القيادات الروسية تحمّل النخب الأميركية مسؤولية تدهور العلاقات

قرار الكونغرس الأميركي ضد الإعلام الروسي يفجّر غضب موسكو

TT

القيادات الروسية تحمّل النخب الأميركية مسؤولية تدهور العلاقات

موسكو: طه عبد الواحد

وصف رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف العلاقات بين موسكو وواشنطن في المرحلة الحالية بأنها «الأسوأ التي يمكن تذكرها»، لكنه وصف الرئيس الأميركي دونالد ترمب «شخص ودود يحرص على إقامة روابط عمل إيجابية مع روسيا»، وقال خلال حواره السنوي أول من أمس مع وسائل الإعلام الروسية: إن العلاقات بين البلدين سيئة جداً، لكن لا تزال الفرصة سانحة لتحسينها. واتهم مسؤولين أميركيين باستغلال «ورقة روسيا» لتحقيق مآربهم الخاصة، والتأثير على موقف ترمب تجاه موسكو.
من جانبه، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في حديث لصحيفة «ليبرو»: إن تكتيك فريق الرئيس الأميركي الحالي لا يختلف كثيراً عن الرئيس السابق باراك أوباما، وعبّر عن قناعته بأن الكثير من الخطوات التي تتبناها الإدارة الحالية تشكل استمرارية لنهج الإدارة السابقة، وأضاف أن «واشنطن، علاوة على ذلك، وبدفع من اللوبي المناهض لروسيا، تتخذ خطوات غير ودية جديدة في مختلف المجالات ضد روسيا». واتهم الولايات المتحدة باستخدام أوروبا للضغط على روسيا، وانضمامها إلى العقوبات الأميركية، وقال: إن تلك العقوبات ارتدت سلباً على مصالح الشركات الأوروبية، بينما لم تخسر الشركات الأميركية أي شيء؛ لأن حجم التبادل التجاري الأميركي - الروسي ضئيل جداً.
ضمن هذا الوضع الذي تشهده العلاقات الثنائية «لا تنتظر روسيا أي خطوات إيجابية من جانب واشنطن» حسب تعبير لافروف، الذي عاد وحمّل «العداء لروسيا» المسؤولية عن عدم الاستفادة حتى الآن من القدرات الكامنة للعلاقات الثنائية والتعاون بين البلدين في الشؤون الدولية، وأكد أن إمكانات تلك العلاقات ما زالت قائمة، ولم تستخدم حتى الآن. إلا أنه ورغم كل تلك التطورات السلبية في العلاقات الثنائية بين البلدين منذ دخول ترمب البيت الأبيض، يبدو أن روسيا ما زالت تعلق الآمال على وعوده بتطبيع العلاقات الثنائية، وقال لافروف بهذا الخصوص: إن «البيت الأبيض على ما يبدو لم يقم بعد بصياغة نهج سياسته نحو روسيا»، وأضاف أن «الرئيس ترمب، وكما فعل خلال الحملة الانتخابية، ما زال يؤكد لنا بأنه يأمل في تحقيق تطبيع العلاقات، وإطلاق تعاون حول القضايا الدولية الملحة»، ووصف العلاقات في المرحلة الحالية «ليست سهلة أبداً»، متهماً قوى سياسية محددة في الولايات المتحدة تسيطر عليها مزاجية العداء لروسيا، بعدم الرغبة في قبول نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، في إشارة منه إلى أن تلك القوى تعرقل رغبة ترمب في التطبيع مع روسيا. وأكد لافروف أن روسيا ما زالت منفتحة ومستعدة للتعاون مع الولايات المتحدة «واجتياز الجزء الخاص بها من الدرب نحو تطبيع وإنعاش العلاقات الثنائية»، لكن في الوقت ذاته «ستواصل روسيا الرد على أي خطوات غير ودية من جانب الولايات المتحدة، على مبدأ المعاملة بالمثل».
القرار الأميركي بسحب اعتماد «آر. في - أميركا» في الكونغرس، أي حرمانها من تغطية الفعاليات فيه، أثار غضب مؤسسات السلطة الروسية. وكان الكونغرس الأميركي سحب تراخيص مراسلي القناة لدخول مقره، وذلك بعد تسجيل شركة الإنتاج المالكة لـ«آر. تي» على قائمة «عميل أجنبي». وفي رده على هذه الخطوة، قال دميتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الكرملين: إن الولايات المتحدة تسعى من خلال العقوبات ضد روسيا إلى تأليب رجال الأعمال المؤيدين للرئيس بوتين ضده، وأكد أن موسكو يقظة وتدرك جيداً ما تسعى السلطات الأميركية إلى تحقيقه. وعبّر عن شعوره بخيبة أمل إزاء سحب اعتماد «آر. تي» في الكونغرس الأميركي، وقال: إن قرار الكونغرس بهذا الخصوص «طارئ ومخيب للآمال، وينتهك القانون، وبصورة أدق ينتهك حرية العمل الصحافي وحرية الكلمة»، لافتاً إلى أن سحب الاعتماد لم يقتصر على القناة التلفزيونية، بل وشمل كذلك مراسلي وكالة «سبوتنيك». وتجدر الإشارة إلى أن «آر.تي» ووكالة «سبوتنيك» تتبعان لوكالة «سيغودنيا» التي أقر بوتين تأسيسها عام 2015 كوكالة أنباء روسية دولية تخاطب الرأي العام العالمي باللغات المحلية. وتوقع بيسكوف ردود فعل حادة من البرلمانيين الروس بحق وسائل الإعلام الأميركية العاملة في روسيا، رداً على قرار الكونغرس بحق وسائل الإعلام الروسية.
وقال إيغر موروزوف، عضو لجنة السياسية الإعلامية في مجلس الاتحاد من البرلمان الروسي: إن المجلس قد يعتمد اليوم تدابير رداً على قرار الكونغرس الأميركي، وأكد محذراً «لدينا إمكانية بأن نحرم وسائل الإعلام الأميركية من إمكانية الدخول الحر إلى مبنى مجلس الاتحاد»، ورأى أن «قرار الكونغرس يظهر أن الحرب ضد روسيا مستمرة، والضغط على الصحافيين الروس يتزايد». كما توعد مجلس الدوما من البرلمان الروسي بالرد بالمثل على القرار الأميركي، وقال مصدر من المجلس لوكالة «ريا نوفوستي»: إن العمل جارٍ لصياغة تلك التدابير.
ويزيد هذا الوضع التعقيدات في العلاقات الأميركية - الروسية، التي أملت روسيا في تطبيعها بعد فوز دونالد ترمب بالرئاسة في الولايات المتحدة، إلا أن آمالها لم تتحقق حتى الآن، وعلى العكس تتدهور العلاقات يوماً بعد يوم.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».