قصف على مدرسة شرق دمشق... وحصار على جنوبها

قوات النظام تصعد على أطراف العاصمة بعد ساعات من إدخال مساعدات

TT

قصف على مدرسة شرق دمشق... وحصار على جنوبها

تعرضت الغوطة الشرقية التي تحاصرها قوات النظام السوري لقصف بعد أقل من 24 ساعة على وصول مساعدات غذائية أممية إليها، حيث سُجّل مقتل 30 شخصاً معظمهم من تلاميذ المدارس، نتيجة قذائف استهدفت مناطق وأحياء عدة، في وقت أُفيد باغلاق معبر مع منطقة جنوب دمشق.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بتوسّع دائرة القصف واشتداده منذ صباح أمس، مشيراً إلى استهدافه بلدة جسرين ومدينتي دوما وسقبا وبلدة مسرابا ومدينة حرستا وبلدة عين ترما وأطرافها، حيث وثّق مقتل 5 أشخاص بينهم 4 أطفال جراء قذيفة سقطت عند بوابة مدرسة في بلدة جسرين، بينما استهدفت قوات النظام بلدة مسرابا بقذيفتين سقطتا على مناطق في وسط البلدة، ما أسفر عن مقتل 3 أشخاص بينهم طفلة. وفي حرستا أيضاً قصفت قوات النظام منطقة قرب مدرسة ابتدائية، ما أدى إلى إصابة نحو 10 أشخاص بجراح غالبيتهم من الأطفال، وطال القصف أيضاً مناطق في مدينتي دوما وسقبا وبلدة عين ترما، حيث سُجّل سقوط عشرات الجرحى بحالة خطرة، ورجّح المرصد ارتفاع عدد القتلى في صفوفهم.
وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية: «سقطت القذيفة التي أطلقتها قوات النظام أمام مدخل المدرسة في مدينة جسرين في أثناء انصراف الطلاب، موقعة 5 قتلى بينهم 4 أطفال من التلاميذ». وأكد مصدر طبي في مستشفى نُقل إليه المصابون في جسرين، للوكالة نفسها، مقتل 4 أطفال.
وأتى هذا القصف بعد أقل من 24 ساعة على دخول مساعدات إنسانية إلى غوطة دمشق الشرقية، المحاصَرة، للمرة الأولى من شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، حيث أشار «المرصد» إلى أنها لا تزال في المراكز التي جرى تخزينها فيها بعد إفراغ حمولة الشاحنات، من دون أن يبدأ العمل على توزيعها. وكانت قد دخلت المساعدات من معبر مخيم الوافدين المحاذي للغوطة الشرقية، بعد تفاقم الوضع الإنساني فيها سوءاً، نتيجة تضييق الخناق عليها بشكل أكبر من قبل قوات النظام وروسيا، حسب المرصد.
وتشكل الغوطة الشرقية واحدة من 4 مناطق سورية تم التوصل فيها إلى اتفاق خفض توتر في مايو (أيار) في إطار محادثات أستانة، برعاية كلٍّ من روسيا وإيران، حليفتي دمشق، وتركيا، الداعمة للمعارضة.
وكان 11 شخصاً قُتلوا، الأحد الماضي، بينهم صحافي معارض، في قصف استهدف مدينتين في الغوطة الشرقية المحاصرة منذ 4 سنوات ويعيش فيها نحو 400 ألف شخص في ظل ظروف إنسانية صعبة للغاية.
وأسهم اتفاق خفض التوتر الذي بدأ سريانه في الغوطة الشرقية عملياً في يوليو (تموز)، في تراجع المعارك والغارات العنيفة التي كانت تستهدف تلك المنطقة باستمرار موقِعةً خسائر بشرية كبرى، إلا أن ذلك لم يُترجم تكثيفاً لوتيرة إدخال المساعدات إلى هذه المناطق، حيث يعاني أكثر من 1100 طفل من سوء تغذية حاد، حسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) وتوفِّي طفلان رضيعان قبل أكثر من أسبوع جراء أمراض فاقمها سوء التغذية.
إلى ذلك، قالت مصادر في المعارضة إن قوات النظام أغلقت المعبر الوحيد لحي القدم جنوب العاصمة دمشق، والواقع بغالبيته تحت سيطرة المعارضة، وذكرت «شبكة صوت العاصمة» أن المخابرات الجوية التابعة للنظام أغلقت صباح أمس (الثلاثاء)، المعبر في منطقة البوابة الفاصلة ببين حي الميدان ومناطق «خفض التصعيد في القدم. كما تم استجواب اللجنة القائمة المشرفة على حاجز العسالي في تلك المنطقة من قبل المخابرات الجوية النظامية».
وتخضع أجزاء واسعة من حي القدم لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة، بينما يسيطر النظام على الأجزاء الشمالية الغربية، وبعد اتفاق «تخفيض التصعيد» دخل حي القدم بالاتفاق بوساطة مصرية الشهر الماضي. علماً بأن حي القدم يشهد هدوءاً جراء هدنة بين النظام والفصائل المسلحة هناك منذ عدة أعوام.
وشهدت أجواء العاصمة، أمس، توتراً على خلفية تساقط قذائف هاون على عدد من أحياء وضواحي دمشق، أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من المدنيين، بينما قُتل 4 تلاميذ جراء سقوط قذيفة أطلقها النظام على مدرسة في بلدة جسرين بالغوطة الشرقية.
وقالت قيادة شرطة ريف دمشق التابعة للنظام إن «سقوط 3 قذائف أطلقها المسلحون على جرمانا، أدى إلی إصابة 4 مدنيين»، بينما سقطت قذائف أخرى على أحياء الأمين أسفرت عن 5 إصابات بين المدنيين، وسقطت قذائف أخرى على باب شرقي ودوار البيطرة ومحيط حي القصاع على الأطراف الشرقية لمدينة دمشق.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.