دور الأكراد في مستقبل التسوية عقدة قمة بوتين ـ إردوغان ـ روحاني

TT

دور الأكراد في مستقبل التسوية عقدة قمة بوتين ـ إردوغان ـ روحاني

ما زالت مسألة مشاركة الأكراد في العمليات السياسية لتسوية الأزمة السورية موضع خلاف بين الدول الضامنة لـ«عملية آستانة»، ويتوقع أن يبحث قادة روسيا وتركيا وإيران هذه المسألة خلال لقائهم في سوتشي غدا.
وقال يوري أوشاكوف، معاون الرئيس الروسي، في تصريحات، أمس، إن مسؤولين عسكريين سيكونون ضمن وفود رؤساء روسيا وتركيا وإيران في قمة سوتشي، التي سيبحثون خلالها التسوية السورية، غير أنه لم يحدد مستوى التمثيل العسكري، ولا من هي تحديداً الشخصيات العسكرية التي ستشارك. وأشار إلى أن قادة الدول الثلاث سيبحثون مسألة توجيه الدعوة للأكراد للمشاركة في مؤتمر الحوار السوري، لافتاً إلى أن «هذا الأمر لم يُحسم بعد» وأن موعد المؤتمر لم يحدد حتى الآن.
ويعقد الرؤساء؛ الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب إردوغان، والإيراني حسن روحاني، قمة ثلاثية في مدينة سوتشي الروسية غدا الأربعاء، لبحث مختلف جوانب التسوية السورية. وفي إطار التحضيرات للقمة أجرى وزراء خارجية الدول الثلاث محادثات في أنطاليا بتركيا أول من أمس. وقالت وزارة الخارجية الروسية عقب المحادثات إن الوزراء توافقوا على توصيات حول جميع جوانب مؤتمر الحوار السوري، وسيتم رفعها إلى القمة في سوتشي لبحثها. وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد عقب المحادثات أن «مشاركة الأكراد جرى بحثها»، لكنه لم يعلن عن النتائج التي توصل إليها المجتمعون بهذا الخصوص، وأكد أن القيادات العسكرية من الدول الثلاث سيجرون كذلك محادثات تمهيداً لقمة بوتين - إردوغان - روحاني في سوتشي.
وتؤكد المصادر من موسكو أن «مؤتمر الحوار السوري» الذي اقترحه الرئيس بوتين سيكون موضوعا رئيسيا على جدول أعمال القمة، فضلا عن التنسيق في المسائل المتعلقة بآليات تنفيذ مناطق خفض التصعيد. وستكون مشاركة الأكراد في العملية السياسية للتسوية السورية، ودور إيران في مناطق خفض التصعيد ملفات شائكة معقدة، سيحاول الرؤساء التوصل خلال قمتهم إلى «حلول وسط» حولها.
وقال وزير الخارجية الروسي في تصريحات من العاصمة الأذربيجانية باكو، أمس، إن رؤساء روسيا وتركيا وإيران، سيتخذون القرار خلال قمة سوتشي بشأن التوصيات التي خلص إليها الاجتماع الوزاري الثلاثي في أنطاليا «وسيقررون كذلك كيفية التعامل مع مختلف الجوانب، بما في ذلك التنظيمية، للدعوة لمؤتمر الحوار السوري»، وشدد على أهمية «أوسع تمثيل ممكن لكل أطياف المعارضة» في المؤتمر، لافتاً إلى أن روسيا تنطلق في هذا الموقف من قرارات مجلس الأمن الدولي، التي أكدت عليها مفاوضات جنيف وكذلك مفاوضات آستانة بشأن أوسع مشاركة في العملية السياسية، وعاد وأكد على «ضرورة التمثيل الواسع للسوريين الذين ستتم دعوتهم إلى المؤتمر، ويجب أن يمثلوا كل مكونات المجتمع السوري». وكانت روسيا أعلنت عبر بيان على الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الروسية يوم 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، موعدا لمؤتمر الحوار، غير أنها حذفت ذلك البيان، ومن ثم أجلت الموعد إلى «أجل غير محدد»، بعد اعتراض أميركي وفرنسي ورفض تركي لمشاركة الأكراد، وكذلك رفض من جانب الجزء الأكبر من أطياف المعارضة السورية لفكرة المؤتمر. وقالت أمس وكالة «ريا نوفوستي» نقلا عن مصادر لم تسمها، إن مؤتمر الحوار السوري قد يعقد أولى جلساته في الفترة ما بين 2 و4 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. ونقلت عن مصدر مطلع من المعارضة السورية قوله إن «جنيف8» سيجري على مرحلتين؛ الأولى تبدأ يوم 28 نوفمبر وتنتهي في 1 ديسمبر، والثانية تنطلق يوم 8 ديسمبر، وبين المرحلتين سينعقد مؤتمر الحوار السوري.
إلى ذلك، واصل وزير الخارجية الروسي انتقاداته لـ«آلية التحقيق الدولية المشتركة» الخاصة بالهجمات الكيماوية في سوريا، وقال إنها تصرفت بشكل مخزٍ، ولم ترسل خبراء إلى موقع الحدث، وزعم أن «الآلية» اكتفت بمقاطع فيديو أرسلتها منظمات غير حكومية، واتهم تلك المنظمات بالارتباط بالمتطرفين «وحتى مع الإرهابيين»، كما اتهم الولايات المتحدة برفض التوصل إلى «حلول وسط» للتوافق على مشروع قرار تمديد ولاية «آلية التحقيق». وكانت «الآلية» قالت في آخر تقرير لها إن النظام السوري يتحمل المسؤولية عن الهجوم بغاز السارين على خان شيخون يوم 4 أبريل (نيسان) الماضي. وترفض روسيا استنتاجات «الآلية»، وتنتقد أسلوب عملها في التحقيق، وتصر على اعتبار ما جرى في خان شيخون «مسرحية» أو هجوما «مفبركا» نفذه «المسلحون» لتحميل النظام المسؤولية، ومنح الأميركيين مبررات لضربه.
وكانت روسيا قالت الأمر ذاته بالنسبة للهجوم الكيماوي على الغوطة الشرقية عام 2013. واستخدم مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة حق النقض (الفيتو) مرتين الأسبوع الماضي، وأجهض قرارين لتمديد ولاية «الآلية»؛ الأول أميركي، والثاني ياباني للتمديد التقني. إلا أن موسكو اشترطت تعديلات على بنية «آلية التحقيق» وأسلوب عملها للموافقة على أي تمديد. وانتهت ولاية «الآلية» يوم 17 نوفمبر الحالي. وفي محاولة لإنقاذ الموقف، تقدمت السويد وأوروغواي بمشروع قرار، تقول موسكو إنه «تصالحي»، وينتظر أن يصوت مجلس الأمن عليه قريبا بعد استكمال المشاورات.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.