الحريري: سياسة النأي بالنفس ستخفف من التوتر مع دول الخليج

قال إنه اتخذ مع عون خطوات لتطبيقها واحترامها

TT

الحريري: سياسة النأي بالنفس ستخفف من التوتر مع دول الخليج

رجّح رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري أن تخفف «سياسة النأي بالنفس» التي أقرها مجلس الوزراء مؤخرا من التوتر الحاصل مع دول الخليج، كاشفا أنه اتخذ مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «خطوات محددة لضمان تطبيق واحترام هذه السياسة حتى النهاية».
وشدد الحريري في حوار مطوّل مع معهد «كارنيغي» لـ«الشرق الأوسط»، على أن «أي فريق أو حزب سياسي يريد استقرار لبنان ومصالحه إزاء العالم، ومصالح البلد الاقتصادية مع دول الخليج والعالم العربي، عليه أن يكون ملتزما بتنفيذ وتطبيق واحترام سياسة النأي بالنفس»، وقال: «الجميع يدرك المخاطر التي تواجهنا، إن كانت مخاطر اقتصادية أو سياسية أو مخاطر متعلقة بالاستقرار. وأنا أؤمن بأن جميع الأطراف السياسية والأحزاب مستعدون للعمل واحترام سياسة النأي بالنفس. وأدرك الصعوبات التي تواجه بعض الدول العربية بقبول التناقضات التي نعيشها في لبنان، لكن هذا هو الواقع القائم ونحن مرغمون على القبول به».
وأشار الحريري إلى أنه «إذا لم يحترم الأفراد والأحزاب سياسة النأي بالنفس فإن اللوم سيكون عليهم»، وقال: «ففي نهاية المطاف لا يجب أن يدفع الشعب اللبناني ثمن بعض المغامرات التي قد تقوم بها بعض الأحزاب السياسية. وكما تعلمون أن بعض الأطراف أو الأحزاب السياسية، مثل (حزب الله) يقومون بذلك، لكننا كتيار المستقبل علينا أن نحترم سياسة النأي بالنفس، وقد قمنا بذلك. وبالنظر إلى ما يجري حولنا في المنطقة، وجدنا أنه من الأفضل أن نضع جانبا هذه الاختلافات ونتأكد من العمل جميعا لمصلحة لبنان».
وأشار الحريري إلى أن لبنان حصل على دعم سياسي في الاجتماع الأخير لمجموعة العمل الدولية الخاصة به في باريس، لافتا إلى أنه يتطلع إلى دعم أمني وعسكري في مؤتمر روما لمساعدة جميع الأجهزة الأمنية والجيش اللبناني. وشدد على أن «العلاقة الجيدة والصحيحة بيننا وبين دول الخليج تقوي وتعزز مؤسساتنا والجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي واقتصادنا، وأن الاستثمارات الحقيقية في لبنان ستعزز كل المؤسسات وتنفع كل الأحزاب والأطراف».
وتطرق رئيس الحكومة اللبنانية للقرار الأميركي الأخير بخصوص القدس، فشدد على أن «حل الدولتين هو الحل الوحيد للنزاع الحاصل بين إسرائيل وفلسطين». وقال: «نحن نؤمن بأن القدس يجب أن تكون عاصمة فلسطين، لكننا قلقون حقا لما حصل، وهذا القرار يعطي فقط هدية للمتطرفين في العالم لمحاولة السعي لزعزعة الأوضاع».
وردا على سؤال، شدد الحريري على أن «مسألة (حزب الله) أكبر من لبنان، فهي مسألة إقليمية وبالتالي ليست فقط مشكلة لبنان بل المجتمع الدولي». وأضاف: «إن كان هناك من يريد أن يكون جديا حول هذه المسألة، فعليه ألا يلوم لبنان بشأن (حزب الله) بل يلوم المنطقة على هذا الوضع. وأعتقد أن المناقشات يجب أن تحصل إقليميا وهي الطريقة الوحيدة لحل هذه المسألة».
وأكد الحريري أنه لن تكون هناك علاقات لبنانية - سورية ما دام رئيس النظام السوري بشار الأسد في سدة الحكم، وقال: «لن تكون هناك أي علاقة، لن أغير رأيي حول هذه المسألة.
ولكن على العالم كله أن يدرك أن لدينا 1.5 مليون نازح سوري ونؤمن بضرورة عودتهم الآمنة والطوعية إلى سوريا، وأعتقد أنه على الأمم المتحدة الآن، وقد وصلنا إلى وضع أمني مستقر في بعض المناطق في سوريا، أن تبدأ بالعمل في هذه المناطق الآمنة أو المستقرة».
وأضاف: «بمساعدة الأمم المتحدة وأميركا وروسيا يجب أن يعود النازحون السوريون إلى هذه المناطق».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.