إسرائيل تضرب مواقع لـ{حماس} في غزة

قصف متبادل في القطاع... والحركة تتوعد

TT

إسرائيل تضرب مواقع لـ{حماس} في غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس، أنه استهدف 4 مواقع تابعة لحركة حماس في غزة، ما تسبب في إصابة عدة فلسطينيين إصابات متفاوتة الخطورة، وذلك بعد إطلاق قذائف «هاون» من القطاع باتجاه موقع عسكري إسرائيلي قريب.
وقال الجيش في بيان إنه «ردا على إطلاق قذائف (هاون) على موقع عسكري قرب شمال قطاع غزة، قامت دبابات وطائرات باستهداف 4 مواقع عسكرية تابعة لحركة حماس شمال قطاع غزة».
ولم تعرف الجهة المسؤولة عن إطلاق قذائف الـ«هاون»، لكن إسرائيل تحمل حركة حماس، التي تسيطر على القطاع، دائما مسؤولية إطلاق قذائف أو صواريخ عليها من قطاع غزة.
وقال مسؤول المكتب الإعلامي لـ«حركة الجهاد الإسلامي» في فلسطين داود شهاب إن الهدف من «العدوان الصهيوني الذي تتعرض له غزة جاء لشغل الرأي العام وحرف الأنظار عن جريمة المستوطنين في قصرة اليوم»، مبرزا في تصريح مقتضب أن قصف مواقع المقاومة «محاولة من قبل الاحتلال لخلط الأوراق»، وأكد في الوقت ذاته أن «المقاومة الفلسطينية لها كامل الحق في الدفاع والرد على هذا التصعيد الخطير الذي يتحمل مسؤوليته الاحتلال».
من جانبه، حمل المتحدث العسكري الإسرائيلي حركة حماس المسؤولية الكاملة عن أي حدث أمني من قطاع غزة، فيما قالت القناة العبرية الثانية، إن الهجوم كان منظما ويهدف إلى الرد على عملية تفجير النفق التي قتل فيها 12 عنصرا من «الجهاد الإسلامي» وحماس منذ نحو شهر، مشيرا إلى أن الجيش كان يمتلك معلومات عن نيات التنظيمات المسلحة تنفيذ الهجوم.
بدوره، قال وزير النقل والاستخبارات إسرائيل كاتس إن الهجوم من غزة يثبت أن وجود «أبو مازن» في غزة ليس أكثر من ورقة تين تغطي «حقيقة الإرهاب في غزة»، مشددا على أن إسرائيل لن تتسامح مع إطلاق النار تجاهها وأنها سترد بقوة.
وأوضح الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أنه ينظر بخطورة إلى القصف الفلسطيني، ويعرف بالضبط من وقف وراءه، موضحا أنه يرى فيه محاولة للرد على قيام إسرائيل بتدمير نفق تابع لـ«حركة الجهاد الإسلامي» يمتد إلى الحدود الإسرائيلية، و«لذلك فقد ردت إسرائيل بقصف أولي بواسطة سلاح المدفعية والدبابات على مواقع في غزة، كما أن الطائرات الحربية أغارات على 4 أهداف في قطاع غزة».
وجاءت هذه التطورات بعد ساعات من إقدام مستوطن إسرائيلي ظهر أمس على قتل مزارع فلسطيني كان يعمل في أرضه ببلدة قصرة جنوب مدينة نابلس بالضفة الغربية، وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن استشهاد المواطن محمود زعل عودة (48 عاما) متأثرا بجروحه إثر إطلاق النار عليه من قبل مستوطن في منطقة الصدر، مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي الذي كان في المنطقة احتجز جثمان الشهيد.
وقال غسان دغلس، مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية، إن مستوطنين من البؤرة الاستيطانية «ياش كود» اقتحموا أراضي المزارعين في القرية، وهاجموا المواطن عودة خلال عمله في أرضه بمنطقة رأس النخل شرق القرية، وأطلقوا عليه الرصاص ما أدى إلى إصابته واستشهاده متأثرا بجراحه بعد وقت قصير، كما أصيب مواطن آخر كان في المنطقة.
وشهدت قرى وبلدات جنوب نابلس، ومنها بلدة قصرة التي وقعت فيها الحادثة، حالة من التوتر الأمني في أعقاب استشهاد المواطن عودة، أصيب خلالها ما لا يقل عن 13 فلسطينيا بالرصاص الحي والمطاطي واستنشاق الغاز.
وهاجم عشرات المستوطنين تحت حماية من الجيش الإسرائيلي بعض سكان قرية عصيرة القبلية جنوب نابلس، ما تسبب في إصابة 8 مواطنين بجروح متفاوتة، وفقا لمصادر ميدانية، فيما قال الهلال الأحمر الفلسطيني إن طواقمه تعاملت مع إصابة واحدة بالرصاص الحي بقصرة، فيما تعرض 3 مصابين للضرب من قبل المستوطنين.
بدوره، قال حافظ صلاح، رئيس مجلس عصيرة، إن 50 مستوطنا إرهابيا ينتمون لجماعة «فتيان التلال الإرهابية» قدموا من مستوطنة «يتسهار» المجاورة للقرية، وأطلقوا النار واشتبكوا مع المواطنين. لكن متحدثا عسكريا إسرائيليا رد على ذلك بالقول إن بعض الفلسطينيين هم الذين استفزوا المستوطنين ومنعوهم من الدخول للأرض.
وأدانت الرئاسة الفلسطينية ما وصفته بـ«العمل الوحشي الذي قام به قطعان المستوطنين، ضد المدنيين الفلسطينيين في بلدة قصرة جنوب نابلس»، مؤكدة في بيان لها أن هذا «العمل الجبان دليل قاطع للعالم أجمع على مدى بشاعة الجرائم التي يقوم بها المستوطنون، ضد أبناء الشعب الفلسطيني العزل، و(الذي) يتطلب تدخلا دوليا عاجلا لتوفير الحماية لشعبنا»، وفق نص البيان.
وطالبت الرئاسة الفلسطينية في بيانها الحكومة الإسرائيلية بتحمل مسؤولياتها، ووقف هذه الأعمال، ومعاقبة المجرمين.
من جانبها، عبرت حركة فتح عن إدانتها الشديدة جريمة القتل الإرهابية، وفق وصفها، عادّةً أن «هذه الجريمة تعبر عن الإرهاب الحقيقي، والوجه الواضح للاحتلال الاستعماري الإسرائيلي الذي يعيث في الأرض فسادا ودمارا وقتلا وتشريدا، لشعب يناضل من أجل الحرية والاستقلال وزوال الاحتلال عن أرض دولته الفلسطينية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».