مصر: إخلاء سبيل نشطاء نوبيين طالبوا بحق العودة إلى أراضيهم

TT

مصر: إخلاء سبيل نشطاء نوبيين طالبوا بحق العودة إلى أراضيهم

قضت محكمة مصرية أمس بإخلاء سبيل جميع المحتجزين في القضية المعروفة إعلامياً بـ«مسيرة الدفوف»، وتأجيل الجلسة إلى 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل لإصدار الحكم النهائي.
وكان المحامي العام لنيابات أسوان بجنوب مصر قد أحال المحتجزين، وهم مجموعة من النشطاء النوبيين، نظموا مظاهرة لدعم حق عودتهم إلى أراضيهم القديمة، إلى محكمة جنح أمن دولة طوارئ الاثنين الماضي، وحددت لها جلسة أمس.
ويطالب النوبيون بتطبيق مادة في الدستور تنص على توطينهم على ضفاف بحيرة السد العالي، التي غمرت مياهها قراهم وقت بناء السد، إثر موجات من النزوح الداخلي بين عامي 1912 و1964. و«تنص فقرة في الدستور المصري على أن الدولة يجب أن تعمل على تنفيذ مشروعات تعيد سكان النوبة إلى مناطقهم الأصلية، وتنميتها خلال عشر سنوات، وذلك على النحو الذي ينظمه القانون».
وألقت قوات الأمن القبض على 25 نوبياً أثناء مسيرة تحت شعار «يوم التجمع النوبي» مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، وأحالتهم إلى النيابة العامة في أسوان، التي وجهت لهم تهم «التظاهر دون تصريح مسبق من الجهات المختصة، وقطع الطريق العام، وإحراز منشورات، والإخلال بالأمن العام».
وأصدرت سلطات مصر في نهاية عام 2013 قانون «الحق في التظاهر»... وتنص المادتان (8 و10) من القانون على ضرورة الإخطار قبل القيام بالمظاهرة، وسلطة وزير الداخلية في إصدار قرار مسبب بمنع المظاهرة، أو إرجائها أو نقلها في حالة وجود ما يهدد الأمن والسلم، فيما تنص المادتان (7 و19) على تجريم المشاركة في مظاهرة أخلت بالأمن، أو عطلت مصالح المواطنين أو حركة المرور، ومعاقبة كل من خالف ذلك بعقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة، والغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه.
ويقول النشطاء النوبيون إن «الدستور المصري كفل حرية التعبير»، وأعلنوا رفضهم إلزامهم بالحصول على موافقة أمنية عند التظاهر. في المقابل، تقول الحكومة المصرية إن «قانون التظاهر مهم جداً، وتفرضه الظروف الأمنية في البلاد التي تواجه تنظيمات إرهابية تنفذ أعمال عنف ضد الأبرياء».
وأصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أكثر من قرار بالعفو عن سجناء أدينوا بموجب قانون التظاهر. ويضغط النوبيون منذ نصف قرن على الحكومة لإعادتهم إلى أراضيهم على ضفاف النيل، في مسعى مستميت لاسترداد الأراضي التي زرعها أسلافهم قبل ثلاثة آلاف عام. وسبق أن حثت منظمة العفو الدولية السلطات المصرية على الإفراج عن النشطاء النوبيين المشار إليهم سابقاً، عقب لجوء عدد من النوبيين في خارج البلاد إليها للتدخل، مهددين أكثر من مرة حينها بتدويل القضية النوبية.
وقامت الحكومات المصرية المتعاقبة بتهجير النوبيين من أراضيهم الأصلية من أجل إقامة مشروعات للتنمية، وفي أعقاب ثورة «25 يناير (كانون الثاني)» عام 2011 التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، أصبح الناشطون النوبيون أكثر تنظيماً، وأعلى صوتاً في التعبير عن مطالبهم، وأسفرت ضغوطهم التي مارسوها من خلال الوقفات السلمية في القاهرة عن وضع نص جديد في الدستور المصري عام 2014 بحقهم في العودة إلى أراضيهم في النوبة الجديدة على بحيرة السد العالي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.