الفلسطينيون يتصدّون لمحاولات خلق «قيادة بديلة»: لسنا قوات لحد

غرينبلات التقى شخصيات... وإسرائيل ماضية في خطة قديمة

شاب يقف على حاجز خلال تصدي فلسطينيين لجنود الاحتلال قرب مستوطنة بيت إيل قرب رام الله أمس (رويترز)
شاب يقف على حاجز خلال تصدي فلسطينيين لجنود الاحتلال قرب مستوطنة بيت إيل قرب رام الله أمس (رويترز)
TT

الفلسطينيون يتصدّون لمحاولات خلق «قيادة بديلة»: لسنا قوات لحد

شاب يقف على حاجز خلال تصدي فلسطينيين لجنود الاحتلال قرب مستوطنة بيت إيل قرب رام الله أمس (رويترز)
شاب يقف على حاجز خلال تصدي فلسطينيين لجنود الاحتلال قرب مستوطنة بيت إيل قرب رام الله أمس (رويترز)

لا يملك كثير من المسؤولين الفلسطينيين أو الإسرائيليين جواباً على السؤال الشعبي الشائع: إلى أين؟ بعدما دخلت السلطة الفلسطينية، الكيان الضعيف الذي لا يملك سلاحاً أو مالاً ولم يتحول إلى دولة بعد، في مواجهة مع الدولة الأكبر في العالم، الولايات المتحدة، بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهو اعتراف تعهد الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بألا يمر. لكن المسؤولين الفلسطينيين يعرفون أنهم سيواجهون محاولات أميركية حثيثة لخلق قيادة بديلة.
وقال مصدر فلسطيني مطلع لـ«الشرق الأوسط»: «الآن أصبحوا يريدون ذلك بشكل ملحّ (إيجاد قيادة بديلة) منذ أكثر من عام كانوا يكتفون بجس النبض». وأضاف: «لدى القيادة الفلسطينية فهم كامل للأمر». وتابع المصدر الفلسطيني: «التوجه الأميركي الإسرائيلي الآن منصبّ على إيجاد قيادة بديلة للرئيس عباس، لكن ذلك أن يكون في المتناول». وأردف: «لقد جربوا ذلك مراراً، وتعاملوا مع فلسطينيين من بيننا، لكنهم كانوا يفشلون في كل مرة، فالكل الفلسطيني لن يقبل بـ(قوات لحد) هنا».
وليس سرّاً أن المسؤولين الإسرائيليين بدأوا، منذ عام، سياسة جديدة تقوم على التعاون مع شخصيات فلسطينية للتباحث في شؤون المنطقة. وقبل أشهر قليلة التقى رجال وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، بشخصيات فلسطينية مرات عدة، ضمن خطته المثيرة للجدل (العصا والجزرة)، التي تقوم بخلق مسار تواصل مع الفلسطينيين يتجاوز به الرئيس الفلسطيني، ويتضمن مكافآت اقتصادية للمناطق التي تلتزم بالأمن، وعقوبات لتلك التي يخرج منها منفذو عمليات.
وكانت الوزارة الإسرائيلية التي يرأسها ليبرمان، وضعت، سلفاً، قائمة تضم أسماء شخصيات فاعلة في السلطة الفلسطينية، من أكاديميين ورجال أعمال ورجال دين، رغبة منها في إجراء حوار مباشر معهم بعيداً عن القيادة السياسية. بل إن «المنسِّق» الذي يمثل وزارة الأمن الإسرائيلية راح يجرب التعامل مع جموع الفلسطينيين مباشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ملقياً عليهم محاضرات أمنية، وباثّاً بيانات مختلفة، ومنادياً إياهم بزيارة مباشرة لمكاتب الإدارة المدنية من أجل الحصول على تصاريح جديدة، وإلغاء المنع الأمني، والتنقل بين الضفة وغزة وإلى إسرائيل، في تجاوز واضح ومباشر لدور السلطة الفلسطينية. وبالتوازي مع ذلك، كشف مصدر مسؤول لـ«الشرق الأوسط» أن مبعوث الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، لعملية السلام جيسون غرينبلات، التقى كذلك بشخصيات فلسطينية بعيداً عن التنسيق الرسمي مع السلطة الفلسطينية. وحاول غرينبلات، كما يبدو، أن يلتقي بهذه الشخصيات مرة أخرى خلال زيارته الحالية لإسرائيل، لكن تحذيرات سربتها السلطة، بما في ذلك تسريب الأسماء، حال دون اللقاء.
وقال المصدر إن شخصيات من قطاع غزة، وكذلك من الضفة الغربية (نحو 6 أشخاص)، كانوا يخططون للقاء غرينبلات، لكنهم خشوا من ردة الفعل الكبيرة، بسبب قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس مقاطعة الأميركيين بعد قرار ترمب اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.
وفيما التقى غرينبلات مسؤولين إسرائيليين، وممثل الاتحاد الأوروبي الخاص لعملية السلام فرناندو جنتيليني، لم يلتقِ كعادته أي مسؤول فلسطيني ولم يطلب ذلك، بسبب معرفته بمقاطعة الفلسطينيين للإدارة الأميركية.
وكان عباس قد رفض لقاء نائب الرئيس الأميركي، مايكل بينس، في زيارة كانت مقررة إلى بيت لحم قبل أيام، وألغاها بينس لاحقاً.
وتوترت العلاقة بين السلطة وواشنطن، بعد اعتراف ترمب بالقدس، وتفاقم التوتر بعد رفض عباس لقاء بينس، ثم دخل الطرفان في مواجهة في مجلس الأمن والأمم المتحدة، قبل أن يصعد عباس ويشن هجوماً، هو الأول من نوعه، على الأميركيين، متهماً إياهم بدعم العمل الصهيوني تاريخياً، ومؤكداً أنه لا هو، أي مجنون يمكن أن يقبل بهم وسطاء في أي عملية سياسية.
وهدد نشطاء عبر وسائل إعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بفضح أي شخصية ستلتقي غرينبلات، باعتبارها خطوة «خيانية»، في هذا الوقت الذي «ينتفض» فيه الفلسطينيون لحماية القدس.
وقال المصدر: «لقد تراجعوا بسبب الخوف من الفضيحة والنتائج المحتملة لهكذا لقاء».
وتعيد المخططات الأميركية والإسرائيلية لأذهان الفلسطينيين، محاولة إسرائيل تشكيل قيادة بديلة للشعب الفلسطيني في سبعينات القرن الماضي، عرفت باسم «روابط القرى»، وفشلت آنذاك.
وطالما حذر المسؤولون الفلسطينيون وناشطون من إعادة إحياء هذه الروابط.
وتتطلع القيادة الفلسطينية الآن، إلى الرد على هذه المحاولات، بتعزيز شرعية عباس، عبر مصالحة مع حركة حماس.
وطالب رئيس الوزراء ووزير الداخلية رامي الحمد الله، أمس، بتكريس المصالحة الفلسطينية على أرض الواقع، وتعزيز الوحدة «والتفاف شعبنا حول الرئيس محمود عباس في هذه المرحلة التاريخية».
وقال الحمد الله خلال اجتماع مع قادة المؤسسة الأمنية، إن ذلك يمثل «ضرورة وطنية لمواجهة الانتهاكات (الإسرائيلية) والتحديات التي تعصف بقضيتنا».
ويُفترَض أن تحضر حماس والجهاد الإسلامي المعارضتان، والمتهمتان بالإرهاب إسرائيليّاً وأميركيّاً، اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير منتصف الشهر المقبل، الذي سيناقش ويحسم خيارات الفلسطينيين في الرد على المواقف الأميركية.



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.