توقعات بتصحيح علاقة «المستقبل» و«القوات» ولقاء جعجع ـ الحريري

الحريري مع أطفال لبنانيين في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
الحريري مع أطفال لبنانيين في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
TT

توقعات بتصحيح علاقة «المستقبل» و«القوات» ولقاء جعجع ـ الحريري

الحريري مع أطفال لبنانيين في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
الحريري مع أطفال لبنانيين في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)

يجمع كل من «تيار المستقبل» و«حزب القوات اللبنانية» على إيجابية نتائج المباحثات واللقاءات التي تعقد بين ممثلي الطرفين لتذليل الخلافات التي أحاطت علاقتهما منذ إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري عن استقالته في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ومن ثم العودة عنها بعد نحو أسبوعين. ورغم أن مصادر الطرفين لا تستبعد إمكانية عقد لقاء قريب بين الحريري ورئيس «القوات» سمير جعجع، بحيث قد تكون نهاية السنة مناسبة لتصحيح ما انكسر، فإن عودة الأمور إلى سابق عهدها بين الحزبين اللذين شكلا الركيزة الأساسية لفريق 14 آذار، ليست بالأمر السهل، وتحتاج إلى وقت، خاصة أن ما حصل كان نتيجة تراكمات على امتداد فترة طويلة، كما يقول النائب في «المستقبل» نبيل دو فريج، آملا أن يتم اللقاء في وقت قريب.
ويؤكد النائب في «القوات» فادي كرم أن المباحثات التي يتولاها كل من مستشار الحريري، الوزير السابق غطاس خوري ووزير الإعلام ملحم رياشي ترتكز على الثوابت التي جمعت الطرفين منذ البداية، وأهمّها السيادة الوطنية وعمل المؤسسات، من دون أن يستبعد أن تتوج بلقاء بين جعجع والحريري خلال فترة الأعياد. ويؤكد القيادي في «المستقبل» مصطفى علوش أن الحوار يرتكز على بند أساسي، وهو العمل على تسهيل ودعم عمل الحكومة التي كانت تلقى انتقادات من قبل مسؤولي «القوات» الممثلين أيضا على طاولة مجلس الوزراء. ويقول علوش لـ«الشرق الأوسط»: «الحوار بين الطرفين مستمر وإن لم يكن هناك تغيير جذري»، ولفت إلى المبادرة التي قام بها الحريري تجاه جعجع عبر معايدته بمناسبة الأعياد، متوقفاً كذلك عند تراجع حدة الانتقادات القواتية لعمل الحكومة، وهو ما قد يدفع نحو نتيجة إيجابية، بحسب رأيه.
ويصف كرم المباحثات مع «المستقبل» بـ«الإيجابية»، مشيرا إلى أن هذه المرحلة ستتوج بلقاء يجمع بين جعجع والحريري، وقد يكون خلال أيام. ويوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «الحوار هو لإعادة الثقة بين الطرفين بعد الخلل الذي أصاب العلاقة بينهما والعودة إلى الثوابت التي كانت قد جمعت الحليفين منذ سنوات وأهمها، السيادة اللبنانية الكاملة، وبناء المؤسسات انطلاقاً من استقرار فعلي وليس شكلياً بعيداً عن سيطرة قرار الدويلة (في إشارة إلى حزب الله) على الدولة».
وفي حين يدعو كرم إلى ضرورة تطبيق سياسة «النأي بالنفس» الذي عاد الحريري عن استقالته بموجبها واصفاً إياهاً بـ«التطور الإيجابي»، يرفض اتهام القوات بالتراجع عن مواقفها، وخاصة تلك المتعلقة بانتقاد سياسة الحكومة والتهديد بالاستقالة نتيجة ممارسات حزب الله، متهماً البعض من «تيار المستقبل» بتسويق الاتهامات ضد «القوات»، وفقا لمصالحهم الشخصية.
ويوضح: «أسباب الخلاف كانت قد بدأت قبل الاستقالة، حيث أكدت (القوات) على رفض استمرار مفهوم المحاصصة، إضافة إلى التراخي مع مشروع (حزب الله) الذي جاء موضوع النأي بالنفس ليضع له أطرا محددة». ويضيف: «وبالتالي لم نتراجع عن مواقفنا بل نتعاطى بواقعية مع كل الأمور، مع تمسكنا بالثوابت التي لم ولن نتخلى عنها، وبالتالي نعتقد أن هذه السياسة إذا التزم بها الجميع من شأنها أن توصلنا إلى السيادة الكاملة، ومن ثم إلى استراتيجية دفاعية تؤدي إلى انخراط سلاح حزب الله ضمن الجيش اللبناني». ويؤكد: «لن نتوقف عن الانتقاد إذا لزم الأمر، وملاحظاتنا للحكومة ستكون وفقاً لكل ملف على حدة».
في المقابل، يعيد النائب في «المستقبل»، نبيل دوفريج أسباب الخلاف بين الحليفين إلى ما قبل الاستقالة، وتحديدا منذ دعم جعجع «القانون الأرثوذكسي» للانتخابات النيابية والذي لم يكن لصالح المستقبل، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «منذ ذلك الحين بدأت تتراكم الخلافات، وصولا إلى تهديد القوات بالاستقالة، والمواقف التي تهدف إلى انتقاد الحكومة بهدف إنقاذ العهد، بحسب ما كانوا يقولون، أي حملة واضحة على الحريري الذي كان يرأس هذه الحكومة». ويضيف: «لذا وبرغم أنه في النهاية سيتم تصحيح العلاقة بعد توضيح كل الأمور، نظرا إلى المصالح المشتركة بين الطرفين ومسيرة النضال الطويلة، لكن مما لا شك فيه أن عودة العلاقة إلى ما كانت عليه في السابق تحتاج إلى وقت». ورأى أنه من المبكر الحديث عن تحالفات انتخابية، معتبراً أن التحالف بين القوات والمستقبل لا يرتبط بما شاب العلاقة بينهما إنما بالقانون الانتخابي الذي يبدو أن التحالف بموجبه لن يكون من مصلحة أي فريق، وبالتحديد الصوت التفضيلي الذي يجعل من كل مرشّح ليس فقط حزب يعمل لمصلحته الشخصية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».