إسرائيل تصادق على قانون «القدس الموحدة»

الرئاسة الفلسطينيةعدته إعلان حرب

القدس القديمة من جهة حائط البراق وفي الخلف يظهر مسجد قبة الصخرة (أ.ب)
القدس القديمة من جهة حائط البراق وفي الخلف يظهر مسجد قبة الصخرة (أ.ب)
TT

إسرائيل تصادق على قانون «القدس الموحدة»

القدس القديمة من جهة حائط البراق وفي الخلف يظهر مسجد قبة الصخرة (أ.ب)
القدس القديمة من جهة حائط البراق وفي الخلف يظهر مسجد قبة الصخرة (أ.ب)

ردت رئاسة السلطة الفلسطينية في رام الله، أمس، بغضب شديد، على قرار الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، المصادقة على قانون «القدس الموحدة» الذي يكبل أيدي الحكومة في أي اتفاق سلام حول المدينة المقدسة، واعتبرته بمثابة «إعلان حرب على الشعب الفلسطيني».
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة إن «هذا التصويت يشير بوضوح إلى أن الجانب الإسرائيلي أعلن رسميا نهاية ما يسمى بالعملية السياسية، وبدأ بالفعل العمل على فرض سياسة الإملاءات والأمر الواقع. لكننا نؤكد بأنه لا شرعية لقرار ترمب، ولا شرعية لكل قرارات الكنيست الإسرائيلي، ولن نسمح في أي حال من الأحوال بتمرير مثل هذه المشاريع الخطيرة على مستقبل المنطقة والعالم».
وقال الدكتور صائب عريقات، رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير وأمين سر اللجنة التنفيذية، إن هذا القرار يعتبر تنفيذ حكم بإعدام أي فرصة لتحقيق السلام، والحكم على شعوب المنطقة باستمرار دوامة العنف والتطرف وإراقة الدماء. وطرح عريقات هذه القضية خلال لقاءات عاجلة أجراها، أمس، مع كل من القنصل البريطاني العام في القدس، فيليب هول، والقنصل السويدي العام آن صوفي، وممثل اليابان لدى دولة فلسطين تاكاشي أوكابو، وممثل النرويج لدى دولة فلسطين هيلده هارلدستاد، كل على حدة.
وشدد عريقات على أن الإجماع الدولي الرافض للسياسات الأميركية - الإسرائيلية الخطيرة والمدمرة لخيار الدولتين، مطالب بمواجهة وإسقاط قرار الرئيس ترمب بشأن القدس، والبدء الفوري في مساءلة ومحاسبة سلطة الاحتلال (إسرائيل)، انتصاراً للقانون الدولي والشرعية الدولية، وتحقيق السلام القائم على مبدأ الدولتين على حدود 1967. وبما يضمن إقامة دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967، وحل قضايا الوضع النهائي كافة، وعلى رأسها قضية اللاجئين والأسرى استناداً لقرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة. وأنهى عريقات قائلا إن «لغة قوة القانون وحل الصراعات بالطرق السلمية وضمان العدالة، انتصرت على الدوام على لغة القوة وفرض الإملاءات وغطرسة القوة».
وكان الكنيست قد صادق، فجر أمس، على مشروع قانون «القدس الموحدة» الذي يحظر نقل أجزاء من القدس المحتلة بأي تسوية مستقبلية إلا بموافقة 80 عضو كنيست من مجموع 120 أي الثلثين، على الأقل. وينص القانون الجديد أيضا، على بند مكبل آخر ينص على أنه لا يمكن إلغاء هذا القانون في المستقبل إلا إذا صوت على ذلك 61 عضو كنيست.
المعروف أن هذا القانون تم بمبادرة من رئيس حزب المستوطنين (البيت اليهودي)، وزير التربية والتعليم، نفتالي بينيت، ورئيسة كتلته البرلمانية، شولي معلم رفائيلي. وقالت النائب معلم - رفائيلي إن «تعديل قانون القدس سيمنع أي إمكانية لتقسيم القدس وتسليم أجزاء منها للأجانب. لقد سبق ورأينا كيف اشترى رؤساء حكومة أعضاء كنيست من أجل تحقيق غالبية لدفع خطوات مثل اتفاق أوسلو وخطة الانفصال. تعديل القانون سيحافظ على عاصمة إسرائيل في مواجهة خطوات سياسية مشكوك فيها».
وقال زئيف إلكين، وزير شؤون القدس والتراث وأحد قادة حزب الليكود، إنه «بعد الموافقة النهائية على مشروع القانون، يتعين على كل من يجرؤ على الإضرار بسيادتنا في القدس وتقسيم المدينة أن يقنع 80 نائبا بدعم ذلك. ليس هناك أي شيء أكثر رمزية، بالذات قبل أن نحتفل بالذكرى السبعين لتصويت الأمم المتحدة على إقامة الدولة، من مواصلة بناء جدار حديدي يحمي مكانة القدس».
وقال رئيس لجنة الدستور والقانون في الكنيست نيسان سلوميانسكي (البيت اليهودي)، إن «القانون يوفر حلا للقدس وهو قانون مهم ومركزي يسهل علينا الحفاظ على سيادة القدس».
في المقابل، قال النائب موسي راز، من حزب «ميرتس» اليساري المعارض، إن «دولة واحدة فقط في العالم تعترف بضم القدس الشرقية». وقال إن «هذا القانون سيقيد أيدي الأجيال المقبلة وقد يحول دون فرص السلام خلافا لقيم الصهيونية، أنتم ترتجفون خوفا لأنكم تعرفون أنكم لستم على حق وأن الموقف سيتغير في يوم ما».
وقد صودق على القانون في نهاية المناقشة التي استغرقت أكثر من ثلاث ساعات، لكن الأكثرية التي أيدته تحققت فقط بعدما تم شطب وإزالة البند والقسم الذي يهدف إلى عزل وفصل الأحياء ذات الأغلبية الفلسطينية إلى سلطة بلدية منفصلة تابعة للاحتلال. فقد استكثر نواب اليمين المتطرف حتى هذه الخطوة على الفلسطينيين. وصوت 64 من أعضاء الكنيست لصالح مشروع القانون واعترض عليه 51 نائبا، فيما امتنع عن التصويت عضو كنيست واحد من حزب «يوجد مستقبل» المعارض.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.