توقعات بنشوب {حرب شوارع} بين الميليشيات في صنعاء

TT

توقعات بنشوب {حرب شوارع} بين الميليشيات في صنعاء

توقع مختصون في الشأن اليمني أن الأيام القليلة المقبلة مفتوحة على عدة سيناريوهات، بعد عملية اقتحام ميليشيات الحوثيين المربع الأمني، ومنطقة السبعين التي تعد الحصن الرئيسي لعلي عبد الله صالح ومركز قوته في العاصمة اليمنية «صنعاء» لوجود القصر الجمهوري الذي يتخذ منها مقرا له، إضافة إلى وجود مركز لقيادة الحرس الجمهوري وبعض الثكنات العسكرية.
وأبرز السيناريوهات المطروحة، التي تحدث عنها مسؤولون في الجيش، وإعلاميون لـ«الشرق الأوسط» مع توغل الحوثيين في عملياتها العسكرية وتطويق منزلي أبناء صالح في المنطقة نفسها التي شهدت اقتحام الميليشيات لـ«جامع الصالح»، والتي نتج عنها اشتباكات دامية أول من أمس، بين أنصار طرفي الانقلاب، ونشوب حرب شوارع تستخدم فيها كل أنواع الأسلحة ما لم تتحرك كل القوى الفاعلة لتهدئة الأوضاع لضمان سلامة المدنيين في المقام الأول.
ويرى المراقبون أن الخطوات خلال الساعات المقبلة ستكون متسارعة، خاصة بعد أن وجه علي عبد الله صالح لأتباعه في المناطق المجاورة الدعوة للتوجه إلى صنعاء دون وجود أسباب معروفة لهذه الدعوة، التي جاءت بعد عملية الاقتحام، والتي طالب فيها حضور قياداتها الموجودة في الجبهات على تخوم العاصمة.
ويبدو أن انتشار صور لضباط وأفراد من الحرس الجمهوري وهم جاثون على الأرض، وأسلحة أتباع الميليشيات، موجهة نحوهم، ستعجل بالمواجهات المباشرة التي ستكون معززة بتحرك قيادات في الحرس الجمهوري، الذي بدأ يعيش مرحلة حرجة بعد خروجه من المشهد العام داخل المدينة وخارجها وأصبح ينفذ قرارات الحوثيين، الأمر الذي سيسهم، بحسب مسؤول في الجيش اليمني، بزيادة عدد القيادات العسكرية التي ستفكر جديا بالخروج ما لم يتخذ علي صالح قراراً بوقف تجاوزات قيادات الحوثيين.
وقال نبيل الأسيدي، عضو مجلس إدارة نقابة الصحافيين في اليمن لـ«الشرق الأوسط»، إن عملية الاقتحام وما تلاها من أعمال عسكرية قامت بها الميليشيات، أوضحت بشكل علني حجم الخلاف والهوة بين طرفي الانقلاب، الذي لم يكن وليد اللحظة بل سبقه صراع خفي بين الفريقين على السيطرة على مرافق الدولة، والاستحواذ على المعسكرات وما تبقى من قوات، إضافة إلى الصراع القوي الذي اشتد خلال الشهر الأخير للسيطرة على الوزارات السيادية ومنها وزارة المالية.
ويعد اقتحام المربع الأمني، ومنطقة السبعين، من أهم المواقع الأمنية لعلي صالح، وهو بمثابة خط أحمر لم يجرؤ أحد منذ عشرات السنين على اقتحامه، كما يقول الأسيدي، الذي أشار إلى أن هذه المنطقة يوجد بها القصر الرئاسي، ومنازل عائلته، إضافة إلى قوات للحرس الرئاسي، كما أن المنطقة قريبة من «فج عطان» التي يوجد بها مخزون للأسلحة، موضحا أن هذه المنطقة تعد رمز السيادة لعلي صالح.
ويبدو أن الأمر سيخرج عن السيطرة بين الميليشيا وصالح، خاصة أن بياني الجانبين يشير إلى ذلك، وما تطرحه وسائل إعلام الطرفين التي لأول مرة تخرج وسيلة موالية لعلي صالح، وتفرد عنوانين اتهمت فيهما الحوثيين بـ«الانقلابيين» وأنها قامت بعملية نهب الدولة، بعد أن وجهت مدافعها نحو حليفها، في حين وصفت قيادات الحوثيين أتباع صالح بأنهم ميليشيات ويجب التعامل معهم، موضحا أن دعوة صالح لأتباعه للحضور إلى صنعاء ومنهم القيادات العسكرية هو استعراض للقوة وقد يكون هناك تحرك ما لم تهدأ الأمور.
في المقابل، يرى اللواء أمين الوائلي، قائد المنطقة العسكرية السادسة، أن هذه الأزمة والمواجهات المسلحة بين طرفي الانقلاب، ستدفع بكثير من الرتب العالية للخروج عاجلا من العاصمة اليمنية «صنعاء» وستبحث في الأيام المقبلة عن مخرج آمن لها في أي موقع، ومنهم من سيعمل على التواصل مع قيادة الجيش للانضمام إليه.
واستبعد اللواء الوائلي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن يكون التحرك الفعلي من «علي صالح» لمواجهة قيادة الحوثيين، أو أن يصدر أي قرارات حاسمة لأنه فقد سيطرته بشكل كبير، لافتا إلى أن التحرك سيخرج من قيادات عسكرية كبيرة في الحرس الجمهوري، خاصة أنهم شاهدوا عملية الإذلال والإهانة في انتشار الصور الحالية، أو ما سبقها من عمليات اعتقالات لقيادات في الحرس الجمهوري.
وشدد قائد المنطقة العسكرية السادسة، على أن أحداث أول من أمس، سيكون لها انعكاس مباشر وسلبي على أتباع الانقلابيين في الجبهات، وتحديدا المعارك الواقعة بالقرب من صنعاء، الأمر الذي سيعجل بخروج أعداد كبيرة من الحرس الجمهوري المرابطين في عدد من المواقع لخوفهم من أن يكونوا هدفا لأفراد الميليشيات وأعوانهم من المجندين.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.