هيئة قطارات النمسا تستحدث إجراءات أمنية لسلامة الأطفال

بعد حادثتين أوديتا بحياة رضيعين

TT

هيئة قطارات النمسا تستحدث إجراءات أمنية لسلامة الأطفال

ثوانٍ فقط، وسط دهشة الجميع وعجزهم عن فعل شيء، مات الطفل، حين دهسه قطار شحن ساحقا عربته التي اندفعت مسرعة وسقطت على قضبانه، فيما كانت الأم لا تزال ممسكة بجوالها، وصديقتها على الخط تصرخ ماذا حدث؟
هذا الحادث الفظيع ليس مشهداً في فيلم سينمائي مرعب، وإنما هو حادث حقيقي تكرّر مرتين في محطتي قطارات بالنمسا، آخرهما كان في 4 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في محطة بوش تيننغاو بإقليم سالزبورغ، والأول في أبريل (نيسان) 2015، بمحطة إيبلزبريرغ لينز في إقليم النمسا العليا.
بالطبع هزت الصدمتان الجميع، سيما وأنّ الخطأ في الحالتين سُجّل على أنّه خطأ الأمهات، ووجهت لكلتيهما على الرغم من فاجعتيهما جريمة القتل إهمالا. في المرة الأولى كانت الأم، كما أثبتت كاميرات المراقبة في المحطة، تقف قريباً جداً من مسار القطار وأمامها عربة الطفل غير مفرملة، فتدحرجت بسرعة غير متوقعة؛ وبالنسبة للحادث الثاني، لم تكن الأم ممسكة بعربة الطفل على الإطلاق، وكانت تتحدث على الجوال. وفي الحالتين مات الصغيران ميتة فظيعة.
صباح الأمس، أعلنت هيئة قطارات النمسا «أو بي بي»، عن إجراءات جديدة بصدد استحداثها والاستعانة بها لتنبيه كل من بصحبته عربة دفع أو كرسي متحرك أو دراجة هوائية بمنصات وأرصفة القطارات، بمراعاة السلامة والالتزام بالوقوف على بعد مسافة كافية، تماما كما تبين الخطوط المرسومة أرضاً، وسحب فرامل العربات المتحركة وتشديد القبض عليها حتى لا تفلت متدحرجة. كما ستضاف هذه التنبيهات كإعلانات جديدة تذاع، إضافة لتلك التي تذاع عند دخول كل قطار إلى المحطة.
وكانت الإعلانات عادة تكتفي بإذاعة دخول القطارات ورقم الرصيف، وأحيانا للتنبيه من وجود فراغ بين الرصيف والقطار.
إلى ذلك أعلنت الهيئة عن توزيع ملصقات بمختلف المحطات والأرصفة لمزيد من التنبيه، كما ستشرع في تركيب نوع من الأحزمة والشماعات علاقات بالأرصفة والمنصات لاستخدامها في تثبيت عربات الأطفال أثناء انتظار القطارات، تماما كتلك الموجودة داخل القطارات والترومايات لربط عربات الأطفال حتى لا تتحرك وتعرّض الصغار لأي خطر أثناء سير القطار، داعية لتعاون الجميع لمزيد من الأمان.



«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».