بيوت عزاء وتبرع بالدم وتضامن شعبي في غزة عقب الهجوم الإرهابي بمصر

TT

بيوت عزاء وتبرع بالدم وتضامن شعبي في غزة عقب الهجوم الإرهابي بمصر

شهد قطاع غزة منذ الساعات الأولى للهجوم الإرهابي الذي استهدف مسجد الروضة في منطقة بئر العبد شمال شبه جزيرة سيناء، حالة من التضامن والتعاطف الكبير من قبل كافة الجهات شعبياً وفصائلياً مع الشعب المصري بعد الهجوم المروع الذي قتل وأصيب على إثره المئات من المدنيين الأبرياء.
وفتح مجلس عشائر قبيلة السواركة التي تمتد جذورها ما بين قطاع غزة وسيناء كبعض قبائل البدو الموجودة بين تلك القبعتين الجغرافيتين، بيت عزاء كبير في شمال غربي مدينة غزة، وآخر في دير البلح وسط القطاع لاستقبال الفلسطينيين المعزين بضحايا الهجوم الإرهابي الذي قتل عدد كبير فيه من أبناء القبيلة.
فيما قررت الفصائل الفلسطينية فتح بيت عزاء لضحايا الهجوم اليوم الأحد، من الساعة الثالثة عصراً وحتى السادسة مساء في ساحة الجندي المجهول، بمشاركة جميع القوى التي نددت بالهجوم الإرهابي وسط تأكيد على وقوفها إلى جانب مصر ضد الإرهاب.
وقالت الفصائل في بيان مشترك لها، إن المجزرة الإرهابية وقعت في وقت يتنامى فيه دور مصر في معالجة الأزمات الساخنة في المنطقة، وفي مقدمتها دورها في رعاية وضمان إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية.
ورأت القوى أن هذه المذبحة البشعة جاءت لتمس بدور مصر وعرقلته عبر استهداف الآمنين من المصلين في الكنائس والمساجد، إضافة لاستهداف أمنها واستقرارها، مؤكدة على أن هذه «محاولة بائسة لإغراق مصر الكنانة في دوامة العنف والفوضى لتدخل مصر في مربع (الفوضى الخلاقة) التي تمهد لتعزيز الأمن الصهيوني على حساب الأمن القومي العربي والإسلامي».
وأكدت القوى على ثقتها بأن مصر وشعبها ستهزم الإرهاب وداعميه، داعية الفلسطينيين للمشاركة في بيت العزاء الذي ستقيمه وفاء لمصر وأهلها ولذوي الضحايا.
ويأتي ذلك في وقت اكتظ فيه بنك الدم بمدينة غزة بالمتبرعين بالدم تضامناً مع الجرحى المصريين، معربين غالبية المتضامنين عن أملهم في أن يتم نقل وحدات الدم إلى سيناء من أجل الجرحى.
ورفع المتبرعون العلمين المصري والفلسطيني جنباً إلى جنب، وشعار «غزة أقرب من القاهرة»، في الإشارة إلى قرب قطاع غزة جغرافياً من سيناء المجاورة للحدود. وقالت فاتن لولو مدير فريق سفراء السلام التي نسقت الحملة، في تصريحات للصحافيين، إن الحملة تأتي تأكيداً على وقوف الشعب الفلسطيني إلى جانب أشقائه في مصر، مشيرة إلى أن الشعب المصري يعتبر الشعب الحاضن والدائم للقضية الفلسطينية، وقدم إليها الكثير، ولذلك من واجب الفلسطينيين التضامن معهم وتقديم الدعم من أجل سلامة جرحاهم.
وقال الشاب معين حلس لـ«الشرق الأوسط» إنه تبرع بالدم إلى جانب عشرات الشبان من أجل الجرحى الذين أصيبوا في الهجوم الإرهابي، مشيراً إلى أن الشبان الفلسطينيين يشعرون بالألم والحزن العميق بسبب الهجوم الذي استهدف المصلين خلال صلاة الجمعة.
وأضاف: «هؤلاء الإرهابيون أدموا قلوبنا بأفعالهم الوحشية التي لا تمت للدين وللأخلاق بأي صلة»، داعياً إلى وحدة عربية كاملة من أجل محاربة الجماعات الإرهابية التي تسعى لزعزعة استقرار أمن المواطن العربي في بلاده وحرمانه من حريته.
من جهتها قالت الشابة الجامعية آلاء شاهين إن الفلسطينيين في قطاع غزة تابعوا باهتمام كبير وخاص هذا الهجوم الدامي والوحشي، كما وصفته، مؤكدة أن السكان في القطاع يشعرون باستمرار بالألم والوجع الذي يصيب عوائل الضحايا المصريين، سواء الذين سقطوا خلال الهجوم في المسجد أو الهجمات الأخرى التي تقع باستمرار في سيناء. وأشارت إلى أن تلك الجماعات الإرهابية التي تقف خلف الهجمات هدفها تمرير مشاريع إسرائيلية لتقسيم البلاد من خلال إحداث فوضى بهجماتها العنيفة، مشيرة إلى وجود مخاوف حقيقية لدى السكان من تأثير هذه الحادثة على إغلاق معبر رفح لفترة طويلة.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.