الأكاديمية البريطانية تستحضر شعراء العالم القديم

في «ملتقى أفريقيا وآسيا وأوروبا» بلندن

من ندوات الملتقى
من ندوات الملتقى
TT

الأكاديمية البريطانية تستحضر شعراء العالم القديم

من ندوات الملتقى
من ندوات الملتقى

استضافت الأكاديمية البريطانية ليومين متتالين نشاطات مؤتمر «وجوه اللامتناهي: الأفلاطونية المحدثة والشعرية» الذي شارك فيه أكاديميون وباحثون جاءوا من عدة جامعات أوروبية وأميركية وغيرها، ولم يكن هناك حضور لأي جامعة عربية، ما عدا الدكتورة فريال غزول، رئيسة قسم اللغة الإنجليزية في الجامعة الأميركية بالقاهرة، التي كانت الأكاديمية العربية الوحيدة التي ساهمت في أعماله.
الثيمة الأساسية للمؤتمر الذي نظمه معهد الدراسات الأفريقية والشرقية (جامعة لندن) دارت حول السؤال التالي: ما هو تأثير الأفلاطونية المحدثة على الشعراء عبر العصور وفي شتى الثقافات التوحيدية؟
لذلك كانت الجلسة الأولى للمؤتمر مكرسة للبدايات، وبداية البدايات كانت مع الفيلسوف أفلاطون المولود عام 428 قبل الميلاد في أثينا. فهو الذي أسس أول جامعة في تاريخ البشرية أطلق عليها اسم «الأكاديمية». وفي كتبه الحوارية التي جعل بطلها أستاذه سقراط، طرح جملة أفكار متفرقة شكلت الأرضية التي نشأت عليها الأفلاطونية المحدثة لاحقاً. وهو يعد مؤسس الفكر المثالي في تاريخ الفلسفة، إذ حسب رؤيته، هناك مقابل كل الكائنات القائمة في عالمنا نماذجها في العالم اللامرئي أطلق عليها «المُثُل العقلية»، كذلك فهو من المؤمنين بفكرة «المبدأ الأول» التي كانت أساساً لمبدأ الوحدانية في الديانات السماوية الثلاث.
لكن النقلة الحقيقية لأفكار أفلاطون تحققت في القرن الثالث الميلادي على يد الفيلسوف المصري - اليوناني، أفلوطين، الذي أنشأ نظاماً مثالياً يستند إلى فكرة «المبدأ الأول» أو علة الوجود الأولى. ومن هذا المبدأ الأول جاء العقل الأول ثم النفس الكلية فالوجود المادي.
في القرن التاسع الميلادي قام عبد المسيح عبد الله بن ناعمة الحمصي بترجمة فصول من كتاب أفلوطين المعروف باسم «التساعات» تحت عنوان آخر هو «أثولوجيا أرسطاطاليس»، وقام بتحريره لأحمد بن المعتصم بالله، الفيلسوف الكندي.
وقد ظل المفكرون العرب يظنون أنه من أعمال الفيلسوف أرسطو، فأطلقوا على مؤلفه اسم «الشيخ اليوناني»، كما انتُزِعت منه فصول سميت بـ«رسالة في العلم الإلهي للفارابي»، مع أنه مستخلص من التساع الخامس.
وعلى الرغم من تجاهل اسم المؤلف الحقيقي لهذا الكتاب، فإن تأثيره على الفكر الإسلامي عامة لا يقل عن أثر أرسطو، بل قد يزيد عليه في تشعبه إذ شمل الفلسفة والمذاهب الدينية ذوات النزعة الروحية، وتغلغل في ضمائر المفكرين الإسلاميين بطريقة لا شعورية كانت أعمق نفوذاً من ذلك المذهب الظاهري الذي كان لأرسطو.
في اليوم الأول من أعمال المؤتمر تم التركيز على أولئك الشعراء من العصر الوسيط، فكان هناك محيي الدين بن عربي وابن الفارض، حيث قدم البروفسور شتيفان شبيرل أستاذ الأدب العربي في معهد الدراسات الأفريقية الآسيوية، ورقة عن قصيدة لكل من هذين الشاعرين. كذلك قدمت أستاذة الأدب الفارسي في جامعة إنالكو بباريس، ليلى أنور، ورقة عن الشاعر عبد الرحمن جامي، ومدى تأثره بالأفلاطونية المحدثة.
يمكن القول إن هؤلاء الشعراء قد كيفوا طروحات أفلوطين بشكل يتوافق مع الدين الإسلامي، وساهموا عبر أشعارهم بتعزيز الاتجاه الصوفي الذي يسلم بأن المعرفة الحقيقية للعالم الخفي تأتي عبر القلب وعبر حالة الانخطاف (أو الشطح)، إضافة إلى القبول بكل الديانات باعتبارها تشير إلى نفس الرب.
كرست أعمال يوم الجمعة بالدرجة الأولى على عصر النهضة في إيطاليا وإسبانيا وتركيا. كانت أبرز الأوراق التي حظيت باهتمام الحضور، تلك التي قدمتها الدكتورة أبيغايل براندين من جامعة كمبردج، إذ أضاءت في محاضرتها «الثقافة الشعرية خلال القرن السادس عشر في إيطاليا ومدى تأثرها بالأفلاطونية المحدثة»، حيث كان الأسلوب البتراركي (نسبة إلى الشاعر بترارك) هو السائد في البلاطات الملكية قبل انتشاره بين قطاعات أوسع من الناس بفضل بروز الطباعة.
وقد ركزت المحاضِرة براندين على الشاعرة الأرستقراطية الأرملة فيتوريا كولونا (1490 - 1547) وصديقها المقرب الفنان مايكل أنجلو بوناروتي (1475 - 1564). وكان هذان الصديقان يناقشان ويتبادلان القصائد الروحية ذات التأثير المشترك على اهتماماتهما بقضايا الإيمان والتسامي.
وعن إسبانيا القرون الوسطى كانت ورقة البروفسور جوليان وايس، أستاذ العصر الوسيط والحديث المبكر الإسباني، من جامعة كنغز كوليج بلندن، التي سلطت الضوء على شاعرين من تلك الحقبة هما فرانسيسكو دو ألدانا (1578 - 1537) وكاتالينا كلارا راميرز دو غوزمان (1680 - 1611)، وهو بتناوله لهذين الشاعر أراد إظهار أهمية الأفلاطونية المحدثة كظاهرة عابرة للثقافات، ولفهم الكيفية التي انتقلت فيها عبر الثقافات المختلفة، «فإنه من اللازم الاعتراف بقدرتها الآيديولوجية الكامنة كي تتجاوز الحواجز الثقافية وتتعايش مع كل الاختلافات الكثيرة».
جرت أعمال اليوم الثالث من المؤتمر في معهد الدراسات الأفريقية الآسيوية بلندن، وتم التركيز فيه على الشعراء المعاصرين.
ومن بين الأوراق التي قدمت كانت تلك التي تناولت عدة شعراء أتراك تأثروا بالفكر الصوفي الإسلامي الذي يحمل بين طياته أفكار الأفلاطونية المحدثة بصيغة تتوافق مع الدين الإسلامي. وقد تطرق المحاضران محمد كلباكلي ونسليهان ديميركول إلى تأثير التحولات السياسية على الشعراء الأتراك، فهناك خانات أصبح على الشاعر المعاصر أن يناضل للتحرر من الوقوع فيها. فمَن يكتب تحت تأثير الشعراء المتصوفة العرب والفرس الكبار كالرومي وابن عربي وابن الفارض سيتهم بانتمائه إلى الماضي العثماني، وإذا حاول أن يكتب بطريقة الشعراء الغربيين، فإنه سيتهم بنكران ثقافته. ومن بين الشعراء الذين ركز الباحثان على أعمالهما، آصف حاليت جلبي (1958 - 1907).
كانت آخر أوراق المؤتمر للأستاذة العراقية فريال غزول من الجامعة الأميركية في القاهرة، وكما ذكرَت فإنها أمَلت أن تكون محاضرتها مسك الختام، ولعلها نجحت في تحقيق ذلك، على الأقل بالنسبة للعرب المتواجدين في القاعة.
تحدثت الدكتورة غزول عن الخلفية الأكاديمية للشاعر الراحل محمد عفيفي مطر (2010 - 1935) فهو درس الفلسفة في جامعة عين شمس بالقاهرة، وعن العلاقة التي جمعته بأستاذه عبد الرحمن بدوي الذي حقق الترجمة الأولى لكتاب أفلوطين الذي قام بها عبد المسيح بن عبد الله الحمصي في القرن التاسع.
سلطت المحاضرة في ورقتها على الكيفية التي تشربت بها قصائد محمد عفيفي مطر بالأفلاطونية المحدثة بشكل خاص وبالفلسفة بشكل عام.

إعداد دقيق
في هذه الورشة الأكاديمية التي استمرت ثلاثة أيام، أقف عند الإعداد الدقيق والعمل الذي سار وكأنه ساعة رقمية دقيقة حسب البرنامج المعطى.
كذلك، أثارت انتباهي تلك الجهود المبذولة في العديد من الجامعات الغربية لإعادة أولئك الذين أبدعوا في المجال الأدبي أو الفني عبر العصور إلى الحياة، بتقصي كل ما تركوه من تراث، بدراسته وكشف كل أسراره وكشف ملامح عصره، فلا رسالة أو ملاحظة سجلها هذا المبدع هنا أو هناك ستترك من دون دراسة. وفي هذا العمل يساهم الفلاسفة ومؤرخو الأدب والفنون والنقاد في ترميم تلك القطع المتفرقة للمبدعين الراحلين بحيث نجدهم في الأخير، وقد عادوا إلى الحياة واختلطوا مع الطلبة والمهتمين بتراثهم.
هناك علماء متخصصون بحقبة تاريخية واحدة يعيدون تدريسها والبحث فيها والكتابة عنها سنة بعد سنة، بل نجد أحياناً من هو متخصص بتراث أديب أو مفكر واحدة طوال حياته.
هنا يشعر المرء بأنه امتداد لأجيال سبقته، وأن قيمة ما يضيفه تكمن في أنها إضافة صغيرة تسمح لنهر الحياة أن يستمر في التدفق: إنه انتصار على الموت الفردي.

- نماذج شعرية من الأوراق البحثية
> قصيدتان مغنتان من نوع المادريجال (الغناء من دون آلات موسيقية) لمايكل أنجلو مهداتين لفيتوريا كولونا (1544):
رجل ضمن امرأة، أو بالأحرى ملاك
يتكلم عبر فمها، لذلك فأنا،
باستماعي إليها،
أعِيدَت صياغتي إلى الحد الذي لن أكون فيه أبداً نفسي ثانية.
أنا أؤمن، لكوني استُلِبتُ من نفسي على يدها،
بأني سأشفق على نفسي، لأني خارج نفسي؛
وجهها الجميل يدفعني
بعيداً جداً إلى ما وراء الرغبة العابرة
إلى الحد الذي أرى الموت في أي جمال آخر.
أيتها السيدة التي تمرر الأنفس
عبر النار والماء إلى أيام مبهجة:
أتضرع، ألا تجعليني أعود إلى نفسي ثانية.
***
فقط كما زال ذلك، أيتها السيدة، يضع المرء
في صخر صلب شاهق صورة حية
تظل تنمو أكثر فأكثر
بينما الصخر يتلاشى شيئاً فشيئاً،
بحيث تكون الزيادة في لحم تلك الصورة،
مع قشرتها الخشنة، الجافة، الصلبة
تخفي قدراً من الأعمال الجيدة في النفس
التي ترتعش تحت هذا العبء.
أنتِ وحدك قادرة على أن تكوني نائية جداً من كينونتي الخارجية،
ففي داخلي هناك عينان علي
إنه ليس إرادة وليس قوة.

- فيتوريا كولونا (قصائد نشرت لأول مرة عام 1546)
إذا كنتُ غالباً ما أفشل في رفع ملف
الحس السليم عالياً، التطلع حولي
بعينين مزدريتين، فإني أرفض التنميق
أو مسح أشعاري الخشنة غير المهذبة،
هذا لأن همي الأولي هو ليس
لكسب الثناء بفضلها أو لتجنب الازدراء،
ولا كي تستمر أشعاري بعد عودتي المبهجة إلى السماء
في العالم حية ومكرَّمة عالياً؛
بل أن تشعل النار الإلهية، من خلال رحمتها،
عقلي، وأحياناً تمنح هذه الشرارات برضاها،
وإذا كانت إحدى هذه الشرارات أدفأت مرة واحدة
بعض القلوب الرقيقة فإني مدينة ألف مرة
بألف شكر لتلك الغلطة السعيدة.

- أوجينيو مونتال
(1920 - 1954)، إيطاليا
استمعوا إليّ: الشعراء المكللون بالغار
وحدهم من يمشون بين نباتات
ذات أسماء نادرة: البقس، وجنبة الرباط والأقنثا.
لكني أحب دروباً تؤدي
إلى خنادق عشبية حيث الأطفال
يرفعون بأيديهم بضع أسماك جائعة
من سمك الإنقليس من بُرَك شبه جافة:
دروباً تمتد بجانب الضفاف،
وتمر ما بين الخيزران المقنبر
وتنتهي ببساتين، بين أشجار الليمون.
من الأفضل إذا كان صخب الطيور
يتلاشى، حيث الزرقة تبتعله:
نستطيع أن نسمع همسات أكثر
لأغصان حميمة في جو غير هادئ تماماً،
والأحاسيس الناجمة عن هذه الرائحة
التي لا يمكن فصل ذاتها عن التراب
والأمطار، حلاوة مضطربة في القلب.
هنا، وبمعجزة ما، الحرب
الناجمة عن عواطف متكدرة تعلن هدنة؛
هنا نحن الفقراء، نتسلم، أيضاً، حصتنا من الثروات،
التي هي عبق الليمون.
شاهِد، في مساحات الصمت هذه حيث الأشياء
تكف عن الفعل فتبدو كأنها على وشك الكشف
عن سرها النهائي،
أحياناً نحن نشعر بأننا على وشك
أن نكشف عن خطأ في الطبيعة،
النقطة الساكنة للعالم، الآصرة التي لن تبقى،
الخيط لغرض حلّ ذلك الذي سيؤول أخيراً
إلى قلب الحقيقة.
العين تستكشف ما يحيطها،
العقل يستقصي صفوف العطر المنقسمة
وهو يفوح
في أكثر الأيام وهناً.
إنك في مساحات الصمت تلك ترى
في ظل كل إنسان عابر
بعضاً من ألوهية مضطربة.
لكن الوهم يفشل، والزمن يعيدنا
إلى مدن صاخبة حيث الزرقة
مرئية في هيئة بقع، إلى أعلى ما بين السقوف.
المطر يرهق التربة آنذاك؛
ضجر الشتاء يثقل على البيوت،
الضوء يصير بخيلاً - النفس مريرة.
حتى اليوم الذي من خلال بوابة نصف مغلقة
في فناء ما، هناك ما بين الأشجار،
نستطيع رؤية صفرة الليمون؛
فيذوب الفلفل الحار في القلب، وفي أعماقنا
ترمي أبواق الشمس الذهبية
بأغانيها علينا.

- كاتالينا كلارا راميريز دو غوزمان (1611 - 1684)، إسبانيا
أيها البورتريه، إذا كنت ظلاً، كيف تستطيع تقليد
سنى الشمس الساطعة؟
وإذا كنت ميتاً، كيف تكون ألوانك حية جداً؟
وإذا كنت مفتقداً الحياة، كيف استطعت سرقة حيوات كثيرة جداً؟
بافتقادك للجسد، منحتَ قوة للكثير من النفوس؛
بافتقادك للنفس، أين تطرُق صرامتك؟
وإذا كان المفضَّلون لدى «كلوري» لا نظير لهم،
لماذا تستميت كي تتجاوزها؟
أنت لست إلا طيفاً يمكن الاستمتاع به من خلال العينين،
وهماً مبهجاً لفكرة ما؛
خداعاً مصاغاً من خلال المظهر
خيالاً يداهن الذائقة؛
كذبة، تعطي الكذبة، أخيراً، للحقيقة.



جورج كلوني: «أسافر دوماً بالقطار»

النجم الأميركي جورج كلوني (رويترز)
النجم الأميركي جورج كلوني (رويترز)
TT

جورج كلوني: «أسافر دوماً بالقطار»

النجم الأميركي جورج كلوني (رويترز)
النجم الأميركي جورج كلوني (رويترز)

عزز الممثل الأميركي جورج كلوني من صورته فيما يتعلق بالبيئة عن طريق السفر بالقطار، سواء كان ذلك أسفل القنال الإنجليزي إلى لندن أو بين باريس وقصره جنوب فرنسا.

وقال النجم السينمائي (64 عاماً) لنسخة نهاية الأسبوع من صحيفة «فرانكفورتر ألجماينه تسايتونغ» الألمانية: «غالباً ما أستقل القطار بين لندن وباريس، وأسافر بالقطار قطعاً بين إكس-أون- بروفانس وباريس كل أسبوعين».

وأوضح كلوني، الذي أبدى من قبل انحيازه لحماية البيئة: «أسافر دائماً بالقطار».

ويعيش كلوني، الحاصل على جائزتي أوسكار والعديد من الجوائز الأخرى، مع زوجته المحامية الحقوقية أمل كلوني، وابناهما التوأمان إيلا وألكسندر في مزرعة في بروفانس.

وصدر فيلمه «جاي كيلي» على منصة «نتفليكس» الجمعة. ومن بين أشهر أفلامه «أوشنز إليفن» و«سيريانا».


رقصة هندية تلهم الروبوتات تعلّم حركات اليد المعقدة

عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)
عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)
TT

رقصة هندية تلهم الروبوتات تعلّم حركات اليد المعقدة

عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)
عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)

استخلص باحثون في جامعة ماريلاند الأميركية بمقاطعة بالتيمور (UMBC) العناصر الأساسية لإيماءات اليد الدقيقة التي يستخدمها الراقصون في رقصة «بهاراتاناتيام» الهندية الكلاسيكية، ووجدوا «أبجدية» للحركة أغنى وأكثر ثراء مقارنةً بمسكات اليد الطبيعية.

ووفق دراستهم المنشورة في مجلة «ساينتفيك ريبورتس» (Scientific Reports)، يمكن لهذا العمل أن يُحسّن كيفية تعليم الروبوتات حركات اليد المعقدة، وأن يُوفر للبشر أدوات أفضل للعلاج الطبيعي.

ركّز رامانا فينجاموري، الأستاذ في جامعة ماريلاند بمقاطعة بالتيمور والباحث الرئيسي في هذا العمل، مختبره على فهم كيفية تحكم الدماغ في حركات اليد المعقدة.

ابتكر فينجاموري نهجاً جديداً لاستخلاص العناصر الأساسية من مجموعة واسعة من إيماءات اليد الدقيقة، المسماة «مودرا»، المستخدمة في الرقص الكلاسيكي الهندي لتعزيز عنصر سرد القصص في هذا الإطار الفني.

ويُطور الفريق البحثي حالياً تقنيات «لتعليم» الأيدي الروبوتية أبجديات الحركات وكيفية دمجها لإنشاء إيماءات يد جديدة، وهو ما يُمثل انحرافاً عن الأساليب التقليدية لتعليم الروبوتات تقليد إيماءات اليد، ويتجه نحو أسلوب جديد لكيفية عمل جسم الإنسان ودماغه معاً.

ويختبر الباحثون هذه التقنيات على يد روبوتية مستقلة وروبوت بشري، يعمل كل منهما بطريقة مختلفة ويتطلَّب نهجاً فريداً لترجمة التمثيلات الرياضية للتآزر إلى حركات جسدية.

يقول فينجاموري: «الأبجدية المُشتقة من مودرا أفضل بالتأكيد من أبجدية الفهم الطبيعي لأنها تُظهر قدراً أعلى من البراعة والمرونة».

وأضاف في بيان نُشر الخميس: «عندما بدأنا هذا النوع من الأبحاث قبل أكثر من 15 عاماً، تساءلنا: هل يُمكننا إيجاد أبجدية ذهبية يُمكن استخدامها لإعادة بناء أي شيء؟».

ووفق نتائج الدراسة يمكن استخدام هذا المفهوم لتفكيك تنوع مذهل من الحركات إلى عدد محدود من الوحدات الأساسية.

بحث الفريق عن العناصر الأساسية لحركات اليد وفهرستها (ساينتفيك ريبورتس)

وقبل أكثر من عقد من الزمان، بحث فينجاموري وشركاؤه عن العناصر الأساسية لحركات اليد وفهرستها، بالاعتماد على مفهوم يُسمى التآزر الحركي، إذ يُنسّق الدماغ حركات مفاصل متعددة باليد في آنٍ واحد لتبسيط الحركات المعقدة.

بدأ فينجاموري وطلابه بتحليل مجموعة بيانات تضم 30 مسكة يد طبيعية، تُستخدم لالتقاط أشياء تتراوح أحجامها بين زجاجات المياه الكبيرة وحبات الخرز الصغير.

اختبر الفريق بعد ذلك مدى قدرة التآزرات المستمدة من الإمساك الطبيعي على الجمع لإنشاء حركات يد غير مرتبطة مقارنةً بالتآزرات المستمدة من المودرا. وقد تفوقت التآزرات المستمدة من المودرا بشكل ملحوظ على تآزرات الإمساك الطبيعي باليد، وفق نتائج الدراسة.

يقول بارثان أوليكال، العضو المخضرم في مختبر فينجاموري الذي يسعى حالياً للحصول على درجة الدكتوراه في علوم الحاسوب: «عندما تعرَّفت على مفهوم التآزر، أصبح لدي فضول كبير لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا استخدامه لجعل اليد الروبوتية تستجيب وتعمل بطريقة اليد البشرية نفسها».

ويضيف: «لقد كان من دواعي سروري أن أُضيف عملي الخاص إلى جهود البحث، وأن أرى النتائج».

يستخدم الفريق كاميرا بسيطة ونظاماً برمجياً للتعرُّف على الحركات وتسجيلها وتحليلها، وهو ما يُسهم بشكل كبير في تطوير تقنيات فعالة من حيث التكلفة يمكن للناس استخدامها في منازلهم.

في نهاية المطاف، يتصوَّر فينجاموري ابتكار مكتبات من الأبجديات المُخصصة لمهام روبوتية مُحددة، يُمكن استخدامها حسب الاحتياجات، سواءَ كان ذلك إنجاز الأعمال المنزلية اليومية من بينها الطهي أو طيّ الملابس، أو أي شيء أكثر تعقيداً ودقة، مثل العزف على آلة موسيقية.


تكريم عمر خيرت في الدورة الأولى لـ«مهرجان الأوبرا» بقطر

الموسيقار المصري عمر خيرت (وزارة الثقافة المصرية)
الموسيقار المصري عمر خيرت (وزارة الثقافة المصرية)
TT

تكريم عمر خيرت في الدورة الأولى لـ«مهرجان الأوبرا» بقطر

الموسيقار المصري عمر خيرت (وزارة الثقافة المصرية)
الموسيقار المصري عمر خيرت (وزارة الثقافة المصرية)

يستهل «مهرجان الأوبرا العربية» فعاليات دورته الأولى في قطر بتكريم الموسيقار المصري عمر خيرت، وذلك برعاية وتنظيم «المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم» (الألكسو)، حيث اختيرت مصر ضيف شرف المهرجان بوصفها صاحبة أقدم دار أوبرا في العالم العربي.

وتنطلق الدورة الأولى للمهرجان بالتعاون مع المؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا) خلال الفترة من 8 حتى 10 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وقد تقرَّر تكريم عمر خيرت «تقديراً لعطائه وعرفاناً بدوره الرائد في إثراء ساحة الإبداع العربي»، وفق بيان لوزارة الثقافة المصرية. ويقدِّم «أوركسترا القاهرة السيمفوني» بقيادة المايسترو أحمد عاطف حفلاً يتضمن مجموعة من المؤلفات المصرية لكل من علي إسماعيل، وفؤاد الظاهري، ويوسف شوقي، وعمار الشريعي، وحسن أبو السعود، وعمر خيرت، وأندريا رايدر.

وعدَّ الدكتور علاء عبد السلام، رئيس «دار الأوبرا المصرية»، اختيار الأوبرا المصرية ضيف شرف الدورة الأولى «تأكيداً لأعرقيَّتها عربياً»، مشيراً إلى أن ذلك «يُبرز عمق العلاقات بين الأشقاء ويعكس التطلعات إلى مستقبل أكثر إشراقاً للفنون في المنطقة». وأضاف أن «احتضان دولة قطر للمهرجان خطوة ثقافية رائدة تعكس تقديرها للمسار الفني العربي، وتُبرز أهمية تلاقي التجارب والمؤسسات الفنية في فضاء واحد تُصاغ فيه مشروعات جديدة وتُفتح آفاق رحبة للتعاون والإبداع».

«دار الأوبرا المصرية» ضيف شرف «مهرجان الأوبرا» بقطر (وزارة الثقافة المصرية)

وقال الناقد الفني المصري أحمد السماحي إن «عمر خيرت يستحق هذا التكريم عن جدارة؛ فهو منذ بداياته يقدِّم نغمة مختلفة ومتجددة، وعمل على تطوير الموسيقى المصرية من خلال توزيعاته أولاً ثم من خلال مؤلفاته». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «خيرت من أوائل من ساهموا في تطوير التوزيع الموسيقي في الوطن العربي، ونجح في جذب أجيال واسعة، خصوصاً من الشباب، إلى الموسيقى، وقدّم ألبومات موسيقية خالصة بأسلوب متفرد حظيت بنجاح وانتشار كبيرين».

وقدّم عمر خيرت عدداً كبيراً من الألبومات والمقطوعات التي ارتبطت بالدراما والسينما، وغنَّى من أعماله نجوم الطرب في مصر والعالم العربي، مثل علي الحجار، ومحمد الحلو، ومدحت صالح، وحنان ماضي، ولطيفة. ومن أشهر مقطوعاته السينمائية «قضية عم أحمد»، و«إعدام ميت»، و«ليلة القبض على فاطمة»، و«عفواً أيها القانون»، ومن موسيقاه في الدراما «ضمير أبلة حكمت»، و«البخيل وأنا»، و«غوايش».

وكان مؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية، الذي عقد دورته الـ24 في الرباط (المغرب)، قد أقر إقامة «مهرجان الأوبرا العربية» في قطر، واختيرت «دار الأوبرا المصرية» ضيف شرف دورته الأولى بالنظر إلى أسبقيتها التاريخية، إذ أسَّست مصر أول دار أوبرا في الوطن العربي، وفق بيان وزارة الثقافة.

ويرى الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين أن «تكريم عمر خيرت في (مهرجان الأوبرا العربية) الأول يعكس القيمة الكبيرة التي يُمثِّلها في الموسيقى العربية، وليس المصرية فقط»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الاختيار موفَّق جداً، سواء في تكريم خيرت أو في اختيار (دار الأوبرا المصرية) ضيفَ شرفٍ بوصفها الأقدم عربياً».

أُنشئت «دار الأوبرا المصرية» عام 1869 على يد الخديو إسماعيل ضمن احتفالات افتتاح قناة السويس. وبعد أكثر من قرن كانت فيه الأوبرا الخديوية المنارة الثقافية الأبرز في الشرق الأوسط وأفريقيا؛ احترق مبناها في أكتوبر (تشرين الأول) 1971. ومن ثَمَّ اختيرت أرض الجزيرة مقراً للمبنى الجديد بالتنسيق مع هيئة التعاون الدولية اليابانية (JICA) والاتفاق على تصميم معماري إسلامي حديث، ليُفتتح المبنى الجديد في 10 أكتوبر 1988.