رحيل جلال خوري المخرج الرائد الذي بقي شاباً

بدأ في الستينات منطلقاً كسهم

جلال خوري
جلال خوري
TT

رحيل جلال خوري المخرج الرائد الذي بقي شاباً

جلال خوري
جلال خوري

عن عمر يناهز 83 عاماً، وشباب لا يكلّ عن العمل والسعي، غادرنا مساء السبت الكاتب والمخرج المسرحي الرائد جلال خوري، الذي بقدر ما كان تغييرياً ومتوثباً في فكره، سعى دائماً لتقديم أعمال طريفة، قريبة من قلب الجمهور.
بدأ كاتباً صحافياً قبل أن يصبح مخرجاً، وهو ما جعل النص لديه أساساً ومرتكزاً. ابن بيروت بتناقضاتها وسماحتها ويساريتها، والعواصف العاتية التي اجتاحتها. منذ نهاية الخمسينات بدأ الكتابة الصحافية بالفرنسية، ودخل مجال الرياضة، ثم النقد الفني. ثم انتقل، وهو العصامي، إلى المسرح بفعل الممارسة والدربة. بعد منحة حصل عليها من الحكومة الفرنسية وتعرفه على الحركة المسرحية هناك، عاد إلى لبنان، وكانت هزيمة 1967 قد وقعت، هذه الهزيمة التي هزت الوجدان العربي وأحدثت صدمة كبرى.
رجع خوري وهو لا يزال يفكر في أن يقدم عملاً يقول فيه ما يجول في خاطره. فكانت مسرحيته التي كتبها بالفرنسية يومها وترجمها له الراحل الكبير ريمون جبارة، قدمت بالمحكية عام 1968، وحملت اسم «وايزمانو بن غوري»، عن قيام دولة إسرائيل، وهي اقتباس بتصرف شديد عن «آرتيرو أوي»، أي «صعود هتلر»، لبرتولد بريشت، التي مثل فيها يومها المخرج روجيه عساف.
كتب جلال خوري في صحيفة «النهار» قبل نحو عام عن تجربته المسرحية مع أبناء جيله التالي: «بعثت هزيمة الجيوش العربيّة أمام إسرائيل خلال حرب يونيو (حزيران) 1967 حياة جديدة للمسرح اللبناني، وأعطته مبرر وجود، وشخصيّة مميزة. في الواقع، كان لهذه الهزيمة وقع مأسوي كبير على وعي الإنسان العربي، مما دفعه إلى أن يطرح على نفسه كثيراً من التساؤلات، والشك في كثير من الثوابت، وإلى إعادة النظر في أمور عدّة. المسرح الذي كان قائماً في بيروت، على الرغم من وضعه الحرفي، أصبح من أكثر وسائل التعبير فاعليّة، مقياساً للمناخ المضطرب الذي كان سائداً في هذه الحقبة».
في هذه الأجواء انطلقت رحلة جلال خوري، وسيبقى متأثراً بذاك الحدث الذي منه استخلص شرارته المسرحية الأولى. بدأ مع الكبار الذين أسسوا لمسرح لبناني حديث، مثل نضال الأشقر، ومنير أبو دبس، وأنطوان ولطيفة ملتقى، وروجيه عساف، ولم يغب نشاطه حتى وداعه هذه الفانية. كتب كثيراً باللغتين العربية والفرنسية، عمل أستاذا في جامعة «القديس يوسف»، بمعهد الدراسات المسرحية، والسمعية المرئية والسينمائية، ورئيساً للجنة الدائمة للعالم الثالث، في مؤسسة المسرح التابعة لليونيسكو، ولم تتوقف مداخلاته وندواته حتى قبيل وفاته، حيث شارك في ندوة عن خطورة التطبيع. وكان العام الماضي ضيفاً في مدينة البترون متحدثاً عن المسرح السياسي، وقال: «إن كل مسرح هو مسرح سياسي، حتى عندما يتنكر للسياسة».
ورغم أن جلال خوري كان من أكثر اليائسين من وضع المسرح اللبناني، ويسأل نفسه باستمرار عما سيفعله تلامذته بعد تخرجهم، فإنه في حقيقة الأمر كان من بين الأنشط. قدم في السنوات الثلاث الأخيرة، ثلاثة أعمال، أحدها بمناسبة مرور 400 سنة على وفاة شكسبير، وغامر بتوليف نصوص لعبقري المسرح الإنجليزي، أداها كل من ميراي معلوف ورفعت طربيه، معتمداً في إخراجه على موهبتين كبيرتين بإمكانهما أن تحملا نصوصاً بهذه القوة، مطلقاً على عمله اسم «شكسبير إن حكى». وهكذا عاد خوري إلى أهمية النص مرة أخرى كمحرك أول لأي أداء تمثيلي ناجح. العمل الثاني الذي قدمه مؤخراً هو «خدني بحلمك يا مستر فرويد» قام على حوار بين ممثلة ومخرج، لتنكشف مجموعة من الصراعات على مستويات عدة في وقت واحد، مهنية وإنسانية، وجنسية، وسياسية واجتماعية. وخطر لخوري أيضاً أن يستعيد مسرحية كان قد قدمها في ثمانينات القرن الماضي، وعرضها لمرة جديدة كمحاولة للإجابة على مأزق الفراغ الرئاسي الذي كان يعيشه لبنان يومها، عنوانها «فخامة الرئيس».
جلال خوري مهجوس بالمسرح، برز اسمه منذ بداياته الأولى، وحجز له مكاناً في قاطرة الحداثيين على الخشبة اللبنانية. مسرحيته «جحا في القرى الأمامية» التي قدمها عام 1971 لقيت صدى كبيراً، وحضرها جمهور غفير، ووصلت إلى أن تقدم 100 عرض، بعد أن مثل الدور الرئيسي فيها الممثل القدير الراحل نبيه أبو الحسن. خمسة فصول استوحى خلالها شخصية تراثية معروفة ليقدم الأساليب التي كان ينتهجها «المكتب الثاني»، جهاز الاستخبارات الشهير في لبنان يومها، لسوق الناس وإخضاعهم للتحقيقات.
واحدة من مسرحياته التي ستبقى نقطة فارقة في أرشيف المسرح اللبناني هي «الرفيق سجعان» التي خرجت إلى أضواء الخشبة عام 1974، وهي بنت تلك المرحلة التي قدم فيها جلال خوري، نصاًً وإخراجاً، ذاك التمفصل الغريب والمتناقض بين البنى العائلية في لبنان والبنى الحزبية السياسية، موضوع لا يزال راهناً رغم مرور عقود طويلة ومديدة. وفيها تحليل نفسي واجتماعي ونقد ونبش في الطبقات التحتية لتشكلات الحياة الاجتماعية اللبنانية.
أفاد المخرج المشغول بهموم مجتمعه من تجربته الصحافية، فبنى بعضاً من نصوصه على مقابلات مع أناس عاديين، بعد تجوال في المناطق. بقي الكلام جزءاً مهماً من عمله، ففي مسرحيته «القبضاي» عام 1974 التي اقتبس فكرتها من مسرحية «فتى الغرب المدلل» لجون ميلينغتون سينغ، بقي الاقتباس مقتصراً على الفكرة الأساسية، وحملها مشاهداته والكلام الذي جمعه والجمل التي جمعها من أفواه الناس. وهي عن قرية تتحرك فيها الشخصيات، ومنها من يصبح «قبضايا» وتُغزل حوله القصص. عمل نقدي، جمالي، من الناس وإليهم، كما كان يحب دائماً هذا الفنان القابض على الجمر، والذي بقي ماركسياً يسارياً، رغم تقلبات كثيرين وحيرة الجموع وتساؤلات النخبة.



مهندسة ألمانية تصبح أول مستخدم لكرسي متحرك يقوم برحلة إلى الفضاء

ميشيلا بنتهاوس تغادر كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» إلى كرسيها المتحرك (رويترز)
ميشيلا بنتهاوس تغادر كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» إلى كرسيها المتحرك (رويترز)
TT

مهندسة ألمانية تصبح أول مستخدم لكرسي متحرك يقوم برحلة إلى الفضاء

ميشيلا بنتهاوس تغادر كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» إلى كرسيها المتحرك (رويترز)
ميشيلا بنتهاوس تغادر كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» إلى كرسيها المتحرك (رويترز)

أصبحت مهندسة ألمانية، أول مستخدم لكرسي متحرك يخرج إلى الفضاء، بعد قيامها برحلة قصيرة على متن مركبة تابعة لشركة «بلو أوريجين».

وأطلقت الشركة المملوكة للملياردير الأميركي جيف بيزوس، صاروخها «نيو شيبرد» في مهمة جديدة شبه مدارية في تمام الساعة 8,15 صباحاً (14,15 بتوقيت غرينتش) من قاعدتها في تكساس.

بنتهاوس تتحدث إلى هانز كونيغسمان المدير التنفيذي المتقاعد من شركة «سبيس إكس» الذي ساعد في تنظيم رحلتها ورعايتها (ا.ب)

واجتازت ميشيلا بنتهاوس، مهندسة الطيران والفضاء والميكاترونيكس في وكالة الفضاء الأوروبية، مع خمسة سياح فضائيين آخرين خط كارمان الذي يشكل الحد الفاصل بين الغلاف الجوي والفضاء في الرحلة التي استغرقت نحو 10 دقائق.

المهندسة الألمانية ميشيلا بنتهاوس داخل نموذج أولي لكبسولة فضائية يوم الاثنين 15 ديسمبر (ا.ب)

وتستخدم ميشيلا بنتهاوس الكرسي المتحرك نتيجة تعرضها لإصابة في النخاع الشوكي إثر حادث دراجة هوائية جبلية.

وقالت في مقطع فيديو نشرته شركة «بلو أوريجين»: «بعد الحادث الذي تعرضت له، أدركت بحق كم أن عالمنا لا يزال مغلقاً أمام الأشخاص من ذوي الإعاقة».

وأضافت: «إذا أردنا أن نكون مجتمعاً شاملاً، علينا أن نكون شاملين في كل جانب، وليس فقط في الجوانب التي نرغب أن نكون فيها كذلك».

وأقلع الصاروخ الذي يعمل بشكل آلي بالكامل نحو الفضاء، ثم انفصلت عنه الكبسولة التي تحمل السياح الفضائيين قبل أن تهبط برفق في صحراء تكساس.

وهذه هي الرحلة المأهولة الـ16 لشركة «بلو أوريجين» التي تقدم منذ سنوات برنامج رحلات سياحية فضائية بواسطة صاروخها «نيو شيبرد»، دون الاعلان عن كلفتها.

وبعث رئيس وكالة «ناسا» الجديد، جاريد ايزاكمان، بتهنئة إلى ميشيلا في منشور على منصة إكس، قائلاً: رلقد ألهمت الملايين للنظر إلى السماء وتخيل ما هو ممكن».

وسافر عشرات الأشخاص إلى الفضاء مع «بلو أوريجين»، بمن فيهم المغنية كايتي بيري، والممثل ويليام شاتنر الذي جسد شخصية الكابتن كيرك في مسلسل «ستار تريك».

ميشيلا بنتهاوس بعد هبوط كبسولة صاروخ «نيو شيبرد» (ا.ب)

وتسعى شركات الفضاء الخاصة التي تقدم رحلات فضائية إلى الترويج لخدماتها عبر الشخصيات المشهورة والبارزة، من أجل الحفاظ على تفوقها مع احتدام المنافسة.

وتقدم «فيرجن غالاكتيك» تجربة طيران فضائي مماثلة.

ولدى «بلو أوريجين» أيضاً طموحات لمنافسة شركة «سبايس إكس» التابعة لإيلون ماسك في سوق الرحلات الفضائية المدارية.

وهذا العام نجحت شركة بيزوس في تنفيذ رحلتين مداريتين بدون طاقم باستخدام صاروخها الضخم نيو غلين الأكثر تطوراً من «نيو شيبرد».


رحيل «الوجه الأرستقراطي» سمية الألفي

سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)
سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)
TT

رحيل «الوجه الأرستقراطي» سمية الألفي

سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)
سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)

صدم خبرُ وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاماً الوسطَ الفني. ونعى وزير الثقافة المصري أحمد فؤاد هنو، الراحلة، مؤكداً أنَّها «أسهمت بأعمالها المتنوعة في إثراء المشهد الفني المصري وترك بصمة خاصة».

بدأت سمية الألفي مسيرتها الفنية في سبعينات القرن الماضي عبر المسرح، ثم انتقلت إلى التلفزيون، لتنطلق في مسيرة قدَّمت خلالها عشرات الأعمال المتنوعة بين الدراما التلفزيونية في المسلسلات والسهرات، أو المسرحيات، بالإضافة إلى بعض المشاركات السينمائية.

وشكَّلت مشاركتها في مسلسل «ليالي الحلمية» بشخصية «البرنسيسة نورهان» نقطة تحوّل في مسيرتها الفنية. وقالت الناقدة ماجدة خير الله لـ«الشرق الأوسط» إنَّ السينما لم تكن المساحة الأوسع في مسيرتها، لكن تميُّزها الحقيقي كان في تقديم الأدوار الأرستقراطية بشكل غير مفتعل.


«مقبرة الملك تحتمس الثاني» بالأقصر ضمن أهم 10 اكتشافات أثرية لعام 2025

جدارية من عصر الملك تحتمس الثاني (المتحف المصري الكبير)
جدارية من عصر الملك تحتمس الثاني (المتحف المصري الكبير)
TT

«مقبرة الملك تحتمس الثاني» بالأقصر ضمن أهم 10 اكتشافات أثرية لعام 2025

جدارية من عصر الملك تحتمس الثاني (المتحف المصري الكبير)
جدارية من عصر الملك تحتمس الثاني (المتحف المصري الكبير)

جاءت مقبرة الملك تحتمس الثاني ضمن قائمة أهم 10 اكتشافات أثرية على مستوى العالم لعام 2025، وفقاً لما أعلنته مجلة الآثار الأميركية «Archaeology»، حيث تعد أول مقبرة ملكية يتم العثور عليها من عصر الأسرة 18 منذ اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون عام 1922.

وصدّرت المجلة غلاف عددها المخصص لشهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) 2026 بأحد النقوش المكتشفة داخل المقبرة.

وكانت المقبرة التي تم اكتشافها بالبر الغربي في الأقصر، تم تأكيد نسبتها للملك الشهير بالأسرة الثامنة عشرة (1550 - 1292 قبل الميلاد) تحتمس الثاني، الذي تزوج من حتشبسوت وتولّت المُلك من بعده، وتم اكتشاف نسبة المقبرة له في فبراير الماضي.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الاختيار «تأكيداً جديداً على القيمة الاستثنائية للاكتشافات الأثرية المصرية، ويعكس المكانة العلمية الرائدة لمصر في مجال علم الآثار»، مؤكداً، في بيان لوزارة السياحة والآثار، السبت، أن «هذا الإنجاز يُجسّد ثمرة التعاون والجهود المتواصلة التي تبذلها البعثات الأثرية المصرية والأجنبية، وتحقيق اكتشافات نوعية تُسهم في إعادة قراءة التاريخ المصري القديم وإثراء المعرفة الإنسانية».

جانب من المقبرة المكتشفة لتحتمس الثاني (وزارة السياحة والآثار)

وكانت وزارة السياحة والآثار أعلنت عن اكتشاف مقبرة الملك تحتمس الثاني بواسطة بعثة أثرية مصرية - إنجليزية مشتركة بين المجلس الأعلى للآثار ومؤسسة أبحاث الدولة الحديثة، وذلك في أثناء أعمال الحفائر والدراسات الأثرية بمقبرة رقم C4، بجبل طيبة غرب مدينة الأقصر.

ووفق بيان الوزارة في بداية أعمال الحفائر، اعتقد فريق العمل أن المقبرة قد تعود لزوجة أحد ملوك التحامسة (الأسرة الـ18)، نظراً لقربها من مقبرة زوجات الملك تحتمس الثالث، وكذلك من مقبرة الملكة حتشبسوت، التي أُعدت لها بصفتها زوجة ملكية قبل أن تتولى حكم البلاد بوصفها ملكة وتُدفن في وادي الملوك. إلا أنه مع استكمال أعمال الحفائر كشفت البعثة عن أدلة أثرية جديدة وحاسمة حددت هوية صاحب المقبرة: الملك تحتمس الثاني.

وقال الخبير الآثاري والمتخصص في علم المصريات، أحمد عامر، إن اعتبار مقبرة الملك «تحتمس الثاني» بالأقصر ضمن أهم 10 اكتشافات أثرية لعام 2025 بمثابة «دفعة علمية للكشف والبحث عن مزيد من أسرار الحضارة المصرية القديمة، وسوف يكون ذلك بمثابة باب لتوالي الاكتشافات الأثرية».

وأضاف عامر لـ«الشرق الأوسط» أنها «تعدّ أول مقبرة ملكية يتم العثور عليها منذ اكتشاف مقبرة الملك توت عنخ آمون قبل 103 أعوام تقريباً، وقد أوضحت النصوص والنقوش أن من تولت إجراءات دفن تحتمس الثاني هي الملكة حتشبسوت، كما سوف يوضح هذا الكشف طريقة فهم الباحثين لتاريخ الأسرة الثامنة عشرة ومعرفة أسرار وادي الملوك، الذي يضم العديد من المقابر الملكية ذات الأهمية الأثرية الفائقة».

ووفق بيان الوزارة، أسفرت أعمال الحفائر عن العثور على أجزاء من الملاط تحمل بقايا نقوش باللون الأزرق ونجوم السماء الصفراء، إلى جانب زخارف ونصوص من كتاب الإمي دوات، وتتميز المقبرة بتصميم معماري بسيط، يُعد نواة لمقابر عدد من الملوك الذين توالوا على حكم مصر بعد تحتمس الثاني خلال الأسرة الثامنة عشرة.