إردوغان يهاجم صحافيين وفنانين ويصفهم بـ«أعداء الأمة»

شيمشك يقلل من أهمية خصم الاتحاد الأوروبي جزءاً من مخصصات تركيا

TT

إردوغان يهاجم صحافيين وفنانين ويصفهم بـ«أعداء الأمة»

لمّح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى حملة جديدة قد تستهدف صحفا وقنوات تليفزيونية بداعي الإساءة إلى «قيم الأمة التركية»، بسبب تعليقات لبعض الكتاب ومقدمي النشرات والبرامج وبعض الفنانين تزامنت مع الاحتفال بذكرى وفاة مؤسس الجمهورية التركية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك في العاشر من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.
في غضون ذلك، واصل إردوغان هجومه على حلف شمال الأطلسي (ناتو) بسبب الإساءة إليه وإلى أتاتورك في مناورات في النرويج، بينما فتحت السلطات القضائية تحقيقا بحق مدعين أميركيين يحققون في قضية اتهام رجل الأعمال التركي من أصل إيراني رضا ضراب بالتحايل مع مسؤولي بنك تركي لانتهاك العقوبات على إيران.
وقال إردوغان في كلمة أمس أمام مؤتمر جماهيري لفرع حزبه العدالة والتنمية (الحاكم) في ولاية بايبورت (شرق تركيا): «لن نصمت أمام استغلال قيم بلادنا المشتركة من جانب حفنة من أعداء الأمة، الذين يحتلون أعمدة الصحف ويرتهنون القنوات التلفزيونية ويحتكرون عالم الثقافة والفن».
وأكد إردوغان أن تركيا التي كانت تشكل خط الحماية الأول لبعض المنظمات الدولية (في إشارة ضمنية إلى حلف الناتو بسبب حادثة مناورات النرويج)، لم تعد موجودة. وقال إن «أولئك الذين يقارنون تركيا بفترة الثمانينات والتسعينات، سوف يكتشفون أنهم مخطئون جدًا». وتابع أن «الأيام التي مورس فيها العداء ضد الديمقراطية والأمة، وكذلك ضد الأذان والعَلَم، باسم القيم المشتركة للجمهورية التركية، قد انتهت». وتابع: «كما طوينا صفحة الشبكات الشيطانية التي يقودها الدجال القابع في بنسلفانيا (في إشارة إلى فتح الله غولن حليفه الأقرب سابقا والذي يتهمه بالوقوف وراء محاولة الانقلاب)، أتمنى من أولئك الذين لا يخفون سعادتهم عند أي هجوم ضدي، أن يكونوا قد أدركوا حقيقة المسألة عندما تم استهداف أتاتورك أيضًا خلال مناورات الناتو».
وتشير تصريحات إردوغان إلى بعض تعليقات عدد من الكتاب ومقدمي نشرات الأخبار والبرامج والفنانين والمثقفين حول موقفه وحزب العدالة والتنمية الحاكم من أتاتورك، وسعيهم إلى محو إرثه ومبادئه التي قامت عليها الجمهورية التركية، وتهكّمهم على مبالغة الحزب هذا العام في مظاهر إحياء ذكرى وفاة أتاتورك الأسبوع الماضي.
ورأى مراقبون أن هذا الهجوم من جانب إردوغان قد يكون مقدمة لموجة جديدة من التضييق على بعض الصحف والقنوات التليفزيونية وفتح تحقيقات أو القيام بحملة توقيفات ضد كتاب وصحافيين وفنانين ومثقفين في الأيام المقبلة، على غرار الحملات التي تعرضت لها من قبل صحف وقنوات وكتاب معارضون لإردوغان اتهموا بالتورط في دعم الإرهاب ومحاولة الانقلاب الفاشلة.
في المقابل، أثنى إردوغان على موقف أحزاب المعارضة التركية على خلفية ما حدث في مناورات الناتو بالنرويج، ووصفها بالإيجابية. وسحبت تركيا، يوم الجمعة الماضي عناصر قواتها من مناورات لحلف شمال الأطلسي في النرويج، في يومها الأخير بسبب حادثتين منفصلتين وقعتا خلال المناورات.
تمثلت الأولى في قيام أحد أفراد الطاقم الفني التابع للمركز العسكري المشترك بالنرويج، المشرف على تصميم نماذج المحاكاة للسيرة الذاتية لقادة العدو، بوضع تمثال لأتاتورك ضمن السيرة الذاتية لأحد قادة الأعداء المفترضين. وتمثّلت الثانية في فتح أحد الموظفين المدنيين المتعاقدين مع الجيش النرويجي، أثناء دروس المحاكاة، حسابًا باسم «رجب طيب إردوغان» في برنامج محادثة، لاستخدامه في التدريب على إقامة علاقات مع قادة دول عدوة والتعاون معها.
وقال إردوغان أمس إن ما حدث في المناورات لا يستهدف شخصه أو مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك فحسب، وإن وضع صورهما على لوحات التدريب على الرماية لا يستهدفهما بل يستهدف الأمة التركية.
وقدم كل من أمين عام الناتو ينس ستولتنبرغ، ووزير الدفاع النرويجي فرانك باك ينسن، وقائد المركز العسكري المشترك في النرويج، أندرزج ريودويتز، اعتذارات لتركيا، على خلفية الواقعة، ووعود بمحاسبة المتورطين.
ورفض إردوغان، مساء أول من أمس السبت، الاعتذار الذي قدمه ستولتنبرغ، وقال في خطاب جماهيري في ولاية ريزة شمال شرقي البلاد: «رأيتم التصرف المسيء في مناورات الناتو، هناك أخطاء لا يرتكبها الحمقى (...)». واعتبر الرئيس التركي أن «هذا التصرف المسيء لا يمكن العفو عنه بهذه السهولة»، قائلا إن «هذه المسألة لا يمكن التغاضي عنها بمجرد اعتذار».
وقدم ستولتنبرغ اعتذراً رسمياً خلال اتصال هاتفي أجراه مع إردوغان، بحسب ما أعلنت الرئاسة التركية التي ذكرت أنه أكد لإردوغان إطلاق تحقيق في الواقعة، وتسريح موظف نرويجي متعاقد متورط في الحادثة وشدد على أن تركيا حليف مهم بالنسبة لـ«الناتو»، وأنه سيتم اتخاذ جميع التدابير لضمان عدم تكرار الحادثة، معرباً عن أمله في ألَّا تؤثر على علاقات تركيا مع الحلف.
وقال إردوغان إن انتخابات عام 2019 (الرئاسية والبرلمانية) ستكون نقطة تحول مهمة في كفاح تركيا لأجل الاستقلال والمستقبل، وستكون تركيا بعد تجاوزها أقوى وأسرع نحو تحقيق أهدافها المنشودة.
في سياق آخر، فتح مكتب المدعي العام في إسطنبول تحقيقا بخصوص توجيه ممثلي ادعاء أميركيين اتهامات لتاجر الذهب التركي من أصل إيراني رضا ضراب الذي يواجه محاكمة في نيويورك بتهمة التحايل لانتهاك العقوبات على إيران.
ويحقق الادعاء التركي بشأن ممثل الادعاء الأميركي السابق بريت بهارارا ونائب ممثل الادعاء جون إتش. كيم بعد مزاعم بأن قضيتهما تستند إلى وثائق تقول تركيا إنها ملفقة.
وجاء تحرك النيابة العامة في إسطنبول بعدما ذكر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أول أمس، أن القضية الأميركية استندت إلى وثائق لفّقها أتباع فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب العام الماضي، واصفا بهارارا بأنه «مقرب جدا» من حركة الخدمة التابعة لغولن.
ورد بهارارا على تصريحات جاويش أوغلو في تغريدة على «تويتر» اتهمه فيها بالكذب قائلا إن «وزير خارجية تركيا كاذب.. الآن دعونا نرى ما سيحدث في المحكمة».
وتسببت قضية ضراب، الذي كان المتهم الأبرز في تحقيقات حول قضايا فساد ورشوة ضخمة جرت في تركيا في نهاية العام 2013 واستقال على أثرها 4 وزراء في حكومة إردوغان الذي كان رئيسا للوزراء في ذلك الوقت وأمر بإغلاق التحقيقات معتبرا أنها كانت محاولة من جانب حركة غولن للإطاحة بحكومته، إلى توتر في العلاقات المضطربة بالأساس بين أنقرة وواشنطن.
ووجه الادعاء اتهامات لضراب وشركائه، ومنهم المدير التنفيذي لبنك خلق الحكومة التركي محمد أتيلا، بالتآمر لإجراء تحويلات مالية بمئات الملايين من الدولارات لمساعدة الحكومة الإيرانية أو كيانات إيرانية أخرى للإفلات من العقوبات الأميركية في الفترة من العام 2010 إلى العام 2015 وينفي ضراب، الذي من المقرر أن يمثل أمام المحكمة في نيويورك يوم 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري الاتهامات.
وكان الادعاء العام في تحقيقات فضيحة الفساد والرشوة في تركيا في 2013، وجه الاتهام لضراب ومسؤولين كبار في الحكومة وبنك خلق ورجال أعمال مقربين لإردوغان، بالتورط في تسهيل تحويل أموال إيرانية عبر تهريب الذهب إلى تركيا.
وأقالت الحكومة التركية بعد ذلك، أو نقلت، جميع رجال الأمن ومدعي العموم الذين شاركوا في هذه التحقيقات التي اعتبرت من جانب إردوغان مؤامرة على حكومته. ووصف نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية، بكير بوزداغ، القضية المنظورة ضد ضراب في الولايات المتحدة بأنها لا أساس لها وذات دوافع سياسية.
وقال أمام تجمع جماهيري في ولاية اديامان، جنوب شرقي البلاد، أمس الأحد إن القضية كانت جزءا من عملية مناهضة لتركيا دبرتها حركة غولن، التي دبرت لاحقا الانقلاب المدمر الذي هزم في تركيا العام الماضي.
وأضاف أن هذا هو ما حاولت حركة غولن تحقيقه خلال محاولة الانقلاب القضائي التي جرت في الفترة من 17 إلى 25 ديسمبر (كانون الأول) عام 2013. لكنها فشلت، وتقوم حاليا بمحاولة أخرى ضد تركيا في الولايات المتحدة.
في سياق آخر، قلل نائب رئيس الوزراء التركي للشؤون الاقتصادية محمد شيمشك من احتمالات تأثير توجه الاتحاد الأوروبي إلى خصم جزء من المعونات المقدمة لتركيا في إطار مفاوضات العضوية على اقتصادها.
واعتبر شيمشك في مقابلة تلفزيونية أمس (الأحد) القرار الأوروبي، الذي أعلن مساء السبت، «لا يعني شيئا» قائلاً: «تأثير الخبر سيئ جداً، إلا أنه لا يعني شيئا».
وأشار إلى أن حصّة تركيا من الاقتصاد العالمي للعام 2018 ستبلغ 210 مليارات دولار على الأقل، أي نحو 180 مليار يورو، قائلاً، «الحديث يدور عن 105 ملايين يورو من المعونات الأوروبية».
ويقدم الاتحاد الأوروبي معونات مالية للدول المرشحة للانضمام إلى عضويته من أجل مساعدتها في تطبيق «معايير كوبنهاغن» وأعلن الاتحاد أول من أمس ميزانيته للعام 2018 التي كشفت عن خفض ملحوظ في التمويل المخصص لتركيا على خلفية الشكوك حيال التزامها بمسائل تخص مفاهيم الديمقراطية ودولة القانون وحقوق الإنسان.
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قادت خلال حملتها الانتخابية مؤخرا المطالبة بخفض التمويل الذي يمنحه الاتحاد الأوروبي للدول التي تجري مفاوضات للانضمام إليه عقب حملة الاعتقالات الواسعة في تركيا منذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في يوليو (تموز) 2016.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».