السعودية تعلن خطة شاملة لمعالجة الوضع الإنساني في اليمن

التحالف: سقوط 65942 مقذوفاً حوثياً على مدن وقرى المملكة منذ بدء العمليات

محمد آل جابر السفير السعودي لدى اليمن ويبدو العقيد المالكي المتحدث باسم التحالف (تصوير: مشعل القدير)
محمد آل جابر السفير السعودي لدى اليمن ويبدو العقيد المالكي المتحدث باسم التحالف (تصوير: مشعل القدير)
TT

السعودية تعلن خطة شاملة لمعالجة الوضع الإنساني في اليمن

محمد آل جابر السفير السعودي لدى اليمن ويبدو العقيد المالكي المتحدث باسم التحالف (تصوير: مشعل القدير)
محمد آل جابر السفير السعودي لدى اليمن ويبدو العقيد المالكي المتحدث باسم التحالف (تصوير: مشعل القدير)

أعلنت السعودية عن خطة إنسانية شاملة تتضمن 11 مبادرة إنسانية لمعالجة الوضع الإنساني في اليمن وإيصال المساعدات والشحنات التجارية لجميع المناطق اليمنية وبحجم أكبر بكثير عما كان عليه الوضع في عام 2017.
وكشف محمد آل جابر السفير السعودي في اليمن عن أنه يجري وضع اللمسات الأخيرة على خطة العمليات الإنسانية الشاملة التي تتضمن 11 مبادرة إنسانية لمعالجة الوضع الإنساني في اليمن لإيصال المساعدات الشاملة والشحنات التجارية من أغذية ومشتقات نفطية لكل أبناء اليمن وفي كل مناطقها، بحجم أكبر بكثير مما كان عليه الوضع في 2017 لمعالجة الوضع الإنساني بشكل شامل ودون انقطاع. وأوضح السفير أن تحالف دعم الشرعية في اليمن أعلن أمس عن فتح ميناء الحديدة والسماح بدخول كل المشتقات النفطية والتجارية لمدة 30 يوماً، وذلك دعماً لجهود المبعوث الأممي ومقترحاته بشأن الميناء.
وأضاف آل جابر على هامش مؤتمر صحافي مشترك عقده مساء أمس مع المتحدث الرسمي لتحالف دعم الشرعية في اليمن العقيد تركي المالكي، بأنه تم السماح بإدخال 4 رافعات لبرنامج الغذاء العالمي في ميناء الحديدة لمواجهة التحديات الإنسانية، ورفع الطاقة الاستيعابية لموانئ اليمن والمنافذ البرية مع السعودية واستخدام ميناء جازان إذا تطلب الأمر، «كما نسقنا مع التحالف لتوفير ممرات آمنة لوصول المساعدات لجميع مناطق اليمن، وضمان مرونة العمليات الإنسانية الشاملة، في ظل استمرار تعنت الميليشيات الحوثية الإيرانية».
وتحدث السفير السعودي في اليمن عن تنسيق يجري حالياً مع الشرعية للاجتماع بشكل عاجل مع الأمم المتحدة ومنظماتها لبحث تفاصيل هذه المساعدات الإنسانية وآلية تطبيق الخطة ودور الأمم المتحدة ومنظماتها وتفعيل ذلك بشكل فوري. وتابع: «في الوقت الذي تتعرض فيه بلادنا ومواطنونا لاعتداءات الميليشيات الحوثية الإيرانية والصواريخ الباليستية، فإننا مستمرون في رفع جور الميليشيات عن الشعب اليمني الشقيق، ولن نسمح لهم بالسيطرة ونهب المساعدات واستخدامها ضد الشعب اليمني».
وأشار آل جابر إلى أن اعتداءات الميليشيات الحوثية تأتي بدعم من إيران التي لم تقدم للشعب اليمني إلا الموت من خلال دعم الميليشيات وتزويدهم بالسلاح النوعي والذخيرة والصواريخ، في مخالفة لقرارات مجلس الأمن وإرسال عناصر من الحرس الثوري و«حزب الله» لمعسكرات في اليمن وتدريب الحوثيين لتجميع الصورايخ الباليستية وإطلاقها على مدن المملكة لإطالة أمد الحرب وتعطيل العملية السياسية وتهديد أمن المنطقة والعالم.
وفي رده على سؤال حول الحملات الإعلامية ضد التحالف، أوضح أن ذلك بسبب تدخل إيران في بعض المنظمات وبتقديمها لمعلومات مضللة إلى بعض الجهات للإعلام الغربي يبني عليها تقارير غير صحيحة.
إلى ذلك، كشف العقيد تركي المالكي المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن عن أن عدد قتلى الميليشيات الحوثية الإيرانية في اليمن منذ بدء الأزمة بلغ 11326 قتيلاً، فيما بلغت خسائرهم في الأسلحة 6730 معدة، متوعداً بأن الحدود السعودية ستكون مقبرة لمن يحاول اختراقها جنوباً وشمالاً وشرقاً وغرباً.
وأضاف: «تم إجلاء رعايا 85 دولة، وتم إصدار 2687 تصريحا بحريا، و7425 تصريحا جويا لجميع المطارات اليمنية بما فيها التي تسيطر عليها الميليشيات، كما تم إصدار 865 تصريحا بريا، و5517 أمر عدم استهداف، وبلغ مجموع التصاريح 16494 تصريحا في جميع المنافذ».
وسرد العقيد المالكي أرقاماً لعدد التصاريح التي منحت بعد إجراء عملية إعادة التقييم والمراجعة الشاملة للمنافذ، حيث بلغت 340تصريحاً في مطارات صنعاء وسيئون وعدن وسقطرى، وتم إدخال 196 طنا من المواد الغذائية والطبية، وكان عدد الركاب المغادرين 13741 راكباً. وأردف: «بلغ عدد التصاريح البحرية 395 تصريحا، والتصاريح البرية 5 تصاريح».
وبالنسبة للصواريخ الباليستية، بيّن المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن أن عددها بلغ 83 صاروخا باليستيا، فيما بلغ عدد المقذوفات الساقطة 65942 خارج العلميات على الأعيان المدنية والقرى والمدن السعودية.
وأضاف: «كان الحوثيون يسيطرون على 90 في المائة عند بدء العلميات، والآن أكثر من 85 في المائة من الأراضي اليمنية بيد الشرعية، وقام التحالف بوضع خطط إنمائية ومشروعات لإعادة الأمن والاستقرار في كل هذه المناطق».
وأشار المالكي إلى أن استمرار إطلاق الصواريخ الباليستية على الأراضي السعودية يعدّ بما لا يدع مجالاً للشك دليلاً على دخولها عبر ثغرات في المنافذ الإغاثية.
وفي رده على سؤال «الشرق الأوسط» حول أماكن وجود منصات الصواريخ الباليستية في اليمن، أوضح العقيد المالكي أن الميليشيات الحوثية تستخدم أراضي محافظتي حجة وصعدة ذات التضاريس الصعبة لإخفاء هذه المنظومات عن الأنظار، مبيناً أن التحالف يرصد أماكنها ويقوم بتدميرها على الفور. وفي توضيحه على سؤال يتكرر مراراً حول عدم استهداف الصاروخ خارج الحدود، لفت إلى أن ذلك يعود إلى عملية فنية، حيث إن هذه المنظومات هي دفاع جوي مكاني تقوم بحماية المدن والمنشآت الاقتصادية، ولا يمكن اعتراضها إلا في مدى قريب.
من جانب آخر، أدانت فرنسا إطلاق الميليشيات الحوثية صاروخا باليستيا على العاصمة السعودية من قبل المتمردين الحوثيين، ورأت وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية التي أبدت تضامنها مع الرياض، أن هذا يمثل تهديداً جديداً على أمن المملكة.
فيما أدانت الأمانة العامة للتجمع اليمني للإصلاح، إطلاق ميليشيات الحوثي الإرهابية صاروخا باليستيا باتجاه العاصمة السعودية الرياض أول من أمس، وأكدت أن هذه المحاولات الخرقاء تأتي في سياق محاولة ميليشيات الحوثي الإرهابية تحويل اليمن إلى بؤرة صراع وساحة إقلاق لمحيطها خدمة للنظام الإيراني.
واعتبرت جماعة الإصلاح، استمرار ميليشيات الحوثي في تهديد المدن الآمنة بإطلاق الصواريخ الباليستية تحديا سافرا لإرادة المجتمع الدولي وانتهاكا لقرارات الشرعية الدولية، كما أنه يعد تقويضا لمساعي الحلول السلمية.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.