيحات والتحالفات، هما الرئيس سعد الحريري ومدير مكتبه نادر الحريري».
والى جانب لائحة «المستقبل» بدأ التداول بأسماء بيروتية وازنة قد تخوض الانتخابات من خارج لائحة «المستقبل» وحلفائه، بينها رئيس تحرير صحيفة «اللواء» صلاح سلام، الذي أعلن لـ«الشرق الأوسط» أن ترشحه «لا يزال في مرحلة البحث والتقييم». وقال: «حتى الآن لا يوجد نقاش أو تواصل بيني وبين الرئيس الحريري لأكون على لائحته». وعن إمكانية تحالفه مع وزير العدل أشرف ريفي في بيروت، خصوصاً بعد زيارته منزل الأخير في طرابلس يوم السبت الماضي، قال صلاح سلام: «زيارتي للوزير ريفي اجتماعية عائلية ولم نناقش خلالها مواضيع سياسية أو انتخابية على الإطلاق»، رافضاً إعطاء هذه الزيارة أكثر من بعدها الاجتماعي.
ووفق القانون الانتخابي الجديد الذي اعتمد تقسيمات مختلفة عن انتخابات 2009، فإن بيروت الثانية تضمّ 11 مقعداً: 6 سنة، 2 شيعة، 1 أرثوذكس، 1 درزي، وإنجيلي واحد (أقليات)، وسيتنافس على هذه المقاعد عدد من اللوائح، وسط معلومات تفيد بأن الثنائي الشيعي (حركة «أمل» و«حزب الله») ستكون لديه لائحة، بالإضافة إلى لائحة المجتمع المدني، وشخصيات مستقلة قد تأتلف في لائحة واحدة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».