الديمقراطية الكينية في أزمة دستورية وسياسية

انتخابات رئاسية غير مكتملة ومقاطعة للمعارضة

محتجّ على الانتخابات يحمل ساطوراً في إحدى عشوائيات نيروبي (رويترز)
محتجّ على الانتخابات يحمل ساطوراً في إحدى عشوائيات نيروبي (رويترز)
TT

الديمقراطية الكينية في أزمة دستورية وسياسية

محتجّ على الانتخابات يحمل ساطوراً في إحدى عشوائيات نيروبي (رويترز)
محتجّ على الانتخابات يحمل ساطوراً في إحدى عشوائيات نيروبي (رويترز)

في معاقل المعارضة الكينية في ضواحي العاصمة نيروبي وغرب البلاد، اندلعت أعمال عنف أسفرت عن 9 قتلى على الأقل مع بدء الانتخابات الرئاسية الكينية.
في ضاحية كوانغواري في نيروبي، اندلعت صدامات بين مجموعات، خصوصاً بين «أتنية كيكويو» التي ينتمي إليها الرئيس أوهورو كينياتا، وهي الأكثرية في البلاد، وشبان من مجموعة «ليو» التي ينتمي إليها زعيم المعارضة رايلا أودينغا، وأُحرقت أكشاك لتجار ينتمون إلى «أتنية كيكويو». وسادت حال من الغموض والارتباك، أمس (السبت)، حيث تصدر الرئيس المنتهية ولايته أوهورو كينياتا بفارق كبير، الانتخابات الرئاسية، التي قاطعتها المعارضة واتسمت بمشاركة جزئية وأعمال عنف دامية. وتؤجج المشاركة الضعيفة ومقاطعة المعارضة، الجدال أيضاً في الصحافة حول شرعية الانتخابات التي يمكن الاعتراض عليها في المحكمة العليا.
وتواصلت، أمس، عمليات تجميع نتائج الانتخابات الرئاسية. وأفادت نتائج غير رسمية نشرتها «ذي نايشن» إحدى أبرز الصحف اليومية الكينية، أن كينياتا قد يحصل على 97% من الأصوات، أما رايلا أودينغا فقد يحصل على أقل من واحد في المائة.
كان أودينغا قد دعا أنصاره إلى مقاطعة ما وصفه بأنه «مهزلة» انتخابية، معتبراً أن الظروف لم تتوافر أبداً لإجراء انتخابات شفافة. لكن بطاقات انتخابية تحمل اسمه كانت موجودة في أقلام الاقتراع.
وباتت نسبة المشاركة الضعيفة جداً، والمقدرة بـ35 في المائة، تطرح مسألة شرعية كينياتا. وإذا ما تأكدت هذه النسبة، فستكون إلى حد بعيد، النسبة الأدنى منذ أول انتخابات متعددة الأطراف في البلاد في 1992.
ومساء أول من أمس (الجمعة)، قُتل شاب بالرصاص خلال تدخل الشرطة في هوما باي (غرب) بعدما هاجمت مجموعة من الشبان مقر إقامة مسؤول في حملة أوهورو كينياتا، كما ذكر مسؤول في الشرطة لوكالة الصحافة الفرنسية. وهذا القتيل الجديد يرفع عدد القتلى إلى 49 على الأقل منذ الانتخابات التي اعتبرتها المحكمة الدستورية باطلة. وتعيد هذه الحوادث إلى الأذهان الذكرى المؤلمة لأعمال العنف الأتنية التي رافقت الانتخابات الرئاسية أواخر 2007، وأسفرت عن 1100 قتيل، وأدت إلى تشريد 600 ألف شخص.
وحذرت صحيفة «دايلي نايشن» أمس، من أن «هذه الحوادث المتفرقة التي عايشناها في السابق، يمكن أن تتحول إلى مواجهات تنجم عنها عواقب مأساوية. وإذا لم يُتخذ أي تدبير سريعاً، فمن المحتمل أن نتجه نحو هذا الوضع».
وأمام حالة التوتر، قررت اللجنة الانتخابية أول من أمس، أن تؤجل مرة أخرى في غرب البلاد، الانتخابات التي كانت ستُجرى أمس، متذرعة بـ«الخطر الذي يتهدد حياة» منظميها.
وفي أربع من مقاطعات الغرب (هوما باي وكيسومو وميغوري وسيايا) من أصل 47 مقاطعة في البلاد، لم تُجر الانتخابات الرئاسية الخميس الماضي، بسبب الفوضى. وقال صحافي في وكالة الصحافة الفرنسية، إن الوضع استعاد هدوءه صباح أمس، في كيسومو، ثالث مدينة ومعقل المعارضة.
وكشفت الأزمة الانتخابية المستمرة منذ أشهر عن مشاعر الحرمان والتهميش في نفوس قسم من المجتمع الكيني، لا سيما «أتنية ليو». ومنذ استقلال كينيا في 1963، كان 3 من 4 رؤساء من «أتنية كيكويو» التي تهيمن أيضاً على اقتصاد البلاد.
وقد أُجريت انتخابات الخميس الماضي بعد خطوة غير مسبوقة في أفريقيا، فقد ألغى القضاء في الأول من سبتمبر (أيلول) انتخابات الثامن من أغسطس (آب) التي أُعلن كينياتا بنتيجتها فائزاً على أودينغا.
وبررت المحكمة العليا هذا القرار بالمخالفات في نقل النتائج، محملة اللجنة الانتخابية مسؤولية هذه الانتخابات «غير الشفافة والتي يتعذر التحقق من نتائجها». وكان أودينغا (72 عاماً)، المرشح السيئ الحظ 3 مرات للرئاسة (1997 و2007 و2013)، قد مارس ضغوطاً لإصلاح هذه اللجنة، لكن المعارضة اعتبرت التغييرات المطبقة أخيراً غير كافية.
وبالإضافة إلى مقاطعة المعارضة والتهديدات الموجهة إلى ناخبي كينياتا (56 عاماً) في معاقل أودينغا، لم يتوجه عدد من الأنصار التقليديين للرئيس المنتهية ولايته إلى مراكز التصويت. ويمكن تفسير تراجع الحماسة بغضب الناخبين من تجاوزات الطبقة السياسية وطريقة إدارة هذه الأزمة الانتخابية المستمرة، كما قالت الصحافة الفرنسية في تقريرها.
وكرر أودينغا دعوته الجمعة، إلى حملة عصيان مدني، لإرغام السلطات كما قال على الموافقة على إجراء انتخابات جديدة في الأيام التسعين المقبلة.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.