جنبلاط وسيطاً بين عون وبري لإنهاء أزمة المرسوم

سجال بينه وبين «الوطني الحر» على خلفية «الخطة الاقتصادية»

TT

جنبلاط وسيطاً بين عون وبري لإنهاء أزمة المرسوم

دخل رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط على خط الوساطة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري في محاولة لإيجاد حل لـ«أزمة مرسوم ضباط العام 1994»، الذي يصر بري على أنه مخالف للدستور لأن وزير المال لم يوقعه إلى جانب رئيسي الجمهورية والحكومة، والتي وصلت إلى مرحلة متقدمة من «المواجهة السياسية» بين الطرفين. والتقى يوم أمس النائب وائل أبو فاعور الحريري موفدا من جنبلاط الذي كان قد كشف، مساء أول من أمس، في حديث إلى «تلفزيون المستقبل» عن «مشروع حل يقوم على إعادة الأمور إلى دستوريتها حمّله بري لأبي فاعور لعرضه على الحريري».
وبانتظار سلوك المبادرة طريقها إلى القصر الرئاسي عبر الحريري والرد عليها، يحرص كل الأفرقاء على سرية تفاصيلها فيما اكتفى أبو فاعور بالقول: «طرحت فكرة على الرئيس الحريري وأصبحت بعهدته ومن الممكن أن تكون قيد النقاش»، معتبرا في حديث تلفزيوني أنّه «إذا وجدت النية السياسية يمكن إيجاد مخرج في موضوع مرسوم الأقدمية».
وفي حديثه رفض جنبلاط عزل بري سياسيا، قائلا: «لا لزوم لعزل الرئيس نبيه بري فمن خلاله يتم عزل طائفة كبيرة، ولم يكن هناك من داع لا لمرسوم الأقدمية لعام 1994 ولا 1995».
من جهته، قال النائب في كتلة بري ميشال موسى: «لا تقدم في موضوع أزمة مرسوم ترقية دورة ضباط 1994، لكن الوساطات لم تنته، وهناك فرقاء سياسيون يحاولون تقريب المسافات»، منوها إلى «أن الرئيس نبيه بري قال كل ما لديه وسهل الحلول وهو يرحب بأي حل من ضمن النصوص الدستورية»، مركزا على أن المساعي ممكن أن تستمر لحين إيجاد حل.
ومع دخول جنبلاط على خط الوساطة بين الرئاستين، فتح انتقاده للخطة الاقتصادية، السجال بينه وبين «التيار الوطني الحر» ممثلا بوزير الاقتصاد رائد خوري.
وسأل جنبلاط: «ألا يوجد اقتصاديون وكفاءات في لبنان حتى نحضر شركة ماكِنزي؟ هل ماكنزي ستستمع إلى خبرات الشفافين في الإدارات؟»، وأضاف: «هذه شركات أميركية تخرّب البلد يلي جايبين ماكِنزي حمير».
ونفى مصدر في «الحزب التقدمي الاشتراكي» أن يكون هذا السجال بداية خلاف أو مواجهة مع «الوطني الحر»، وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «كلام جنبلاط لا يعدو كونه قراءة في الموضوع الاقتصادي والمخاطر الاقتصادية والمالية وحرصا منه على وضع الليرة اللبنانية، وتكليف شركة ماكينز هو جزء من هذا الموضوع».
وكان مجلس الوزراء كلّف «شركة ماكينزي آند كومباني» الأميركية إعداد خطة اقتصادية خلال ستة أشهر، للسنوات الخمس المقبلة رغم اعتراض عدد من الوزراء، مقابل مليون و300 ألف دولار أميركي.
من جهته، استغرب النائب بطرس حرب تكليف شركة «ماكينزي» الدولية وضع خطة للنهوض الاقتصادي في لبنان، معتبرا أن هذا الأمر إهانة للكفاءات اللبنانية التي ستلجأ إليها الشركة لوضع الخطة. وأضاف: «هي خطوة توحي وكأنه لا يوجد في لبنان مؤسسات جديرة وقادرة على وضع خطة نهوض اقتصادي لبلدهم الذي يعرفونه ويدركون جيدا حاجاته ومكامن القوة والضعف فيه. وقد اعترف وزير الاقتصاد نفسه في معرض تبريره للعقد قائلا إن تسعين في المائة من خبراء (ماكينزي) هم لبنانيون».
وأكد: «في الوقت الذي يجب أن نسعى جميعا إلى وقف هدر المال العام وعقد الصفقات المشبوهة ووضع حد للفساد المستشري ومعالجة العجز في الخزينة، تشهد البلاد تفشيا لمنظومة الفساد عبر العقود التي تجري خلافا لأحكام القانون غير عابئين في رأي سلطات الرقابة، كما جرى ويجري في ملفي الكهرباء والنفط..».
ولفت إلى «إن أدراج الوزارات والمؤسسات العامة مليئة بالدراسات التي كلفت الشعب اللبناني عشرات ملايين الدولارات، والتي أهملت أو يجري العمل بعكس مضمونها».
وتوجّه إلى المسؤولين بالقول: «إذا كنتم تريدون فعلا النهوض بالبلاد أوقفوا الفساد واطردوا الفاسدين من مراكز القرار، وفعّلوا سلطات الرقابة بدل تعطيلها. وإلا يكن الهدف إضافة صفقة جديدة إلى سلسلة الصفقات والفضائح التي تجري».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.