عون يطلق غداً لقاءات ثنائية بدل طاولة الحوار

هدفها بحث أسباب استقالة الحريري ومخارج الأزمة

TT

عون يطلق غداً لقاءات ثنائية بدل طاولة الحوار

يعقد رئيس الجمهورية اللبناني العماد ميشال عون لقاءات ثنائية مع رؤساء وممثلي الكتل والأحزاب المشاركة في الحكومة وشخصيات أخرى، لاستمزاج آرائهم بخصوص المخرج الأمثل للأزمة، والوقوف عند رؤيتهم للملفات الأساسية التي وضعها رئيس الحكومة سعد الحريري على الطاولة، والتي اتخذت شكل شروط للعودة عن الاستقالة.
وتشير مصادر رئاسة الجمهورية إلى أن «عون قرر حوارات ثنائية سيسعى إلى أن تعقد جميعها يوم الاثنين بدلا من طاولة الحوار الوطني، على أن يلتقي في ختام الاجتماعات رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ورئيس الحكومة سعد الحريري، لمناقشة ما ستخلص إليه هذه الحوارات، فيتم على أثرها تحديد خطوة ثانية على طريق معالجة الأزمة قبل يوم الأربعاء موعد سفره إلى روما».
وتلفت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه حتى الساعة لم يتضح ما إذا كان سينتج عن هذه الحوارات ورقة تفاهم أو تسوية جديدة أو تجديد للتسوية السابقة أو غيرها من الأوراق، لافتة إلى أن «سياق المشاورات وما سينتج عنها سيحددان الخطوة اللاحقة».
ورغم تحديد الرئيس عون يوم الاثنين موعدا لانطلاق المشاورات الرسمية، فإن مشاورات غير معلنة تنشط ومنذ أيام إن كانت في قصر بعبدا أو في «عين التينة» مقر رئيس المجلس النيابي نبيه بري كما في «بيت الوسط» مقر رئيس الحكومة، حيث تتخذ النقاشات طابعا سرّيا خوفا من إجهاض أي تفاهم قد يكون بدأ يرتسم في الأفق. ففيما تحدث الحريري، يوم أمس، عن «جدية بالاتصالات والحوارات القائمة للاستجابة لطروحاتنا»، داعيا للبناء عليها، بدا أن «حزب الله» مستعد للتجاوب مع مطالب وشروط الحريري، وهو ما عبّر عنه مسؤول العلاقات الدولية في الحزب عمار الموسوي، قائلا: «بقدر صلابتنا في مواجهة إملاءات الخارج، نحن جاهزون للتفاهم مع شركائنا في البلد، ومنفتحون على الداخل وعلى الحوار الحقيقي وعلى التعاون بين الجميع».
ولا يبدو أن تيار المستقبل يتمسك بصيغة معينة للخروج من الأزمة مثل التوصل إلى تسوية جديدة أو ورقة تفاهم أو ما عداها من شكليات، إذ يشدد النائب في التيار نبيل دو فريج على أن ما يطالب به الرئيس الحريري «شيء ملموس ينقل النأي بالنفس من الأقوال إلى الأفعال، خصوصا أن جزءا أساسيا من التسوية السابقة لم يُطبق لا بل شهدنا أن تدخلات (حزب الله) في الشؤون الخارجية ازدادت بدل أن تتقلص». ويرى دو فريج في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك «حاجة ماسة كي نبرهن لكل الأصدقاء والدول وبخاصة دول الخليج التي تربطنا بها مصالح شتى، أنه سيكون هناك نأي حقيقي بالنفس هذه المرة»، مضيفا: «نحن نعي تماما أن أي صيغة سنتوصل إليها ستكون على أساس لا غالب ولا مغلوب، باعتبار أن هذا البلد لا يحتمل فريقا منتصرا وآخر مهزوما».
وإذ أشار دو فريج إلى أن الموقف الأخير الذي أطلقه قائد الحرس الثوري الإيراني بخصوص رفض وضع سلاح «حزب الله» على طاولة المفاوضات، لا يساهم بحل الأزمة، حثّ على وجوب قيام «مشاورات دولية مع إيران تتزامن مع المشاورات الداخلية لضمان نجاح المسعى اللبناني، علما بأن الفرنسيين ليسوا بعيدين كثيرا عن هذا الجو».
ويتعاطى كل الفرقاء بكثير من التأني مع المرحلة التي يصفها نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني بـ«الدقيقة جدا»، معتبرا «أننا اليوم على مفترق طرق في تاريخ لبنان». ودعا حاصباني إلى «تعاون وتكاتف بين كل القوى السيادية يدا بيد، لكي لا نسمح بأن ينجر لبنان إلى أي مكان آخر خارج ما تم الاتفاق عليه ضمن الثوابت التي على أساسها شكلت هذه الحكومة وانطلق بها العهد إما بخطاب القسم وإما بالبيان الوزاري».
من جهته، تحدث وزير الزراعة غازي زعيتر عن «انسجام وتوافق وتنسيق بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري والقوى السياسية، لإخراج لبنان من أي أزمة إن كان على الصعيد الأمني أو السياسي أو الاجتماعي والاقتصادي»، معربا عن تفاؤله الكبير بالخروج من هذه الأزمة. وقال: «الأيام المقبلة ستكون معبرة عن هذا الموقف الذي عبر عنه الرئيس بري بالقول إنه مرتاح ومطمئن البال على هذا الوطن».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».