مولدافيا بين علاقات قوية مع موسكو والتكامل مع أوروبا

TT

مولدافيا بين علاقات قوية مع موسكو والتكامل مع أوروبا

لم يتمكن الكرملين من الوقوف «متفرجاً» إزاء التطورات الأخيرة في مولدافيا، حيث تحتدم المواجهة بين الرئيس إيغر دودون الداعي للتقارب مع موسكو والبرلمان المتمسك بنهج التكامل مع الاتحاد الأوروبي وبناء شراكة معه، وصولاً إلى العضوية فيه. ومنذ الإعلان عن استقلالها عام 1991 تشهد مولدافيا مواجهات بين القوى السياسية محورها العلاقة مع موسكو. وبعد أن شهدت الفترة حتى عام 1995 ميولاً لدى الغالبية نحو نهج الابتعاد عن العلاقة مع روسيا لصالح التقارب مع الغرب، عبر تعزيز العلاقة مع «الأخ الإثني والتاريخي» رومانيا، فإن السنوات اللاحقة شهدت عودة قوية لنهج الحفاظ على العلاقات مع الجارة والشريك التاريخي روسيا.
وكان من الطبيعي أن تثير تلك التطورات قلق الكرملين، لا سيما أنه يعلق الآمال على دودون في فتح صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين، تسهم في عودة النفوذ الروسي إلى مولدافيا، وتحد من احتمال تحولها إلى منطقة تابعة للغرب، أي خصوم روسيا. ومع أن ديمتري بيسكوف، المتحدث الرسمي أكد أن ما يجري شأن داخلي مولدافي، فإنه أشار في الوقت ذاته إلى أن روسيا «تأمل أن يجري كل شيء في مولدافيا بموجب أحرف وروح القانون»، وأضاف: «نعرف أن الرئيس دودون مؤيد عقائدي للعلاقات الثنائية (بين بلدينا) لذلك بالطبع موسكو تدعم قناعاته هذه». وأكد أن «الكرملين يتابع عن كثب وباهتمام بالغ»، كل ما يجري في مولدافيا، ومهتم بالحفاظ هناك على «المزاجية الواضحة لصالح تطوير العلاقات الثنائية مع روسيا».
وشكل فوز دودون بالرئاسة نهاية العام الماضي تعبيراً واضحاً عن رغبة جزء كبير من المواطنين المولدافيين بتطبيع العلاقات مع موسكو، غير أن البرلمان الذي تتحكم فيه قوى سياسية ميالة للعلاقات مع الغرب عمل منذ البداية على عرقلة كل الخطوات التي من شأنها الإسهام في تحقيق تقارب بين الجانبين، مستغلاً بذلك إمساكه بصلاحيات واسعة يستمدها من نظام الحكم البرلماني السائد في البلاد، الذي يمنح الرئيس بالمقابل صلاحيات محدودة جداً في السياستين الداخلية والخارجية.
ودخلت الأزمة بين الرئيس والبرلماني المولدافيين أخيراً مرحلة غاية في الخطورة، يحذر مراقبون من أن تتطور وتجر البلاد إلى مواجهة من نوع آخر. وتفجر خلاف جديد بعد أن رفض الرئيس دودون مرتين الموافقة على مرشح قدّمَته الحكومة ليشغل منصب وزير الدفاع في البلاد. إثر ذلك توجه بافل فيليب رئيس الحكومة المولدافية إلى المحكمة الدستورية للاحتكام في الموضوع. وجاء قرار المحكمة غريباً بعض الشيء، ولم يقتصر على قضية تعيين وزير الدفاع بل شملت مجمل ما يتمتع به الرئيس من صلاحيات.
وقالت في قرارها إنه بحال امتنع الرئيس عن تنفيذ صلاحياته وواجباته الدستورية، يحق لرئيس البرلمان أو رئيس الحكومة أن يمارس تلك الصلاحيات, بشرط أن يتقدم أي منهما بطلب من المحكمة الدستورية، وستقوم من جانبها بمنح المتقدم بالطلب صلاحيات للتوقيع عوضا عن الرئيس.
وقد أثار قرار المحكمة الدستورية غضب الرئيس دودون، الذي اضطر للإعلان عن بدء حملة لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، والانتقال من النظام البرلماني إلى نظام الحكم الرئاسي في البلاد، حيث تقع معظم الصلاحيات بيد الرئيس.
وقال في بيان موجه للرأي العام المحلي: «لا يوجد أمام مولدافيا مخرج آخر سوى الانتخابات البرلمانية المبكرة والانتقال العاجل إلى نظام الحكم الرئاسي. نعلن عن بدء العمل على مستوى عموم الدولة بهدف حشد الدعم لنظام الحكم الرئاسي». وتوعد بالمضي قدماً إلى أن يتمكن من الحد من استغلال السلطة من جانب الحكومة والبرلمان، ودعا المواطنين إلى دعم مبادرته. ومع أن خصوم الرئيس المولدافي ما زالوا يظهرون نوعا من ضبط النفس ردا على مبادرته، فإن هناك مخاوف من أن تتفجر الأمور في أي لحظة في البلاد.



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.