ما إن وقّع وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق، مشروع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لإجراء الانتخابات البرلمانية في السادس من مايو (أيار) المقبل، وأحاله على مجلس الوزراء، حتى أدارت الأحزاب والقوى السياسية محركات ماكيناتها الانتخابية، استعداداً للاستحقاق المنتظر الذي سيحدد الأحجام التمثيلية الحقيقية لكل فريق، في ضوء إجرائها وفق قانون النسبية الذي خلط بتعقيداته كلّ الأوراق.
ويدعو مشروع المرسوم اللبنانيين في الداخل والمنتشرين في دول العالم، إلى انتخاب من يمثلهم في الندوة البرلمانية، وأن يمارسوا حقهم في اختيار سلطة تشريعية تنبثق عنها سلطة إجرائية، بعد تمديد للمجلس الحالي دام أربع سنوات، لاقى اعتراضات شعبية واسعة.
وإذا كانت دعوة الهيئات الناخبة بددت المخاوف من تأجيل الانتخابات مرّة جديدة، إلا أنها لا تلغي القلق من تطورٍ ما يطيح بها، وفق تعبير وزير الداخلية السابق مروان شربل، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، يبعث على الاطمئنان إلى أن الانتخابات ستجري في موعدها، لكنه لا يلغي احتمال عدم إجرائها إذا ما طرأت ظروف أمنية ليست في الحسبان». ولفت إلى أن «هذه الخطوة الإيجابية بحاجة لاستكمالها بعاملين، الأول أن تنجز وزارة الداخلية الأمور اللوجيستية عبر المكننة وغيرها، لضمان صدور نتائج الانتخابات في غضون يومين، لأنها ستجري للمرة الأولى وفق القانون النسبي، والثاني توقيع مرسوم تعيين لجان القيد».
وعمّا إذا كانت الخلافات التي عصفت بلجنة دراسة تطبيق القانون الجديد قد تهدد الانتخابات مجدداً، لفت شربل إلى أن القانون «بات نافذاً وآلية تطبيقه موجودة في متنه، لكن اللجنة الوزارية تشكلت بعد محاولة إدخال تعديلات على القانون».
التحضيرات الانتخابية يواكبها هاجس التعاطي مع تعقيدات القانون الجديد والتعاطي معها بحذر، حيث كشف قيادي في تيار «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط»، عن «البدء بتشكيل الماكينات الانتخابية لبيروت والمناطق بشكل دقيق ومدرس». ولفت إلى أن «آلية عمل الماكينات وعديد عناصرها وتجهيزاتها ومكننتها تختلف عن كل الانتخابات السابقة، بالنظر لاختلاف القانون وكذلك الظروف»، مؤكداً أنه في بيروت «أنجزت المرحلة الأولى التي اقتصرت على تعيين مسؤولي المندوبين، والمشرفين على سجلات القيد والأقلام الانتخابية، في حين أن ماكينات التيار في باقي المحافظات، قطعت شوطاً مهماً في تحضيراتها الإدارية واللوجستية». وقال: «الماكينة الانتخابية لهذا الاستحقاق تتطلب عديداً بشرياً كبيراً، وقدرات هائلة لتواكب المراحل التي تسبق وتواكب الانتخابات وتراقب عمليات الفرز وإعلان النتائج».
ولم يخف وزير الداخلية السابق وجود «تعقيدات في القانون الجديد، لأنه اعتمد الصوت التفضيلي الواحد بدل الصوتين، وهذا ما سيصعّب مهمة الماكينات الانتخابية». ونصح شربل كل فريق أو مرشح بأن «تكون لديه ماكينتان انتخابيتان وليست واحدة، بحيث تتولى الأولى استقطاب الناخب ليقترع للائحة الحزبية، والثانية تتولى توجيهه لاختيار الاسم التفضيلي». ورأى أنه «بدل أن يكون الخلاف بين الأحزاب المتصارعة، بات هناك صراع داخل الحزب نفسه، وبين المرشح في اللائحة وزميله». ويعكف وزير الداخلية نهاد المشنوق، على عقد اجتماعات دورية مع كبار الموظفين في وزارته لمتابعة التحضيرات للانتخابات النيابية، ومعالجة الثغر الذي قد يظهر في مرحلة ما قبل الاستحقاق.
وكان حزب «القوات اللبنانية» بزعامة سمير جعجع سباقاً في تسمية بعض مرشحيه، بخلاف الأحزاب الأخرى، وقد برر رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات شارل جبور ذلك، بضرورة أن يتعرّف الناخب على المرشحين، ويحسن الاختيار. وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الماكينة الانتخابية الحزبية في القوات، بدأت العمل على قدم وساق، وتحولت إلى خلية نحل لخوض الاستحقاق بكل الإمكانات»، لافتاً إلى أنه «لولا استقالة الرئيس سعد الحريري لكان حزب القوات أنهى ترشيحاته، لكن مع عودة الحكومة للعمل، بدأنا إعلان أسماء مرشحينا، وفي نهاية شهر يناير (كانون الثاني) ننهي إعلان أسماء المرشحين، ليتعرف الناخبون عليهم». وقال جبور إن «جهودنا الحزبية للانتخابات، تترافق مع الجهد الوطني، لأن القانون الجديد سيجعلنا أمام تمثيل أفضل، وهو محطة أساسية لبداية التغيير المطلوب على المستوى السيادي، وعلى المستوى الإصلاحي لإنهاء دولة المزرعة في لبنان».
لبنان: الماكينات الانتخابية أدارت محركاتها... وقانون النسبية يربكها
لبنان: الماكينات الانتخابية أدارت محركاتها... وقانون النسبية يربكها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة