النظام و«داعش» يتوغلان في محافظة إدلب

تعزيزات من دير الزور إلى وسط سوريا

TT

النظام و«داعش» يتوغلان في محافظة إدلب

توغلت قوات النظام السوري والميليشيات الموالية لها وعناصر من تنظيم داعش في الحدود الإدارية لمحافظة إدلب من الريفين الشرقي والشمالي الشرقي لمحافظة حماة وسط سوريا.
وأفاد مصدر في «جيش إدلب الحر» لـ«الشرق الأوسط» بأن قوات النظام السوري سيطرت صباح الأحد الماضي على قرى أم تريكة، ورجم الأحمر، وتل بولص بريفي حماة الشمالي الشرقي، إضافة إلى سيطرتها على قرى شطيب والهوية والظافرية التي تتبع ناحية التمانعة بريف إدلب الجنوبي.
وجاءت تلك السيطرة بعد تمهيد مدفعي وجوي كثيف واشتباكات عنيفة استمرت لساعات طويلة على المناطق المذكورة. ودارت اشتباكات هي الأعنف من نوعها بين فصائل المعارضة المسلحة وقوات النظام على محاور قرية أبو دالي وتل المقطع وتلة السيرياتيل في ريف إدلب الجنوبي في محاولات للتقدم من قبل الأخير تحت غطاء مدفعي وصاروخي.
وأكد المصدر «استمرار الاشتباكات في ريف حماة الشرقي وعلى الحدود الإدارية لمحافظة إدلب، ويحاول النظام يوميا التقدم على محور بلدة الرهجان شرق حماة ومحور بلدة أبو دالي جنوب إدلب، لكنه تكبد كثيرا من الخسائر في الأرواح والعتاد، كما أنه خسر عددا كبيرا من الضباط والقادة الميدانيين بين قتيل وجريح في كل محاولة تقدم له».
في سياق متصل، أعلن قيادي في «هيئة تحرير الشام»، التي تضم فصائل بينها «فتح الشام»، عن «صد محاولة تقدم لقوات النظام السوري إلى قرية الشاكوسية في الريف الشرقي لحماة، إضافة لقتل 8 عناصر من القوة المهاجمة».
وعلى المحور ذاته قام «جيش إدلب الحر» بتدمير «(دبابة T72 خلال محاولة تقدمها على جبهة الحسينيات في ريف حماة الشرقي بصاروخ (م - د) من طراز (تاو)، وقتل مجموعة من قوات الأسد».
وبدأت قوات النظام السوري بالتقدم من ريف حماة الشرقي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسيطرت على قرى الشحاطية وجب الأبيض وأبو لفة ومريجب الجملان، قبل أن توسع سيطرتها ثم تدخل قرى تابعة لمحافظة إدلب.
أما على صعيد المعارك بين فصائل المعارضة وتنظيم داعش، فأكدت مصادر ميدانية أن عناصر من التنظيم سيطروا الأحد الماضي على قرى حوايس ابن هديب وقلعة الحوايس وحوايس أم الجرن وجبل الحوايس بريف حماة الشرقي، إضافة لسيطرتهم على قرية باشكون بريف إدلب الجنوبي الشرقي، التي تتبع ناحية سنجار، مستغلا بدوره الاشتباكات الدائرة بين فصائل المعارضة وقوات النظام في المنطقة ليدخل أول قرية في محافظة إدلب وتدعى باشكون بريف إدلب الجنوبي الشرقي.
وقال مصدر في «جيش العزة» التابع لـ«الجيش السوري الحر» إن «تنظيم داعش قلص المسافة التي تفصله عن أولى مدن سنجار بريف محافظة إدلب إلى 15 كيلومترا، بعدما سيطر على قرى جديدة في ريف حماة الشمالي الشرقي خلال معارك عنيفة ضد فصائل المعارضة المسلحة».
وأسفرت المواجهات الأخيرة بين الطرفين عن مقتل وجرح وأسر أكثر من 30 عنصرا يتبعون «تحرير الشام» وآخرين من فصائل المعارضة التي تشارك في عمليات التصدي.
وأشار المصدر إلى أن «تنظيم داعش بدا أكثر قوة خلال المعارك الأخيرة واستفاد من المعدات العسكرية التي اغتنمها من (تحرير الشام) وفصائل المعارضة خلال أسبوع من المعارك المتواصلة».
واتبع التنظيم استراتيجية تكثيف الهجمات البرية في رأس حربة قليل العرض، ما مكنه من التمدد شمالا والسيطرة على قرى أبو عجوة وعنوز ورسم الأحمر وأبو حبة والشيحة.
وأصبح التنظيم على مشارف أبو خنادق الشمالي وقصر ابن وردان ورسم الحمام التي تعرضت لمحاولات تقدم شنها التنظيم. وشنت المعارضة هجوما معاكسا الأحد واستطاعت استعادة بعض المواقع قرب قرية أبو عجوة. وتشهد المنطقة معارك كر وفر عنيفة، وقالت فصائل المعارضة إنها قتلت أكثر من 20 عنصرا من التنظيم خلال هجماتها الأخيرة في محيط أبو عجوة.
وعدّ المصدر أن استراتيجية التنظيم في معاركه الأخيرة تمكنه من تحقيق هدفه بالوصول إلى إدلب بشكل أسرع وتمكنه في الوقت نفسه من التمدد على طرفي رأس الحربة المتقدم من جهتي الشرق والغرب.
والمحور الذي تقدم فيه التنظيم خلال الساعات الـ48 الأخيرة يقسم المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة في ريف حماة الشمالي الشرقي في ناحيتي السعن والحمراء إلى نصفين، ومن السهل عليه متى أراد التمدد بشكل عرضي عبر استخدامه سياسة عزل القرى المتبقية على جانبي محور التقدم.
ويعود تركيز «داعش» على الوصول إلى محافظة إدلب لما لها من أهمية معنوية بالنسبة لمناصريه والخلايا العاملة في المنطقة والتي تنتظر وصوله للبدء بمرحلة جديدة أكثر وحشية.
وفي الوقت ذاته بدأت تلك الخلايا تكثيف عملياتها الأمنية من اغتيالات وتفجيرات بالعبوات الناسفة والسيارات المفخخة في مختلف مناطق المعارضة في حلب وإدلب وحماة من أجل تشتيت جهدها وإثارة الرعب في نفوس أهالي المنطقة.
بدوره، قال «مرصد الطيران أبو بحر» التابع لفصائل المعارضة إن «الطيران الحربي الروسي والطيران التابع لقوات النظام يقوم بتنفيذ غارات جوية مكثفة على أماكن وجود قوات المعارضة، ويقوم أيضا بالتمهيد لعناصر تنظيم داعش خلال معاركهم مع فصائل المعارضة المسلحة». وتابع: «أحصينا عشرات الغارات بالقنابل الارتجاجية شديدة الانفجار والصواريخ الفراغية والقنابل العنقودية على مناطق ريفي إدلب الجنوبي والشرقي وحتى مناطق ريف حلب الجنوبي».
في سياق آخر، تواردت معلومات لقوات المعارضة عن قيام قوات النظام والميليشيات التابعة لها بنقل مجموعات من العناصر من مناطق محافظة دير الزور إلى جبهات القتال بريفي حماة الشمالي والشرقي للمشاركة في المعارك الدائرة هناك. ونقلت مصادر ميدانية من خلال التنصت على اتصالات قوات النظام عبر الأجهزة اللاسلكية عن وجود قوات العميد سهيل الحسن الملقب بـ«النمر» في ريف حماة الشمالي بالقرب من جبهة أبو دالي مسقط رأس عضو مجلس الشعب أحمد درويش المعروف بأحمد المبارك الذي هاجمته «هيئة تحرير الشام» في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي وقامت بالاستيلاء على القرية بشكل كامل.
ناشطو محافظات إدلب وحماة وجهوا نداء لفصائل المعارضة بالتوجه الفوري للتصدي للحملة التي يشنها النظام وتنظيم داعش بريفي حماة الشمالي والشرقي، حيث وصلا إلى ريف إدلب الجنوبي الشرقي. وقال محمد العموري، ناشط إعلامي بريف حماة: «أطلقنا هذا النداء للفت نظر باقي الفصائل العسكرية لمساندة إخوانهم الثوار في التصدي للحملة التي تشنها قوات النظام وتنظيم داعش بريف حماة الشرقي، حيث استقدمت قوات النظام تعزيزات عسكرية ضخمة بالتزامن مع مئات الغارات الجوية تمهيدا لهم». وأضاف أن «النظام والتنظيم دخلا حدود إدلب الإدارية، وبالتالي أصبحت أرواح كثير من الأهالي في خطر في حال استمر الوضع على ما هو عليه».
ودعا محمد بلعاس، وهو ناشط إعلامي من مدينة سنجار بريف إدلب الشرقي «الفصائل العسكرية لتشكيل غرفة عمليات مشتركة من جميع الفصائل للتصدي للحملة العسكرية التي يشنها النظام والتنظيم معا دون أي مواجهة بينهما منذ خروج التنظيم من ناحية عقيربات باتجاه ريف حماة الشرقي غرب خط أثريا – خناصر، بالإضافة لتمهيد الطيران الروسي للطرفين للتقدم».
يذكر أن قوات النظام مدعومة بميليشيات محلية وإيرانية سيطرت على مناطق كثيرة بأرياف إدلب وحماة بعد اشتباكات عنيفة مع فصائل «الجيش الحر» و«هيئة تحرير الشام».



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.