بغداد تطارد مشتري نفط كردستان.. وتتهم تركيا بـ«الجشع»

قيادي كردي يؤكد أن الإقليم لن يخضع للابتزاز وسيواصل بيع خامه

نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة  حسين الشهرستاني (أ.ف.ب)
نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني (أ.ف.ب)
TT

بغداد تطارد مشتري نفط كردستان.. وتتهم تركيا بـ«الجشع»

نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة  حسين الشهرستاني (أ.ف.ب)
نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني (أ.ف.ب)

بعد فشل كل دعوات الحوار بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان بشأن الخلاف النفطي بين الطرفين وبدء حكومة كردستان بيع النفط عبر تركيا، كلفت الحكومة العراقية شركة محاماة لمتابعة أي شركة تشتري ما تعده الحكومة المركزية صادرات غير قانونية للنفط منتجة في إقليم كردستان العراق، وذلك في تصعيد من بغداد لوقف مساعي سلطات الإقليم للاستقلال بمواردها النفطية.
وطبقا لمصدر عراقي مسؤول استنادا لما أوردته وكالة «رويترز»، فإن وزارة النفط العراقية أوكلت إلى شركة «فينصان آند إلكنس» قبل نحو شهرين مقاضاة أي شخص يشتري النفط الذي يضخ عبر أنبوب النفط الرابط بين كردستان العراق وميناء جيهان التركي.
وكان رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، أبلغ الأسبوع الماضي سفراء دول الاتحاد الأوروبي في بغداد أن عملية شراء النفط العراقي، المصدر من كردستان إلى تركيا، أشبه بـ«السرقة». وسبق للحكومة المركزية أن هددت بمقاضاة أي عمليات تصدير نفط لا تجري تحت مراقبتها، وذلك في ظل فشل بغداد وسلطات أربيل في تسوية خلافاتهما الطويلة حول إدارة عائدات النفط.
بدوره، قال نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة، حسين الشهرستاني، لوكالة الصحافة الفرنسية أمس، إن «الجشع» يقود تركيا إلى المساهمة في تصدير نفط إقليم كردستان. وقال الشهرستاني: «نعتقد أن تركيا تساهم، بدافع الجشع، في محاولة لوضع اليد على النفط العراقي الرخيص». وأضاف الشهرستاني، وهو وزير سابق للنفط، أن تركيا «سهلت تهريب (النفط)، ومن الواضح أن هذا الأمر قوض العلاقة» بين العراق وتركيا. وتابع نائب رئيس الوزراء العراقي متحدثا من مكتبه في المنطقة الخضراء (وسط بغداد): «كنا قد وصلنا إلى مستوى جيد نسبيا في التعاون قبل أن يقود جشع تركيا وتسمح بالمساعدة في تهريب النفط العراقي الخام».
وكان وزير الطاقة التركي، تانر يلديز، أعلن الشهر الماضي مباشرة تركيا تصدير النفط من كردستان العراق إلى الأسواق الدولية. بدورها، تقدمت السلطات العراقية بدعوى ضد تركيا لدى هيئة تحكيم دولية إثر هذا الإعلان.
ويعد تصدير النفط إحدى نقاط الخلاف الرئيسة بين حكومة بغداد وإقليم كردستان، حول تفسير الدستور، في ظل إصرار كل طرف على حقه الشرعي. وتؤكد الحكومة العراقية أنها صاحبة الحق الوحيدة لتصدير النفط العراقي الخام، وتعد العقود التي أبرمها إقليم كردستان مع شركات النفط الأجنبية غير شرعية، معارضة بذلك تصريحات حكومة أربيل.
لكن الخلاف بين الجانبين أخذ وجها جديدا بعد إعلان تركيا الشهر الماضي بدء تصدير نفط إقليم كردستان إلى الأسواق العالمية، مما زاد من حدة الخلاف بين حكومة بغداد من جهة وأربيل وأنقرة من جهة أخرى. ورفعت السلطات العراقية في 23 مايو (أيار) الماضي دعوى ضد تركيا لدى هيئة تحكيم دولية إثر إعلان أنقرة البدء بتصدير نفط الإقليم إلى الأسواق العالمية من دون إذن الحكومة العراقية.
وجاء في الدعوى التي وجهت ضد الجمهورية التركية وشركة بوتاس لخطوط نقل النفط التابعة للدولة، إلى غرفة التجارة الدولية في باريس، أن «تركيا و(شركة) بوتاس انتهكتا التزاماتهما الخاصة باتفاقية أنابيب نقل النفط، العراقية - التركية». كما طالبت بتعويض عن الأضرار قدره 250 مليون دولار (نحو 180 مليون يورو).
وفي هذا السياق، أكد الشهرستاني أن «ما قامت به تركيا سبب ضررا كبيرا للعراق»، موضحا أن «ذلك قوض الاقتصاد (العراقي) وحرم الشعب من موارده». وأضاف أن «هذا عمل عدائي لم يقم به أي جار ضد العراق». وخاطب نائب رئيس الوزراء تركيا قائلا: «أدعو حكومة تركيا إلى إعادة النظر في موقفها الذي سبب أضرارا بالعلاقات الثنائية».
في سياق متصل، عدت وزارة النفط الاتحادية، في بيان لها أمس، «حمولة الناقلة (يونايتد ليدرشيب)، وهي أول شحنة تصدر عبر خط أنابيب كردستان - تركيا تنتظر من يشتريها، تعد نفطا مسروقا ومهربا عبر الحدود بطريقة غير قانونية ومن دون موافقة الحكومة الاتحادية ووزارة النفط». ودعت الوزارة تركيا إلى «عدم التدخل في تحديد أو توزيع إيرادات الصادرات النفطية من إقليم كردستان، بحسب ادعاءات بعض مسؤوليها، كونها لا تملك صلاحيات تفسير فقرات الدستور العراقي، لا سيما تلك التي تتعلق بالثروات النفطية للبلاد، لأنه شأن داخلي، وليس من مصلحة أي طرف أو جهة خارجية التدخل في الأمر». وشددت الوزارة على أن «الملاحقة القضائية ستطال أي جهة أو شركة نفطية تتعامل أو تتبنى تسويق حمولة تلك الناقلة».
وفي هذا السياق، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة النفط العراقية، عاصم جهاد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الدستور العراقي واضح في مواده حيال الثروة النفطية، وهي أنها ثروة سيادية. ومن ثم، فإنه مع عدم تشريع قانون للنفط والغاز بسبب الخلافات السياسية والبرلمانية، فإن وزارة النفط المركزية هي المسؤولة عن الثروة النفطية في البلاد»، مشيرا إلى أن «قيام إقليم كردستان بتصدير كميات من النفط دون موافقة الحكومة الاتحادية يمثل خرقا للدستور العراقي».
في مقابل ذلك، أكد المتحدث الرسمي باسم كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي، مؤيد طيب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «حكومة الإقليم أرغمت على اتخاذ مثل هذه الخطوة بسبب الإجراءات غير الدستورية التي قامت بها الحكومة الاتحادية والمتمثلة بقطع رواتب موظفي ومتقاعدي إقليم كردستان، وهو أمر لا يمكن تبريره تحت أي ذريعة». وأضاف طيب أن «الثروة النفطية ملك الشعب العراقي، ونحن جزء منه، ولكن الدستور يعطي الحق للإقليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم في حال حصل خلاف مع المركز، ومن ثم فإننا قمنا بتصدير هذه الكمية التي سنستقطع منها رواتب الموظفين للفترة الماضية وما زاد منها توضع نسبة خمسة في المائة منه في صندوق التنمية العراقي كجزء من التعويضات المستحقة للكويت وما يتبقى يرسل إلى وزارة المالية الاتحادية». وأشار إلى أن «المسؤولين في بغداد كانوا على قناعة بأن إقليم كردستان ليس بوسعه القيام بهذه الخطوة، ومن ثم فإن القيادة الكردستانية سترضخ في النهاية للابتزاز وهو ما لم يحصل، إذ إننا نبيع النفط وهو سلعة مطلوبة لها دائما من يشتريها».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.