سجل القطاع العقاري السعودي خلال الأشهر العشرة الأخيرة، وبالتحديد منذ بداية العام الحالي، انخفاضاً في إجمالي قيمة الصفقات بنسبة تجاوزت 27.4 في المائة، ليستقر إجمالي قيمة الصفقات العقارية عند 44 مليار دولار، مقارنة بنحو 60 مليار دولار للفترة نفسها من العام الماضي، ويتضح من خلال المؤشرات العقارية انخفاض كل الأنشطة بلا استثناء مع الاختلاف في نسبها، إلا أن هذا الانخفاض يأتي امتداداً لما يحدث في السوق خلال السنوات الثلاث الأخيرة، التي بدأت فيها حركة السوق تسير بشكل عكسي، لتحقق نزولاً متتالياً في قيمة وعدد الصفقات.
وألقت رسوم الأراضي بظلالها على المشهد العقاري العام من ناحية القيمة والعرض والطلب، مدفوعة بالمستويات المنخفضة أيضاً في الطلب على القطاع التجاري منها، الذي طالما نجا من الانخفاضات السوقية وظل حتى وقت متأخر محافظاً على مستويات جيدة، مقارنة بالسكني الذي تتفاوت حركته اهتزازاً بشكل دوري، كما أن لدخول وزارة الإسكان دوراً كبيراً في الضغط نحو الاتجاه الصحيح عبر فرض التشريعات التقييدية ودخولها كمطور غير ربحي عبر برنامج «سكني»، تحديداً الذي ظل منتظماً في دفعاته.
وبيّن صالح الغنام المدير العام لشركة الغنام للتطوير العقاري، أن انخفاض قيمة الصفقات متناقص بشكل سنوي منذ عام 2014، الذي يعتبر الأقوى على الإطلاق، خصوصاً في العقد الأخير، إذ إن الحديث عن انخفاض قيمة الصفقات لا يعتبر جديداً، بل إنه متزايد من عام لآخر بانتظار انخفاض مناسب للأسعار بعد موجة التضخم التي ضربت السوق خلال السنوات الأخيرة، وبدأ بشكل تدريجي الانحسار، ويتضح ذلك جلياً في الجدول الدوري لأسعار المناطق والمدن في جميع الأنشطة العقارية، وخصوصاً الأراضي التي تأثرت بشكل كبير.
وأضاف الغنام، أن السوق تشهد نزولاً ملحوظاً في الأسعار تماشياً مع الطلب لمستويات معقولة ومغرية، خصوصاً أن السوق بدأت فعلياً دفع فواتير الرسوم، وهو القرار الذي يشهد زخماً كبيراً في السوق والأسعار وقتياً، بدليل تسييل كميات كبيرة من الأراضي الفترة الماضية، إلا أن ما يميز هذا الربع أن هناك انخفاضاً ملحوظاً في القيمة، رغم أنه غير مكافئ للانخفاض في الطلب، ما يوحي أن هناك انخفاضات مقبلة في القيمة بعد أكبر سلسلة ارتفاعات شهدها القطاع العقاري السعودي، لافتاً إلى أن ما يحدث الآن ما هو إلا تصحيح للوضع العقاري الذي بدأت ملامح السيطرة عليه تتضح.
وانخفض إجمالي الصفقات العقارية خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2017، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي بنسبة طفيفة لم تتجاوز 0.8 في المائة (ارتفاع عدد صفقات القطاع السكني بنسبة 0.7 في المائة، انخفاض عدد صفقات القطاع التجاري بنسبة 9.7 في المائة)، كما انخفض عدد العقارات المباعة خلال الفترة نفسها مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي بنسبة 2.9 في المائة (انخفاض عقارات القطاع السكني بنسبة 1 في المائة، انخفاض عقارات القطاع التجاري بنسبة 13 في المائة)
وأشار مشعل الغامدي المستثمر العقاري، إلى أن فقد السوق ما يزيد على 27 في المائة خلال 10 أشهر مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، معدل كبير يحتاج إلى تدعيم أكبر من ناحية انخفاض ملائم للسعر، وعلى الرغم من سعي الدولة إلى احتواء الأسعار وإعادتها إلى ما كانت عليه، عبر سن التشريعات التي تدعو إلى ذلك، فإن الحلقة المفقودة تتمثل في ارتفاع أسعار العقار إلى مستويات كبيرة، ما يعكس الحال في السوق التي تعيش أسوأ أيامها منذ سنوات طويلة في ظل شح السيولة لدى المشترين، خصوصاً لقطاع الإسكان الذي يعيش أياماً عصيبة في ظل عدم وضوح الرؤية، بانتظار ما تفضي إليه الرسوم عبر انخفاض حقيقي في الأسعار، وبالتالي التمكن من الشراء، بالإضافة إلى أن المشكلة الحقيقية تكمن في الفجوة بين قدرة المشتري وسعر البائع، وهو ما تحاول الدولة إيجاد توافق فيه بطرق مختلفة.
وزاد: «الحديث عن فتح خيارات تمويل، سواء كانت حكومية أو غير حكومية غير مجدٍ في هذا التوقيت بالذات، في ظل ارتفاع أسعار العقار لأكثر من قيمتها الحقيقية رغم انخفاضها منذ نهاية العام الماضي، إلا أنها ليست ملائمة لحال السوق والمعدلات الحقيقية للطلب المرتبط بالشراء»، لافتاً إلى أن الانخفاض جاء بعد توقف الطلب أو تقلصه إلى حد كبير بضغط من الواقع الذي يعجز المستثمرون عن تطويره والسيطرة عليه لتحريك السوق وفتح جبهات استثمارية جديدة، تمكنهم من جني الأرباح بشكل مضاعف، وهو ما لا سيحدث في حال استمرار الأسعار مرتفعة.
وانخفضت قيمة الصفقات الأسبوعية للسوق العقارية للأسبوع الثاني على التوالي بنسبة 2.2 في المائة، مقارنة بانخفاضها خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 1.1 في المائة، ليستقر إجمالي قيمة صفقات السوق العقارية بنهاية الأسبوع الأخير من أكتوبر (تشرين الأول) من العام الحالي عند مستوى 1.1 مليار دولار، ويُعزى انخفاض إجمالي قيمة الصفقات العقارية خلال الأسبوع الماضي إلى انخفاض جميع بنود الصفقات العقارية باستثناء صفقات العمائر التي سجلت منفردة ارتفاعاً بنسبة 4.4 في المائة، وجاء التأثير الأكبر في انخفاض قيمة الصفقات من انخفاض قيمة صفقات الأراضي السكنية، التي انخفضت خلال تعاملات الأسبوع الماضي بنسبة 8.7 في المائة، وما يمثله وزنها النسبي الكبير إلى إجمالي قيمة صفقات السوق، الذي وصل إلى نحو 87.1 في المائة.
من جهته، أشار وليد الرويشد الذي يدير شركة مستقبل الإعمار العقارية، إلى أن الضغوطات ترمي إلى خفض الأسعار لتكون في متناول الجميع، وهو ما يحصل الآن، ورغم عدم ملاءمة الأسعار إلى حد كبير مع قدرات المشترين، فإنه يعتبر أن هناك تفاؤلاً نحو واقع جديد، يفتح فرضية وقوع مزيد من الانخفاضات خلال الفترة المقبلة في ظل تبلور الأسباب المؤدية إلى ذلك، مبيناً أن الاستجداء بالتمويلات العقارية لن يكون مجدياً، خصوصاً أن جوهر الحركة يكمن في قيمة العقار التي تعتبر مرتفعة وأكبر من قدرة شريحة كبيرة من الراغبين في التملك، وأن الانخفاض الملحوظ في إطلاق المشاريع التجارية التي باتت محدودة بشكل ملحوظ يعكس حال السوق.
وأضاف الرويشد أن المستثمرين العقاريين الآن يعيدون النظر في أسعار ما يمتلكونه أو يعرضونه من عقارات بعد انخفاض الطلب لمستويات كبيرة، مبيناً أن المواطنين يتريثون بالشراء في الوقت الحالي، لحين البت فيما ستفضي إليه الخطوات الحكومية المقبلة التي باتت تفاجئ المستثمرين وتسحب البساط من تحت أرجلهم، وأن العمليات الحكومية الأخيرة ستثري بشكل كبير في ميزان العرض الذي يعيش تناقصاً كبيراً بالنسبة للطلب الذي يفوق قدرة الجميع.
وتباين التغير في قيمة الصفقات العقارية لكل من القطاعين السكني والتجاري، إذ انخفضت قيمة صفقات القطاع السكني بنسبة 6.1 في المائة، مقارنة بارتفاعها خلال الأسبوع الأسبق بنسبة 12.2 في المائة، لتستقر قيمة الصفقات السكنية مع نهاية الأسبوع عند أدنى من مستوى 850 مليون دولار. فيما ارتفعت قيمة صفقات القطاع التجاري بنسبة 10.3 في المائة، مقارنة بانخفاضها خلال الأسبوع الأسبق بنسبة قياسية بلغت 28.4 في المائة، لتستقر قيمة الصفقات التجارية مع نهاية الأسبوع عند أدنى من مستوى 320 مليون دولار.
انخفاض الصفقات العقارية السعودية 27 % منذ مطلع العام
السوق بلغت الذروة في 2014 وبدأت الانحسار تدريجياً
انخفاض الصفقات العقارية السعودية 27 % منذ مطلع العام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة