حكومة كردستان تعرض نشراً مشتركاً للقوات على المنافذ الحدودية

بعد اتهام بغداد لها بـ«التسويف واستغلال المحادثات»

معبر فيشخابور الحدودي بين العراق وتركيا - أرشف (رويترز)
معبر فيشخابور الحدودي بين العراق وتركيا - أرشف (رويترز)
TT

حكومة كردستان تعرض نشراً مشتركاً للقوات على المنافذ الحدودية

معبر فيشخابور الحدودي بين العراق وتركيا - أرشف (رويترز)
معبر فيشخابور الحدودي بين العراق وتركيا - أرشف (رويترز)

عرض إقليم كردستان العراق، اليوم (الخميس)، نشر قوات عراقية كردية مشتركة عند معبر حدودي استراتيجي مع تركيا بمشاركة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، في إطار تسوية تهدف إلى إنهاء المواجهة مع بغداد.
وجاء العرض بعد ساعات من اتهام القوات المسلحة العراقية لحكومة كردستان بتأخير تسليم السيطرة على الحدود وباستغلال المحادثات
"للتسويف" من أجل تعزيز الدفاعات الكردية وتهديدها باستئناف العمليات للسيطرة على الأراضي الخاضعة للأكراد.
وبدأت الحكومة المركزية في بغداد مجموعة من الإجراءات ضد الإقليم منذ أن أجرى استفتاء على الاستقلال في الخامس والعشرين من سبتمبر
(أيلول) الماضي، اعتبرته بغداد غير قانوني.
واجتاحت قوات الحكومة المركزية مناطق يسيطر عليها الأكراد الشهر الماضي وطالبت بالسيطرة على كل نقاط التفتيش الحدودية بما فيها الحدود التركية التي كان الأكراد يسيطرون عليها منذ عهد الرئيس العراقي الأسبق الراحل صدام حسين.
وسعى الأكراد، على مدى الأسبوع الماضي، لنزع فتيل الأزمة عن طريق المفاوضات.
من جهتها، قالت وزارة شؤون البيشمركة الكردية المعنية بالدفاع في حكومة إقليم كردستان إن العرض جزء من اقتراح من خمس نقاط "لنزع
فتيل الصراع" قُدم للحكومة العراقية يوم 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وتشمل النقاط الأخرى، وفق البيشمركة، وقفا لإطلاق النار على جميع الجبهات واستمرار التعاون في قتال "داعش" الارهابي وانتشارا مشتركا فيما يسمى بالمناطق المتنازع عليها.
وقال البيان الكردي إن حكومة كردستان "لا تزال ترحب بوقف إطلاق النار الدائم على كافة الجبهات ونزع فتيل الصراع وإطلاق حوار سياسي".
وأوقف رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي العمليات العسكرية ضد الإقليم يوم الجمعة فيما يعقد الجانبان منذ ذلك الحين محادثات تقول
بغداد إنها تشمل القضايا الفنية فقط. ويقول العبادي إن القضايا السياسية لن تطرح للنقاش ما لم يتراجع الأكراد عن الاستفتاء.
وتؤيد إيران وتركيا الإجراءات التي اتخذها العبادي ضد الإقليم خشية أن تستشري نزعة الاستقلال بين السكان الأكراد في الدولتين.
وجاء في البيان الكردي أن الانتشار المشترك عند معبر فيش خابور الاستراتيجي يمثل "بادرة حسن نية وتحركا لبناء الثقة يضمن ترتيبا
محدودا ومؤقتا إلى حين الوصول لاتفاق بموجب الدستور العراقي".
ولفيش خابور أهمية استراتيجية لمنطقة كردستان؛ إذ أنها نقطة يمر منها خط أنابيب النفط التابع لها إلى تركيا.
من جهته، قال مدير عام شركة تسويق النفط العراقية (سومو) اليوم، إن بلاده تريد من إقليم كردستان أن يوقف صادرات النفط المستقلة وأن
يسلم عمليات المبيعات إلى الشركة الحكومية العراقية التي تتولى تسويق النفط.
وقال علاء الياسري المدير العام بالوكالة لـ(سومو) للصحفيين في بغداد، إن العراق يجرى محادثات مع تركيا للسماح لسومو ببيع النفط
الكردي الذي يصل عبر خط أنابيب إلى ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط.
وكانت قيادة العمليات العراقية المشتركة قد اتهمت حكومة إقليم كردستان باستغلال المحادثات "للتسويف" من أجل تعزيز الدفاعات الكردية. وقالت في بيان "لن نسمح بذلك والآن فإن القوات الاتحادية مأمورة بتأمين المناطق والحدود".
بدورها، اتهمت قيادة البشمركة القوات العراقية أمس (الأربعاء) بحشد السلاح وبالتهديد بالقوة لحل "خلافات سياسية داخلية".
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في العراق، إن أكثر من 183 ألف مدني نزحوا بسبب الصراع بينهم 79 ألفا من مدينة
كركوك التي سيطرت عليها بغداد.
وقال مسؤول عن الشؤون الإنسانية يشارك في جهود الإغاثة، إن أكثر من ثلاثة أرباع النازحين من الأكراد.
وأقامت القوات العراقية مواقع لها على الحدود التركية أول من أمس (الثلاثاء) لأول مرة بين نقاط تفتيش تركية وكردية عند معبر الخابور؛ وهو الاسم التركي للمعبر البري الواقع على مسافة عشرة كيلومترات من فيش خابور في العراق.
والحدود التركية مع الإقليم الكردي مسألة أمنية حيوية لتركيا التي تقول إن متمردين أكرادا يقاتلون الدولة التركية يختبئون عبر الحدود.
وقال الجيش التركي اليوم إن قوات الأمن التركية قتلت 17 من مقاتلي حزب العمال الكردستاني قرب الحدود بعد مقتل ثمانية من أفراد قوات الأمن التركية في اشتباكات.
وأضاف الجيش إن القوات اعترضت طريق المقاتلين الأكراد لدى عبورهم الحدود إلى تركيا.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.